امرأة من حديد رفعت شعار التحدي لمياء تخوض غمار مهنة تربية الأبقار بكل عزم الإرادة كما يقال تحقق المعجزات وهو فعلا ما حققته لمياء التي خاضت الغمار في ميدان صعب ألا وهو ميدان تربية الأبقار بحيث لم يغرها مستواها العلمي المرموق قي امتهان حرفة ملائمة وودعت التعليم بعد أن أحرزت ليسانس في الأدب العربي كطموح كانت تحلم به العائلة إلا أن حنينها للأبقار والميدان الفلاحي كان أقوى فاستسلمت بكل سهولة لخوض معركة أخرى بعد معركة نهل العلم وهي معركة تربية الأبقار وخدمة الأرض وجني خيراتها. ليس عسيرا على سكان (مشتة عيون السلطان) الواقعة على بعد بضعة كيلومترات عن مركز بلدية أحمد راشدي بولاية ميلة رؤية فتاة في ربيع عمرها الثامن والعشرين مرتدية لباس العمل وهي تعكف على ممارسة نشاطها المهني داخل مزرعتها المختصة في تربية الأبقار. حلمها كان أقرب إلى الطبيعة والأرض كان المنظر في البداية غريبا على الكثيرين -كما تقول لمياء زبوشي- خريجة الجامعة الجزائرية تخصص أدب عربي سنة 2012 - (ولكن الناس ألفت تدريجيا رؤيتي بل اعتبرتني بعدها مثالا للتحدي في مجال كان بالأساس حكرا على الرجال لقد وجدت راحتي وحريتي في هذا المجال الذي توارثته العائلة أبا عن جد) تضيف لمياء في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية مستدركة بأن (رغبة الأب كانت في البداية تريدني معلمة لكن حبي للحرية وللطبيعة والأرض كان أكبر أثرا في دفعي نحو توجهي الراهن). 10 أبقار حلوب لبداية المسيرة وبعدما درست لعدة أشهر في مؤسسات تعليمية بذت الناحية بدأت ابنة (مشتة عيون السلطان) مسيرتها مع الفلاحة وتربية الأبقار الحلوب أواخر العام 2013 - عندما اقتنت 10 أبقار حلوب في إطار مشروع استثماري دعمته وكالة (أونساج)- لدعم تشغيل الشباب. وحظيت الشابة المتحدية بعدها بدعم ومساندة أبيها الذي اشترى لها أربع بقرات أخرى (ليشهد نشاطي توسعا بفضل المواضبة والنشاط الحثيث حيث بلغت حظيرتي حاليا مجموع 24 بقرة حلوب مع عمليات البيع والشراء) كما تقول. عزيمة وتحدّ في مجتمع ريفي صعب كان الخوف في البداية يعتريني من مجتمع ريفي لم يكن أليفا عنده خروج المرأة فجرا أو تخلفها ليلا من أجل العمل كما كنت أخاف الحيوان وأخشى التقرب منه تواصل لمياء التي تؤكد تغلبها سريعا على هذه الهواجس بعدما (سادت روح الثقة والاحترام كما أضحى الحيوان عندي أليفا). وتمارس مربية الأبقار الشابة اليوم نشاطها بدءا من الخامسة والنصف صباحا إلى غاية الثامنة ليلا من خلال مجموعة من الأنشطة اليومية مثل قياس درجات الحرارة للأبقار ومراقبة حالة أضرعها الحلوبة ومتابعة عمليات الحلب الذي بدأته يدويا قبل أن يصبح آليا بفضل تطوير نشاطها. ركلات الأبقار تبقى في ذاكرة لمياء وتتذكر الفتاة كيف كانت تجد صعوبات جمة في حلب الأبقار في البداية ما جعلها تتعرض ل(ركلات قاسية من الأبقار) ما زالت تحتفظ ببعض آثارها إلى اليوم. ومن حالة غياب الكهرباء التي دفعتها في البداية لاقتناء مولدات كهربائية بعدها استفادت مع غيرها من الفلاحين من الربط الكهربائي بفضل مساعي موفقة مع السلطات الولائية. إنتاج من 80 إلى 100 لتر من الحليب يوميا واليوم تستفيد لمياء زبوشي من استخدام أجهزة الحلب ما يجعلها تحقق من 80 إلى 100 لتر يوميا من الحليب الطازج الذي تبيعه لجامعي الحليب. وتحظى مزرعة هذه الشابة الفلاحة من مرافقة بيطرية ومن خدمات عامل يومي ومساعدة الأب والإخوة) الهدف الذي يوجد نصب الأعين حاليا يرمي إلى توسيع أكثر للنشاط وتكوين مزرعة حقيقية تقول لمياء. وفي هذا المجال تطمح لمياء إلى الحصول على (قطعة أرض لإقامة وحدة حليب وأجبان يمكنها أن تخلق الثروة وتوفر القيمة المضافة كما تفتح مناصب عمل مفيدة لشباب المنطقة (تقول معربة عن (روح طموح عالية). قبولها كفلاّحة... شرط في زوج المستقبل وفي نظر الخريجة السابقة لمعهد الآداب واللغات العربية فإن الفلاحة مجال خصب للاستثمار فيه وتحصيل الرزق (بعيدا عن أهواء البحث عن الربح السريع) وهي (مجال مفتوح للرجال كما للنساء) كما تؤكد تجربتها البسيطة. وحسب إحصائيات مديرية المصالح الفلاحية فإن عدد النساء المستثمرات في الفلاحة يناهز حاليا نحو عشر مستثمرات في عدة مجالات فلاحية وتقول لمياء زبوشي إن من شروطها في الزوج المستقبلي أن يقبلها كفلاحة ومستثمرة في هذا المجال (إذ لا تتصور نفسها متخلية عن مزرعتها لأي سبب كان). وفي انتظار ذلك طلبت المستثمرة لمياء خلال لقاء بدار الثقافة (مبارك الميلي) حول الاستثمار الفلاحي من الوالي الحالي (المساعدة على تعبيد طريق بطول 1200 متر يربط مشتتها عيون السلطان حتى تسمح بسيولة التنقل والتواصل والحركة). الانشغال تم تسجيله والأمل يظل قائما في تجسيده على أرض الواقع وفي سبيل تثمين مؤهلات وقدرات فلاحية كبيرة لمصلحة الاقتصاد الوطني.