أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ العنصرية .. خلق شيطاني كانت أول معصية ارتكبها إبليس اللعين عندما تكبر واستعلى ورفض الأمر الإلهي له بالسجود لأبو البشر سيدنا آدم عليه السلام .. فقد رأى إبليس أنه أرقى وأعلى من أن يسجد لبشر خلقه الله سبحانه وتعالى من طين بينما هو مخلوق من نار. لقد قصر فهم إبليس اللعين عن إدراك أن الصنعة إنما تستمد قيمتها من صانعها .. والله سبحانه وتعالى قال عن خلقته لسيدنا آدم عليه السلام: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِين * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} فنسب الله سبحانه وتعالى الروح التي بثها في أبو البشر عليه وعلى نبينا عليه الصلاة والسلام إلى نفسه نسبه تشريف وهو ما يدل على عظمتها لأن الذي سواها هو الله والذي نفخ فيها الروح هو الله سبحانه وتعالى. وبذلك كانت أول كفر ومعصية ارتكبها الشيطان هي النظرة العنصرية والطبقية التي نظر بها إبليس لخلق الله .. يقول تعالى عن ذلك: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين }. وكان نتاج هذه النظرة العنصرية المتكبرة من الشيطان الرجيم عليه لعائن الله لأبو البشر سيدنا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أن أصبح الشيطان رجيمًا ملعونًا مطرودًا إلى يوم الدين .. يقول تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}.. تكبر إبليس جعله يغفل عن تلك النفخة الربانية التي نفخها الله سبحانه وتعالى في آدم والتي فيها السر الإلهي .. وهي التي ميزت الإنسان البشري عن سائر المخلوقات .. فجميع المخلوقات خلقت من طين مثل البشر ولكن الذي يميز البشر عن سائر المخلوقات هو تلك النفخة الروحية الربانية التي جعلت في البشر القابلية للسمو والرقي العقلي والروحي فجعلته يتأمل في الكون من حوله ويتدبر ويفكر فيه ويستخلص الحكم من كل شيء حوله فيبتكر ويخترع ما يمكنه من أداء مهمته التي أوكلها الله إليه .. ألا وهي عمارة الأرض. بل كان نتيجة تلك النفخة الربانية في الإنسان إن قام بمهمته في عمارة الكون ونفع إخوانه من البشر والالتزام بالأوامر والنواهي الإلهية التي أرسل الله بها رسله أن ترتقي أرواحهم كذلك حتى تتجاوز مدارك الحواس والعقول لتتصل بالملأ الأعلى .. ومن هؤلاء الأولياء الصالحين الذي أخلصوا لله فصفت قلوبهم وأرواحهم فتعلقت بخالقها سبحانه وتعالى. ولكن هناك أنفس بشرية أبت إلا أن تعيش في دونية وتهوي بروحها وعقلها في مهاوي الشيطان فاتبعت سبيله وسارت على نهجه بالنظر إلى الناس من حولهم بعنصرية وتكبر .. فالشيطان عليه لعائن الله بعد أن طرد من رحمة الله وأصبح ملعونًا بسبب عدم سجوده لأبو البشر سيدنا آدم .. توعد بني آدم بأن يغويهم انتقامًا منهم .. يقول تعالى يخبرنا كيف كان تصرف إبليس بعد أن أصبح طريدًا ملعونًا: {قالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}. هكذا هو الشيطان .. توعدنا بالغواية انتقامًا منا .. وبعض البشر استجابوا له واتبعوا خطواته رغم أن الله حذرنا من الشيطان فقال: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.. ولكن بعض البشر استمعوا لوسواسه فمنهم من ضل عن عبادة الله سبحانه ومنهم من وقع في المعاصي واتبع الشهوات ونشروا الكراهية والعنصرية فيما بينهم وحققوا إرادة الشيطان .. فأخذوا ينظرون لبعضهم ويتعاملون مع خلق الله تبعًا للونهم أو مكانتهم ومالهم أو جنسهم أو دينهم .. يقول تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}.