بقلم: محمد عمارة إنَّ ولاةَ الأمور وحُكامَ المسلمين هم نوابٌ عن الأمة : - فالسلطة الحقيقية الأصيلة هي للأمة - والحاكمون وولاة الأمر ليسوا بمعصومين وكل بني آدم خطاء - والخطأ في الولايات أكثر وقوعاً من الخطأ في الشأن الخاص - وآثاره الضارة أكبر وأعم - ومِن ثم فالوزر عليه أشد وأثقل. ولِصاحِبِ الحقِّ الأصيلِ سلطانٌ لا يُنَازَع في مراقبة وكيلِهِ ونائِبِهِ وخليفته في أداء ما فَوَّضَ إليه مِن مهام كي تُنْجَزَ هذه المهامُّ على النحو الذي أراده صاحبُ الحق عندما عَقَدَ لنائبِهِ عقدَ الوكالةِ والإنابةِ والتفويضِ. كما نسى هؤلاء الفقهاء أيضاً: - أنَّ الحُكام المتغلبين أو الظلمة : قد تولوا السلطةَ بلا بيعة شرعية حرة معتبرة - وأنَّ ظُلمَ الحاكم وجوره وفسقه وضعفه هى أسبابٌ مُسْقِطَةٌ لطاعته تُحِلُّ الأمةَ مِن بيعتها له حتى ولو كانت له في عنقها بيعةٌ حرةٌ شرعيةٌ صحيحةٌ لأن في الجور والفسق والضعف : نَقْضَاً لشروط التعاقد و تخلفاً بصفات وشروط ولاة الأمر وفق شريعة الإسلام التي صاغ أبو بكر مَبْدَأَهَا في عبارته الشهيرة فإنْ عصيتُ اللهَ ورسوله فلا طاعة لي عليكم . إنَّ بعضاً من علماء السوء وفقهاء السلاطين يزعمون: - أن الإسلام يُوجِبُ على الرعية طاعة الحكام هكذا بإطلاق وفي كل الأحوال.. - وأنه يطلب من الأمة شكر الحاكم إذا عدل والصبر على ظلمه إن هو كان ظالماً. وهم يحسبون أنهم يخدعون الأمة عندما لا يميزون: - بين الاستسلام والضعف والاستكانة للظلم والمنكر وهي مما حرمها ونهى عنها الإسلام - وبين الصبر الإسلامي الذي هو شجاعة واحتمال في مواجهة الشدائد على درب النضال من أجل تطبيق فرائض الإسلام وفي مقدمتها مقاومة الجور ومغالبة الظالمين.
وإذا جاز الصبر على الظلم عند العجز عن مقاومته.. وإذا كانت الطاعة واردة للأمراء الذين يمنعون الرعية حقوقها فلذلك ضوابط: - تَمْنَع الإطلاقَ - وتجعل الهيمنةَ هي للنصوص المتسقة مع روح الشريعة. مِثْل: - أنْ تكونَ الحقوقُ الممنوعةُ خاصةً بالمطيعِ وَحدَه - وفي حالةِ ما إذا كانت المقاومةُ مستحيلةً أو مفضيةً إلى شرّ مُحَقَّق يَفُوقُ الشرَّ المتمثلَ في منع الحقوق. أما الدعوةُ إلى تربية الأمة على خُلُق الصبر على الظلم والاستئثار و طاعة مَن يغتصبون حقوقها : فليس من الإسلام ولا مما يتسق مع روح شريعته الغراء ! أولو الأمر الذين يتولون السلطة في الدولة والمجتمع والأمة والذين لهم الطاعة لابد أن يكونوا مِن الأمة [أي]: - مختارين منها ب الشورى والاختيار والبيعة - و معبرين عن هويتها الحضارية ومصالحها الشرعية المعتبرة. لا مفروضين عليها ب سلطة القهر والتغلُّب أو ب وسائل الغش والتزوير . [السيادة] في النظام الإسلامي هي للأمة وليست لحاكم أو فقيه أو زعيم أو حزب أو جماعة من الجماعات. ولأن الشورى: - هي آلية المشاركة في صنع القرار في الدولة الإسلامية - وهي السبيل إلى تحقيق سلطة الأمة المستخلفة عن الله في إقامة شريعته وفي اختيار السلطة التي تراقبها الأمة وتحاسبها وتعزلها عند الاقتضاء. لأن ذلك كذلك: - كان الحكم الشُّورِيُّ الجماعيُّ هو الشرط في وجوب الطاعة على الأمة لولاة أمورها.. - وكان العزل للحكام الذين لا يحكمون بالشورى واجباً.