حروب المصالح الغربية تشعل المنطقة العربية النفط والغاز.. محور الصراع في الشرق الأوسط نشر موقع (ميدل إيست أي) البريطاني تقريرا حول أسباب ارتفاع منسوب التوتّر بين أنقرةوموسكو والأهداف الحقيقية للتدخّل الرّوسي في سوريا قال فيه إن هدف الكرملين هو السيطرة على مواقع إنتاج النفط والغاز وكذلك تأجيج الصراع من أجل رفع أسعار النفط العالمية. قال الموقع في تقريره إن الموارد الطاقية كانت على مر عقود محور مشاكل الشرق الأوسط فالغزو العراقي للكويت في الثاني من أوت 1990 كان سببه بالأساس اقتصاديا إذ كان العراق يعاني من أزمة ديون بسبب الحرب ضد إيران وقد اتهم صدام حسين الكويت برفع الإنتاج واستغلال الحقول النفطية المشتركة بين البلدين من أجل الإبقاء على سعر البرميل منخفضا وعندما رفضت الكويت الاستجابة لضغوط صدام حسين وتغيير سياستها قرر هذا الأخير إعلانها (الكويت) (المحافظة التاسعة عشرة للعراق) وبعد سلسلة من العقوبات الاقتصادية والقرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي تم تشكيل تحالف دولي من أجل مواجهة الجيش العراقي ولكن صدام قبل اضطراره للخروج قام بحركة أخيرة انتقامية حيث قام الجنود العراقيون بإضرام النار في أكثر من 600 بئر نفط في الكويت عملا بمبدأ (إذا لم تكن هذه الموارد لي فهي ليست لأحد). وقال التقرير إن روسيا واصلت دعمها لنظام بشار الأسد منذ اندلاع الثورة السورية وظلت ترسل له الأسلحة وتستعمل ورقة الفيتو في وجه كل القرارات الأممية التي تلزم الأسد بمغادرة السلطة. ولكن بما أن العلاقات بين روسيا والنظام السوري تعود إلى أكثر من 40 سنة وكون موسكو هي أكبر مزود للأسلحة لسوريا وفي ظل وجود قاعدة جوية في مدينة طرطوس الساحلية فإن الكثيرين لم يبحثوا عن أسباب أعمق للسياسة الروسية. وذكر التقرير أن تعقيدات الصراع على الطاقة في الشرق الأوسط كثيرة إذ أن قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم اقترحت إنشاء خط أنابيب يمر عبر سوريا لإيصال الغاز الطبيعي إلى أوروبا في سنة 2009 ولكن الأسد رفض هذا المقترح لأنه يريد حماية مصالح حليفه الروسي بما أن روسيا هي أول مزود لأوروبا بالغاز وبوتين يحب دائما أن يهدد الأوروبيين بقطع الغاز الطبيعي عنهم في أي لحظة. وأضاف التقرير أن الأسد على الرغم من رفضه هذا العرض أعجبته الفكرة ودخل في مفاوضات مع إيران لإنجاز خط الأنابيب نفسه بهدف إيصال الغاز الإيرانيوالعراقي لأوروبا عبر سوريا وبالفعل بدأ التخطيط لهذا المشروع من أجل إنشاء خط شيعي يمر من إيران عبر العراقوسوريا إلى أوروبا ومن هنالك بدأت بذور التحالف الطائفي تتشكل. * حروب المصالح بالطبع وافقت روسيا على هذا المشروع بما أن لديها القدرة على التحكم في القرارات الإيرانية ولا يمكنها في المقابل السيطرة على القرارات القطرية كما أن قاعدتها العسكرية في طرطوس ستمكنها من مراقبة هذا الخط وشركة (غازبروم) الروسية هي التي ستكون المسؤولة عن أشغال إنشاء هذا الخط وتشغيله. وكل هذه الأسباب جعلت خط الأنابيب المنطلق من إيران أولوية بالنسبة لروسيا لهذا فإنها عندما قامت بإرسال قواتها في شهر أكتوبر الماضي نحو سوريا لم تسع فقط لدعم نظام بشار الأسد بل كانت تريد الحفاظ على مصالحها الاقتصادية. أما عن علاقة تركيا بهذه الأطماع الروسية بالمنطقة فقد ذكر التقرير أن تركيا على الرغم من شح مواردها الطاقية ظهرت في الفترة الأخيرة في قلب كل مخططات نقل الغاز الطبيعي والنفط من منطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أوروبا حيث إن كل