بقلم: قسول جلول قال أنس رضي الله عنه (من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة) وقيل: إن المكارم كلها لو حصلت...... رجعت جملتها إلى شيئين تعظيم أمر الله جل جلاله...... والسعي في إصلاح ذات البين كل المسلمين يترقبون ويولون وجوههم نحو جنيفسويسرا ما تسفر عنه نتائج المفاوضات للفصل في الصراع الذي طال أمده وزاد شرره كأنه جمالات صفر بعض الناس يصفون الصراع السياسي السوري الدائر حاليا بأنه ذو صبغة طائفية لكن الكثير من العلماء يرفضون قبول اصباغ الحرب بصبغة دينية لضرب الإسلام والمسلمين وتدخل جهات أجنبية لتغذية هذا الصراع. إن وجود فئات وأقليات مثل الدروز والإسماعيلية والعلوية المسيحية وأتباع الطائفة الكاثوليكية واليونان الأرثوذكس فليس هذا سبب في العداوة والبغضاء فإلى وقت قريب كانت الحياة بين هذه المجموعات المختلفة تسير على نحو سلس يرضي الجميع ويوافق الجميع لكن الفترة الأخيرة اتسمت بتنامي الاضطرابات والغموض كما أصبحت القوى الغربية والدول المعادية أكثر اتحادا وأدعت بأنها حامية لحقوق الأقليات. ومدافعة عنها فتجاذبت وتقاسمت كل قطعة من سوريا أرضا وفكرا هذه التوترات احتدمت وازدادت شرخا وتوسعا وانفلتت مقاليد الأمور من يد أبنائها ومن يدمن ينادون بالقومية العربية ومن يد الأمة الإسلامية ومن الجامعة العربية ومن المؤتمر الإسلامي وأن كل المبادرات لإصلاح ذات البين باءت بالفشل وأن مبادرات الإصلاح المحلي والإقليميى دائما تلقى صدا وسدا منيعا ببساطة أن المغلوب يسير وراء الغالب على قاعدة بن خلدون ويذهبون إلى سويسراوجنيف. فالمفاوضة بين الإخوة السوريين تنطلق من الفشل وتنتهي إلى الفشل حادثة بذالك شرخا إضافيا وبعدا سياسيا يزداد به الشعب ألما والبلاد دمارا وخرابا ومع زيادة حدة العنف في سوريا وساندت الأطراف الخارجية أطراف الصراع المختلفة ورسمت ملامح الصراع على نطاق أوسع بصدام بين السنة والشيعة. وبين وبين وساعد ذلك الوضع العام العالمي وما يتميز به من صراعات إديولوجية وتموقعات إستراتيجية... أنأ أرى والله أعلم أن المفاوضات السورية تفتقد إلى الدور الديني الذي من شأنه التقريب بين الإخوة الأعداء وعندما أقول الدين لا أقصد الإسلام فقط ولكن كل الديانات لاتوافق ولا تقبل ما يجري في سوريا. لماذا هذا الشقاق؟ لا ريب أن الشقاق والخلاف حذر منه الإسلام وحتى الديانات الأخرى ومن أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة الَّتي يوغر بها صدور الخلق لينفصلوا بعد اتحاد ويتنافروا بعد اتفاق ويتعادوا بعد أُخوَّة وقد اهتمَّ الإسلام بمسألة احتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وأخذها بعين الاعتبار وذلك لأن المؤمنين بَشَر يخطئون ويصيبون ويعسر أن تتَّفق آراؤهم أو تتوحَّد اتجاهاتهم دائماً ولهذا عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها بدءاً من مرحلة المشاحنة والمجادلة ومروراً بالهجر والتباعد وانتهاءً بمرحلة الاعتداء والقتال كما هو مشاهد في القطر السوري ولماذا نبعد عملا من العوامل وعنصرا من العناصرالأساسية للتوافق بين المتفاوضين وخاصة أن الأزمة تدور رحاها بمصطلحات دينية يوظف فيها الإسلام كعامل تفرقة وتعبئة وتجنيد لقتال الإخوة الأعداء واأسفاه وهذا بمثابة التقدم إلى الخلف والصعود إلى الأسفل فلماذا غاب الصلح من ألسنة الأئمة والعلماء ؟الصلح بالمصطلح الديني والمصالحة الوطنية بالمصطلح الحديث وأصبح بعضهم لسان حال السياسيين يدعون إلى التفرقة وإلى تأجيج نارالعداوة والبغضاء أين المؤتمرالإسلامي؟ أين المجامع الفقهية ؟ أين رابطة العالم الإسلامي ؟ أيها القارئ الكريم أقل شيء يعبر به المؤمن هو الاهتمام بما يعانيه الإخوة السوريون كان صلى الله عليه وسلم شديد الخوف على المسلمين عظيم الرأفة بهم يسره ما يصلحهم ويحزنه ما يضرهم والإسلام دين يدعو إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه وهذا ما تفتقد إليه المفاوضات السورية وليس ثمة خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين ويقرب فيها بين قلبين فبالإصلاح تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة هذا. ونعلم الناس أن الإصلاح عبادة جليلة وخلق جميل يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو خير كله (والصلح خير) [النساء: 128]. بالإصلاح تكون الأمة وحدة متماسكة يعز فيها الضعيف ويجبر فيها الخلل ويقوى رباطها ويسعى بعضها في إصلاح بعض ويصلح المجتمع وتأتلف القلوب وتجتمع الكلمة وينبذ الخلاف وتزرع المحبة والمودة. والإصلاح عنوان الإيمان (إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات: 10]. وما نشاهده هو غياب الإصلاح بمفهومه العقدي ولذلك هلكت الشعوب والأمم وفسدت البيوت والأسر وتبددت الثروات وانتهكت الحرمات وعم الشر القريب والبعيد. وأصبح الساسة لايتقون الله في شعوبهم يبيعون ويشترون في رقاب الناس فالذي لا يقبل الصلح ولا يسعى فيه رجل قاسي القلب قد فسد باطنه وخبثت نيته وساء خلقه وغلظت كبده فهو إلى الشر أقرب وعن الخير أبعد والإصلاح عبادة عملية تتطلب عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين ويعيد الوئام إلى المتنازعين إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب ولا يقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله شرفت أقدارهم وكرمت أخلاقهم وطابت منابتهم وللإصلاح فقه ومسالك دلت عليها نصوص الشرع وسار عليها المصلحون المخلصون ومنها: النية الصالحة وابتغاء مرضاة الله (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما) [النساء: 114] وتجنب الأهواء الشخصية والمنافع الدنيوية فهي مما يعيق التوفيق في تحقيق الهدف المنشود. يقول الله (لاَّ خَيْرَ فِى كَثِير مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَوْ مَعْرُوف أَوْ إِصْلَاح بَيْن النَّاسِ) [النساء:114] وكلما ضاق نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه. وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن وأخيرا.. الدعاء الدعاء بأن يجعل الله التوفيق بين إخواننا السوريين والليبيين وأن يجعل لهم مخرجا وفرجا وأن يحقن دماءهم وأن يوحد كلمتهم وأن يجمع شملهم إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.