55 سنة على مظاهرات 11 ديسمبر 1960 *** * مساهمة: عبد الحفيظ عبد الحي مظاهرات 11 ديسمبر 1960 من أبرز المحطات النضالية في تاريخ الجزائر حيث رسمت هذه المظاهرات صورة جديدة تؤكد مدى ارتباط الشعب بالثورة ففي هذه المظاهرات خرج الجزائريون في مظاهرة سلمية يوم 11 ديسمبر 1960 لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال شارل ديغول الرامية إلى الإبقاء على الجزائر جزءا من فرنسا في إطار فكرة الجزائر الجزائرية من جهة وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين مازالوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية قامت السلطات الفرنسية بقمع هذه المظاهرات بوحشية مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء.. أسباب المظاهرات سعت جبهة التحرير الوطني لمجابهة سياسة شارل ديغول والمعمّرين معا حيث ارتكز ديغول على الفرنسيين الجزائريين لمساندة سياسته والخروج في مظاهرات واستقباله في عين تموشنت يوم 9 ديسمبر 1960 ولم تكن جبهة التحرير الوطني محايدة بل دخلت في حلبة الصراع بقوة شعبية هائلة رافعة شعار (الجزائر مسلمة مستقلة) ضد شعار ديغول (الجزائر جزائرية) وشعار المعمّرين (الجزائر فرنسية). بعد وقائع المظاهرات المساندة لسياسة شارل ديغول يوم 9 ديسمبر ومظاهرات المعمرين يوم 10 منه جاء زحف المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر ليعبر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة مطالبا بالاستقلال التام حيث خرجت مختلف الشرائح في تجمعات شعبية في الساحات العامة عبر المدن الجزائرية كلها ففي الجزائر العاصمة عرفت ساحة أول ماي كثافة شعبية متماسكة مجندة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال وهتاف بحياة جبهة التحرير وعمرت شوارع ديدوش مراد وتصدت لها القوات الاستعمارية والمعمرون المتظاهرون وتوزعت المظاهرات في الأحياء الشعبية في بلكور وباب الوادي والحراش وبئر مراد رايس والقبة وبئر خادم وديار السعادة والقصبة كانت الشعارات متحدة كلها حول رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة وتحيا الجزائر حرة مستقلة وتوسعت المظاهرات لتشمل العديد من المدن الجزائريةالبليدةوقسنطينةوعنابة وغيرها حمل فيها الشعب نفس الشعارات ودامت المظاهرات أزيد من أسبوع. لكن الآلة الاستعارية تصدّت للمظاهرات بوحشية ففي مدينة وهران الواقعة غرب الجزائر خرج الفرنسيون ينددون بديغول ويتمنون له المشقة مردّدين شعار الجزائر فرنسية ومن جانبهم خرج الجزائريون ينادون باستقلال الجزائر ومع تدخل القوات الاستعمارية في عمق الأحياء العربية سقطت العديد من الأرواح الجزائرية دون أن تمنع خروج المتظاهرين إلى الشوارع في اليوم الموالي هاتفين بالاستقلال وحياة جبهة التحرير الوطني. وبعيدا عن العاصمة ووهران دامت المظاهرات أزيد من أسبوع شملت قسنطينةعنابة سيدي بلعباس الشلفالبليدةبجاية تيبازة أولاد رشاش بخنشلة وغيرها بينّت كلها بفعل الصدى الذي أحدثته على أكثر من صعيد حالة الارتباك التي أصابت الاستعمار وعن مدى إصرار الشعب الجزائري على افتكاك السيادة المسلوبة منه منذ 1830. وبالمناسبة ألقى فرحات عباس في 16 ديسمبر 1960 خطابا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب وفضح فيه للعلن وحشية وغطرسة الاستعمار. موقف الحكومة المؤقتة بعد أن حققت جبهة التحرير انتصارا سياسيًا واضحا ردًا على سياسة ديغول والمعمّرين معا ألقى الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960 خطابا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب وتمسكه بالاستقلال الوطني وإفشاله للسياسة الاستعمارية والجرائم المرتكبة ضد المدنيّين العزل. نتائج المظاهرات - أكدت المظاهرات الشعبية حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية وفظاعته أمام العالم وعبر عن تلاحم الشعب الجزائري وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني والقضاء على سياسة ديغول المتمثلة في فكرة الجزائر جزائرية وفكرة المعمّرين الجزائر فرنسية. - أما على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني واقتنعت هيئة الأممالمتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوّتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي. - اتّساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي وحتى في فرنسا نفسها خرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات تأييد كان لها تأثيرٌ على شعوب العالم ودخلت فرنسا في نفق من الصراعات الداخلية وتعرّضت إلى عزلة دولية بضغط من الشعوب الأمر الذي أجبر شارل ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري وهي المفاوضات التي انتهت باستقلال الجزائر وتكريس انتصار (الجزائر جزائرية) على (الجزائر فرنسية).