المشاريع التي تمت دراستها تعتمد على نقل الطاقة عبر تركيا وهو ما سيعني انخفاض أسعار النفط والغاز وكذلك تقلص حصة روسيا من مشتريات الطاقة الأوروبية وهو أمر مصيري بالنسبة لروسيا التي تعتمد بشكل كلي على تصدير المنتجات الطاقية. وأضاف التقرير أن بوتين الذي يسعى للسيطرة على السوق العالمية للنفط والغاز وجعل إيرانوسوريا والبحر الأبيض المتوسط منطقة نفوذ له أصبح ينظر إلى تركيا على أنها عائق أمام هذه المخططات. ومن بين المشاريع التي تخشى روسيا تنفيذها في تركيا هناك مشروع خط أنابيب (نابوكو) ومشروع خط الأنابيب العابر للأناضول وخط الأنابيب العابر لمنطقة البحر الأدرياتيكي ولو تحقق المشروع القطري بإنشاء خط أنابيب عابر لسوريا فإن ذلك سيمثل ضربة قاضية بالنسبة للكرملين. واعتبر التقرير أن النوايا الحقيقية التي يخفيها التدخل الروسي في سوريا يمكن أن تفسر إلى حد ما رد الفعل غير العقلاني الذي قامت به موسكو بعد إسقاط أنقرة طائرتها التي انتهكت الأجواء التركية. لكن سعي موسكو للتصعيد وتوتير الأجواء في المنطقة يطرح تساؤلات جديدة. وأوضح التقرير في هذا السياق أن روسيا تعاني من أزمة اقتصادية بسبب انهيار أسعار النفط الذي يمثل أكبر مصدر للدخل في هذه البلاد كما أنها لم تعد قادرة على مجاراة نسق إنفاقها العسكري في السنوات الأخيرة وبالتالي فهي تسعى لتوتير الأجواء مع تركيا حتى ترتفع أسعار النفط العالمية بسبب مخاوف الشركات من انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط. وفي الختام قالت الصحيفة إن تركيا تسعى بكل الطرق لتهدئة الأجواء لأن الدخول في مواجهة سيعني ضررا شاملا لكل الأطراف لكن مخاوف أغلب الملاحظين في الوقت الراهن هي من قيام بوتين بخطوة متهورة كما فعل صدام سابقا عملا بمبدأ (إذا لم أحظ أنا بهذه الموارد فلن يحظى بها أحد). * أردوغان: (صراع القوى تحوّل إلى مأساة بذريعة داعش) من جانبه قال الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إن (صراع القوى في سوريا تحوّل بذريعة الحرب على داعش إلى مأساة والجميع يسعى إلى سلب دور الآخر لكن هناك دماء تراق وحياة تُدمّر). وأضاف أردوغان في كلمة له خلال فعاليات الذكرى ال 742 لوفاة المتصوف التركي جلال الدين الرومي في مدينة إسطنبول أنه (عند النظر إلى عمليات ذلك البلد الذي يقصف سوريا في إشارة إلى روسيا نرى أن 10 بالمائة منها تستهدف تنظيم داعش و90 بالمئة تستهدف المجموعات المعارضة للنظام بينهم إخوتنا التركمان أي أنه يستهدف المسلمين). ولفت أردوغان إلى (مقتل 400 ألف إنسان بريء في سوريا وتهجير 12 مليون من منازلهم ووطنهم) ونوّه إلى أنه (لا فرق بين منظمة بي كا كا ومنظمة الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب) لافتا إلى أن (لا دين ولا عرق ولا وطن للإرهاب) وأوضح أن (الشيء المؤلم هو أن تلك المنظّمات الإرهابية الموجودة في المنطقة تتغذى بشكل مكشوف أو مخفي من المصادر ذاتها). من جهة أخرى أشار الرئيس التركي أن الأسلحة التي تراكمت في المنطقة بدعوى الحرب على (الإرهاب) تحولت إلى أدوات قتل بيد المنظمات الإرهابية. وأكد ضرورة القضاء على )داعش) في العراقوسوريا والدول الأخرى بأقصى سرعة ممكنة. وأردف الرئيس التركي قائلا: (أنا كوني سفيرا وأخا لكم يجول حول العالم أريد أن تعلموا أن العالم الإسلامي يراقب تركيا ويتابعها لذلك فإن مسؤوليتنا كبيرة جدا ونحن مضطرون كأمة إلى تحقيق أهدافنا بسرعة لأجلنا ولأجل إخواننا ولأجل الإنسانية جمعاء وأن نعطي الأمان لصديقنا ونزرع الخوف في نفوس أعدائنا).