الاحتفالات الرّسمية تقام بولاية ورفلة تحيي الجزائر اليوم الأربعاء الذكرى ال 53 لتظاهرات 11 ديسمبر 1960، والتي جاءت بعد عذاب مرير مع المستعمر الغاشم الذي أراد سلب بلدنا الجزائر وجعلها فرنسية تنتمي إلى أراضي ليست بأراضيها، حينها انفجر الشعب الجزائري وخرج إلى الشوارع مطالبا بالحرّية وتقرير المصير وإعطائه حقّه المسلوب منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين الجزائر في 1830، وفي هذا السياق أعلن وزير المجاهدين محمد الشريف عباس في هذا الشأن عن إقامة الاحتفالات الرّسمية المخلّدة لهذه المظاهرات بولاية ورفلة. أعلن وزير المجاهدين محمد الشريف عباس في شهر نوفمبر الماضي أن الاحتفالات الرّسمية المخلّدة لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 لهذه السنة ستقام بولاية ورفلة، موضّحا في ردّه على سؤال لنائب بالمجلس الشعبي الوطني بشأن عدم تصنيف مظاهرات ورفلة ليوم 27 فيفري 1962 كأحداث وطنية على غرار مظاهرات 11 ديسمبر 1960 و17 أكتوبر 1961 أن وزارة المجاهدين (قرّرت تنظيم الاحتفالات الخاصّة بمظاهرات 11 ديسمبر 1960 لسنة 2013 بولاية ورفلة). ملحمة.. الوزير أضاف آنذاك أنه سيتمّ تنظيم يوم دراسي كلّ سنة بولاية ورفلة لتسليط الضوء على مظاهرات 27 فيفري 1962 التي وقعت في هذه المدينة وسقط خلالها العديد من الشهداء، مبرزا في ذات السياق أن مظاهرات ورفلة (مدرجة ضمن برنامج احتفالات اللّجنة الولائية لمدينة ورفلة)، معتبرا هذه المظاهرات بمثابة (ملحمة من نضال الشعب الجزائري). وأشار محمد الشريف عباس إلى أنه ستقام كلّ سنة بمناسبة هذا الحدث احتفالات وملتقيات وموائد مستديرة وتظاهرات رياضية احتفالا بهذا التظاهرة التي (عبّر خلالها سكان هذه المنطقة عن تمسّكهم بالوحدة الوطنية ورفضهم القاطع لكلّ المناورات الفرنسية الهادفة إلى فصل الصحراء الجزائرية عن باقي التراب الوطني). واعتبر الوزير أن تلك المظاهرات التي قام بها سكان ورفلة (شكّلت دعما قويا للوفد الجزائري المفاوض من أجل استرجاع السيادة الوطنية وأبرزت مدى تمسّك سكان هذه المنطقة بالوحدة الوطنية)، وخلص في سياق حديثه إلى القول إن السلطات الجزائرية (تعتبر أن كلّ الأحداث والمظاهرات التي وقعت إبّان الثورة التحريرية حلقات مترابطة ومتكاملة للكفاح الذي قام به الشعب الجزائري من أجل استرجاع سيادته)، مشيرا إلى أنه (لا يوجد أيّ تمييز أو مفاضلة فيما يتعلّق بهذه الأحداث الوطنية). جاء الانفجار.. جرّاء كلّ تلك الضغوطات خرج الجزائريون في مظاهرة سلمية يوم 11 ديسمبر 1960 لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال شارل ديغول الرّامية إلى الإبقاء على الجزائر جزءا من فرنسا في إطار فكرة الجزائر الجزائرية من جهة وضد موقف المعمّرين الفرنسيين الذين ما زالوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية، وقتها قامت السلطات الفرنسية بقمع هذه المظاهرات بوحشية، ممّا أدّى إلى سقوط العديد من الشهداء. وعملت جبهة التحرير الوطني لسياسة شارل ديغول والمعمّرين معا، حيث ارتكز ديغول على الفرنسيين الجزائريين لمساندة سياسته والخروج في مظاهرات واستقباله في عين تموشنت يوم 9 ديسمبر 1960 وعمل المعمّرون على مناهضة ذلك بالخروج في مظاهرات وفرض الأمر على الجزائريين للردّ على سياسة ديغول الداعية إلى اعتبار الجزائر للجميع في الإطار الفرنسي، وقد اعتبرت هذه من أقوى أسباب المظاهرات. جبهة التحرير تقول "لا" لديغول لم تكن جبهة التحرير الوطني محايدة، بل دخلت في حلبة الصراع بقوة شعبية هائلة رافعة شعار الجزائر مسلمة مستقلّة ضد شعار ديغول (الجزائر جزائرية) وشعار المعمرين (الجزائر فرنسية). وبعد وقائع المظاهرات المساندة لسياسة شارل ديغول يوم 9 ديسمبر ومظاهرات المعمّرين يوم 10 ديسمبر جاء زحف المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر ليعبّر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة مطالبا بالاستقلال التام. ... من كلّ فجّ عميق خرجت مختلف الشرائح في تجمّعات شعبية في الساحات العامّة عبر المدن الجزائرية كلّها، ففي الجزائر العاصمة عرفت ساحة الورشات (أوّل ماي حاليا) كثافة شعبية متماسكة ومجنّدة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال وحياة جبهة التحرير، وعمّت شوارع ميشلي (ديدوش مراد حاليا) وتصدّت القوات الاستعمارية والمعمّرون المتظاهرون وتوزّعت المظاهرات في الأحياء الشعبية في بلكور صلامبيي (المدنية حاليا)، (ديار المحصول حاليا)، باب الوادي، الحرّاش، بئر مراد رايس، القبة، بئر خادم، ديار العافية، القصبة ومناخ فرنسا (وادي قريش)، كانت الشعارات متّحدة كلّها رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقّتة وتحيا الجزائر. وتوسّعت المظاهرات لتشمل العديد من المدن الجزائرية كوهران، الشلف، البليدة، قسنطينة، عنابة وغيرها حمل فيها الشعب نفس الشعارات، ودامت المظاهرات أزيد من أسبوعين ليأتي تصدّي القوات الاستعمارية للمتظاهرين بوحشية. موقف الحكومة المؤقّتة بعد أن حقّقت جبهة التحرير انتصارا سياسيا واضحا ردّا على سياسة ديغول والمعمّرين معا ألقى الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960 خطابا في شكل نداء، أشاد فيه ببسالة الشعب وتمسّكه بالاستقلال الوطني وإفشاله للسياسة الاستعمارية والجرائم المرتكبة ضد المدنيين العزّل. وقد أسفرت هذه التظاهرات عن تأكيد المظاهرات حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية وفظاعته أمام العالم، وعبّرت هذه المظاهرات عن تلاحم الشعب الجزائري وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني والقضاء على سياسة ديغول المتمثّلة في فكرة الجزائر جزائرية وفكرة المعمرين الجزائر فرنسية. أمّا على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني، واقتنعت هيئة الأمم المتّحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوّتت اللّجنة السياسية للجمعية العامّة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبرّرات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرّأي العام العالمي. انتصار دولي كذلك اتّساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم، خاصّة في العالم العربي وحتى في فرنسا نفسها، خرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات تأييد كان لها تأثير على شعوب العالم ودخلت فرنسا في نفق من الصراعات الداخلية وتعرّضت لعزلة دولية بضغط من الشعوب، الأمر الذي أجبر شارل ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري، وهو الأمل الوحيد لإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلّي.