إقامة دولة على حدود 67 مقابل رفع الحصار *** * تقرير دولي: (غزّة لن تكون صالحة للعيش خلال سنوات) شهدت الاتّصالات التي يقوم بها عدد من الوسطاء الدوليين أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حول ما يسمّيه البعض هدنة أو تهدئة طويلة في قطاع غزّة أو ما تضعه حركة المقاومة في خانة حلّ مشاكل القطاع وفكّ الحصار تعثّرا في الفترة الماضية يكاد يطيح بما سبق لرئيس المكتب السياسي ل (حماس) خالد مشعل وأن قال في حوار سابق إنه (اتّصالات تبدو إيجابية). فقد كشفت مصادر واسعة الاطّلاع في غزة أن المباحثات التي سعى من خلالها بلير لدفع كلّ من حركة (حماس) والكيان للاتّفاق على تثبيت وقف إطلاق النّار الهشّ في غزّة وصلت إلى طريق مسدود وتعثّرت عند نقطة خلافية لكن المصادر في غزّة أصرّت على أن التعثّر لا يعني بعد انهيار المفاوضات نهائيا. وقالت المصادر في غزة إن النصّ الذي اقترحه بلير على (حماس) وأعطاها مهلة أسبوعين أو ثلاثة لتردّ عليه في ظلّ معارضة قيادتها يحمل (لغما) إذ اشترطت دولة الاحتلال وبلير مقابل موافقة الأولى على إنشاء الميناء والمطار والتسهيلات ورفع الحصار توقيع الحركة الإسلامية على نصّ مكتوب عن عدم ممانعتها في إقامة دولة على حدود الرابع من جوان 1967. وتخشى (حماس) -وفق المصادر نفسها- أن يكون المقصود بالنصّ المكتوب جرّها واستدراجها إلى (اتّفاق أوسلو 2) لذلك طلبت الحركة الفلسطينية أن يكون الاتّفاق ميدانيا لا سياسيا ما يعني تجريده من أيّ اِلتزامات سياسية حالية ومستقبلية والإبقاء على كونه مجرّد اتّفاق لتثبيت وقف إطلاق النّار من دون أيّ اِلتزامات سياسية على الطرفين. ولفتت المصادر إلى أن (حماس) وضعت شرطا يقضي بأن تثبيت وقف إطلاق النّار الشامل يكون بعد شهرين من بدء الاحتلال تنفيذ خطوات عملية لرفع الحصار المضروب على غزّة منذ تسع سنوات بما يشمل إعلانا إسرائيليا علنيا وواضحا عن موافقتها على بناء ميناء ومطار في غزّة. ومن الشروط التي تعيق التوصّل إلى الاتّفاق -وفق المصادر نفسها- إصرار (حماس) على أن التهدئة تقتصر على قطاع غزّة وأن أيّ عمل عسكري للحركة في الضفّة الغربية يجب أن يُبقي القطاع خارج أيّ استهداف عسكري وتتحمّل إسرائيل أيّ تبعات عسكرية لذلك وهو ما سبق لمشعل أن أعلن عنه في تصريح سابق. ولا تستبعد المصادر أن يدفع وصول مفاوضات وقف إطلاق النّار إلى مرحلة الطريق المسدود الكيان إلى محاولة فرض شروطها بالقوّة عبر عدوان جديد وهو ما ظهرت إشارات في صدده أخيرا على لسان عدد من قادة دولة الاحتلال سياسيين وعسكريين. * 8 سنوات من حصار الموت قال التقرير السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتّحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أمس الثلاثاء إن قطاع غزّة قد يصبح منطقة غير صالحة للسكن قبل عام 2020 مع تواصل الأوضاع والتطوّرات الاقتصادية الحالية في التراجع. وجاء في التقرير السنوي الذي وزع خلال مؤتمر صحفي للحديث عن تفاصيله بمدينة رام اللّه وسط الضفّة الغربية أن (8 سنوات من الحصار وثلاثة حروب فتكت بقدرة قطاع غزّة على التصدير والإنتاج للسوق المحلّية وحطّمت بنيتها التحتية المتهالكة). وتابع التقرير: (الحصار والحروب التي تعرّض لها قطاع غزّة لم تترك مجالا لإعادة إعمار القطاع أو انتعاشه الاقتصادي بل تسارعت وتيرة التراجع في التنمية وانهار الاقتصاد وبنيته بشكل شبه كامل خاصّة مع الحرب الأخيرة). وتعرّض قطاع غزّة في الثامن من جويلية الماضي لحرب استمرّت 51 يوما أدّت إلى استشهاد نحو 2200 موطن وتدمير قرابة 96 ألف منزل ومنشأة حسب أرقام نهائية صادرة عن الأمم المتّحدة نهاية العام الماضي. وقدّر تقرير أونكتاد الخسائر الاقتصادية المباشرة في الحروب الثلاثة التي تعرّض لها قطاع غزّة دون احتساب الفلسطينيين الذين قضوا خلالها بثلاثة أضعاف النّاتج المحلّي الإجمالي السنوي لقطاع غزّة. ووفق أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن النّاتج السنوي الإجمالي لقطاع غزّة بلغ خلال العام الماضي 2014 نحو 2.2 مليار دولار أمريكي بينما بلغ في 2013 قرابة 3 ملايير دولار. واعتبر التقرير أن تكاليف الخسائر سيرتفع أضعافا إذا تمّ احتساب الخسائر الاقتصادية غير المباشرة بما فيها خسائر المداخيل السنوية للعائلات الغزية والتكاليف النّاتجة عن تشريد أكثر من نصف مليون مواطن خلال الحرب الأخيرة. وفي تعقيبه على التقرير أكّد ممثّل أونكتاد في فلسطين (مسيف مسيف) الذي قدّم التقرير خلال المؤتمر الصحفي إن المعطيات التي أوردها أونكتاد تعطي للفلسطينيين جرعة كبيرة من التشاؤم والسوداوية التي يعاني منها اقتصاد غزّة بشكل خاص والفلسطيني بشكل عامّ وأضاف: (المعلومات الواردة تشير إلى فقدان الأمل من أيّ جهود محلّية أو دولية لإصلاح البنية الاقتصادية حتى وإن عاودت عجلة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال) وتابع: (ربما يحتاج الاقتصاد الفلسطيني إلى معجزة اقتصادية حتى تعود أرقام النمو الاقتصادي والبطالة إلى مستويات معقولة دون ذلك فإن الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد غزّة بالتحديد سيبقى في مرحلة انكماش). وأوضح تقرير أونكتاد أن 72 بالمائة من سكّان قطاع غزّة يعانون من انعدام الأمن الغذائي معتبرا أن الحرب الأخيرة على القطاع لم تكن السبب في وقف الإنتاج (بل إن الحصار المفروض منذ عام 2007 هو المتسبّب في هذا الوقف في الإنتاج وفقدان فرص العمل على نطاق واسع). وختم التقرير محذّرا من أن دعم المانحين يظلّ شرطا ضروريا لكنه ليس كافيا للإنعاش الاقتصادي وإعادة إعمار غزةّ مضيفا: (باستمرار الحصار ستظلّ المعونات المقدّمة ذات أهمّية حيوية لكنها لن تعكس مسار تراجع التنمية والإفقار في غزّة).