سلط موقع «المونيتور» الأميركية، الضوء على قرار المفوضية الأوروبية بوضع ملصقات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وقال إنه جاء ليبرز نشاط الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، والتي تعرف باسم «بي دي إس». وأضاف أن قرار الاتحاد الأوروبي ربما يشير إلى حجم الدور الذي يقوم به الفلسطينيون في القارة الأوروبية لتفعيل حركة «بي دي إس» في مختلف القطاعات مثل الاقتصاد والجامعات والثقافية. يمكن الحديث عن نشاطات عديدة لمقاطعة إسرائيل في أوروبا عام 2015، سواء على صعيد المقاطعة الأكاديمية أو الثقافية، حيث انضمَّ اتحاد الطلبة في بريطانيا ويضم حوالي 7 ملايين طالب لمقاطعة إسرائيل يوم 3 جوان، وإلغاء بعض الحفلات الفنية الأوروبية في إسرائيل كما حصل مع المغني النرويجي «مودي» في جوان ، أو على صعيد المقاطعة الاقتصادية، حيث أعلن المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء في يونيو أن اقتصاد إسرائيل خسر نتيجة المقاطعة الأوروبية للمنتجات الزراعية من المستوطنات الإسرائيلية ما يُقدّر ب6 مليارات دولار عامي 2013 و2014، ويتوقع أن تصل الخسائر نتيجة المقاطعة ل9.5 مليار دولار نهاية 2015. وفي هذا السّياق، قال يوسف الجمل، الذي نشر عام 2015 دراسة عن «دور الشتات الفلسطينيّ في الغرب في مقاطعة إسرائيل»، من جامعة «ملايا» بماليزيا، حيث أنهى دراسة الماجستير فيها هذا العام، وهو يعمل باحثاً في مركز الدراسات السياسيّة والتنمويّة بغزّة: «إنّ الفلسطينيّين في أوروبا والولايات المتّحدة شاركوا في نشاطات المقاطعة المركّزة في الجامعات الأوروبيّة والكنائس، وينخرطون مع المؤسّسات الأوروبيّة والأميركيّة المنادية بمقاطعة إسرائيل، وشكّلت المواقف الأوروبيّة الداعمة نسبيّاً لفلسطين نقطة قوّة لنشطاء المقاطعة، وهم في غالبهم غير منتمين للأحزاب السياسيّة، لكنّ السلطة الفلسطينيّة تحاول إحباط جهود المقاطعة بالأنشطة التطبيعيّة مع الإسرائيليّين». وشهدت الأشهر الأخيرة نشاطاً متزايداً لفعاليّات الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (بي دي إس)، وانعكس آخرها في 22 نوفمبر، بإعلان جمعيّة علماء الأنثروبولوجيا الأميركيّة مقاطعة المؤسّسات الأكاديميّة الإسرائيليّة، وسبقها في 27 أكتوبر عبر توقيع 343 أكاديميّاً بريطانيّاً يمثّلون 72 جامعة ومؤسّسة تعليميّة بريطانيّة على عريضة لمقاطعة إسرائيل. وتحدّث رئيس مؤتمر فلسطينيّي أوروبا ماجد الزير ل «المونيتور» عن أهمّ أسباب زيادة المقاطعة الأوروبيّة لإسرائيل، ومنها «استمرار مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ داخل الأراضي المحتلّة، واتّساع رقعة العنف الإسرائيليّ ضدّ الفلسطينيّين، ومساهمة الحروب الإسرائيليّة الثلاث الأخيرة على غزّة 2008، 2012، و2014، في خلق وعي أوروبيّ بتفعيل المقاطعة ضدّ إسرائيل، ونشوء مؤسّسات فلسطينيّة محترفة في السياسة والإعلام والإغاثة، ومنها: مجلس العلاقات الفلسطينيّة- الأوروبيّة في بروكسل، مركز العودة الفلسطينيّ في لندن، وحملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا، تساهم في مقاطعة إسرائيل، وتنسج علاقات مع الطبقات السياسيّة الأوروبيّة». وقال: «تمويل المؤسّسات الناشطة في مقاطعة إسرائيل المذكورة آنفاً مثل مجلس العلاقات الفلسطينيّة- الأوروبيّة في بروكسل، ومركز العودة الفلسطينيّ في لندن، وحملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا، ذاتيّ محدود، ولا توجد استراتيجيّة فلسطينيّة على المستوى الرسميّ أو الفصائليّ في التعامل مع قضيّة المقاطعة داخل القارّة الأوروبيّة، لأنّ الانقسام الفلسطينيّ يساهم في إضعاف جهود هذه المؤسّسات». ورغم ما يعتبره الفلسطينيّون في أوروبا من نجاحات حقّقوها في مقاطعة إسرائيل داخل أوروبا، لكنّ هناك إشكاليّات حقيقيّة تواجههم، ومنها: قلّة الموارد الماليّة، وعدم تبنّي السلطة الفلسطينيّة لجهودهم، وحال الانقسام السياسيّ الفلسطينيّ، وبقاء النفوذ السياسيّ لإسرائيل داخل العواصم الأوروبيّة، رغم بعض إخفاقات إسرائيل في الآونة الأخيرة. وفي هذا الإطار، قال الأكاديميّ المتخصّص في السياسة الخارجيّة الأوروبيّة تجاه الشرق الأوسط، والحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة إكسرت البريطانيّة أديب زيادة، ويعمل متفرغاً في مجال الأبحاث السياسية، ل «المونيتور»: «مقاطعة إسرائيل في أوروبا تتصاعد عبر خطوات تحاكي ما كان يوجّه ضدّ نظام الفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا (الأبارتهايد)، مثل عدم التعامل الجامعات الأوروبية مع نظيرتها الإسرائيلية، مقاطعة البضائع الإسرائيلية، الملاحقة القانونية للضباط الإسرائيليين فور وصولهم أراضي الاتحاد الأوروبي بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.