بسبب تركيبتها الطبيعية ومنافعها الحناء تنافس مواد التجميل بين النسوة تعتبر الحناء رفيقة النساء في كل وقت وحين خاصة في المناسبات الاجتماعية والعائلية السعيدة وأيضا لتزيين الجسد ونضارة الجلد فهي صديقة المرأة التي لا تكاد تتخلى عنها وهي الأصل الذي تعود إليه بالرغم من تقدم وسائل الزينة والتجميل. وترتبط الحناء من جهة أخرى ببعض المعتقدات والعادات الشعبية التي تجعل منها إما فأل خير أو نذير شؤم قد يضر بالنساء خاصة بالفتيات والمتزوجات حديثا الأمر الذي يطرح عدة أسئلة حول هذا الحضور القوي لمادة الحناء. الحناء عادة وصحة والذي يجذب الأمازيغيات إلى مادة الحناء هو فوائدها الجمة من الجانب الصحي وعلى مستوى ما تمنحه للجسد من زينة ونضارة طبيعية ومن بين هذه الفوائد استخدامها من طرف العديد من النساء في تخضيب أصابع الأيادي والأرجل والشَّعر أيضا فهي تعطي له القوة المطلوبة كما أنها تعالج فروة الرأس من مشكلة القشرة. وتستخدم بعض النسوة الحناء أيضا للتداوي من صداع الرأس وآلامه النصفية وتشقق القدمين والفطريات التي تتخذ بين الأصابع مكانا لها وعلاج بعض الأورام بعجن الحناء ووضعها عليها مدة محددة من الزمن. وتفضل بعض النساء صباغة شعورهن بمادة الحناء عوض اللجوء إلى الأصباغ التي تحتوي أغلبها على مواد كيماوية تضر بخصلات الشعر ومنبته وفروة الرأس أيضا وتحصل المرأة بفضل استعمال الحناء على شعر أحمر اللون من خلال خلط الحناء بعصير الليمون وبعض المواد الأخرى مثل البن وبياض البيض للحصول على عجين متماسك فيتم وضع قناع على الشعر.. المجتمع الأمازيغي يتمسك بالحناء ويبرز حضور الحناء أكثر في المجتمع الأمازيغي في المناسبات الاجتماعية السعيدة خاصة حيث لا تكاد تمر مناسبة الزفاف أو العقيقة مثلا دون أن تكون الحناء حاضرة تزين أيادي وأرجل العروس وأحيانا كثيرة يد العريس أيضا أو كفي المولود الجديد وحتى الحاضرات المدعوات إلى هذه الحفلات السعيدة. وتسمى ليلة تزيين العروس بليلة الحناء ويُستدعى لها النساء فقط من أسرتي الزوجين معا ويتم خلالها الاحتفال بالعروس والحناء معا حيث تظل الفتاة جالسة فترة طويلة أمام المرآة المكلفة بوضع الحناء للعروس التي تزوق يديها ورجليها بتأن واضح حتى يخرج الشكل الفني لأطراف العروس في أجمل منظر لكونها ليلة العمر بالنسبة للعروس ولزوجها لهذا يكون الحرص على أن يكون تزيين الفتاة بالحناء بشكل مناسب وخلاب. مزج العادة ب التقدام وتمتزج طقوس تزيين العروس بالحناء مع أهازيج ومواويل غنائية أو كما يعرف ب(التقدام) من ترديد النساء الكبيرات في السن. وأحيانا من طرف فرقة غنائية تحيي تلك الليلة الخاصة بالحناء إلى أن تنتهي العروس من تخضيب يديها ورجليها بالحناء وفي الوقت ذاته ترمي الحاضرات بقطع نقدية على صحون الحناء التي تكون عادة بجانب قوالب السكر والبيض وهي مواد ترمز إلى البياض وتؤشر على التفاؤل بحياة سعيدة بين الزوجين. ونفس الاحتفالات بيوم العقيقة عند ازدياد مولود جديد تحضر الحناء بقوة لتزين الأم وطفلها أيضا وتشبه العقيقة حفل الزفاف وكأنه عرس مُصغر لكن الحناء تظل الطقس الأكثر تواجدا في العقيقة. الحناء تحضر بقوة في الأعياد وحتى في المناسبات الدينية من قبيل عيد الأضحى تحضر الحناء بقوة عند الأسر الأمازيغية حيث تعمد العديد من النساء إلى طلي مقدمة رأس كبش العيد بالحناء تفاؤلا وتبركا به وأيضا في عيد الفطر ترسم النساء والبنات صغيرات السن على أياديهن أشكالا مميزة من الحناء. وتحضر الحناء أيضا في الهدايا المتبادلة حيث تحرص الأسر في بعض المناطق على إكرام ضيوفها من النساء باشتراط عدم مغادرتهم إلا بعد التزين بالحناء في اليدين والرجلين دليلا على كرم الضيافة. ولما للحناء من مكانة في المجتمع الأمازيغي صارت تشكل هاجسا أضحى بمثابة الاعتقاد والإيمان بقوتها وتأثيرها على حياة الفرد باعتبار أن هناك العديد من الأسر الأمازيغية تعتقد أن عدم تخضيب العروس بالحناء ليلة زفافها هو فأل سيء ونذير شؤم عليها وحتى على قريباتها من الفتيات المقبلات على الزواج لهذا يكون الحرص شديدا منهن على التبرك بالحناء ولو بوضع قسط قليل منها على أياديهن على شكل دائرة. اعتقادات وخرافات تطال الحناء ومن الاعتقادات الشعبية المتداولة الأخرى أن الإكثار من استعمال الحناء يقذف في قلب المرأة الحنان والعطف ويجعلها محبوبة عند الناس كما أن وضع الفتاة العانس لأوراق الحناء في عنقها على شكل قلادة يتيح لها إمكانيات الزواج لكن أغرب هذه المعتقدات تكمن في الإيمان بأن الجلوس تحت شجرة الحناء ليلا يصيب بالمس لأنها مأوى للجن.. ولم تعد الحناء مادة تخص النساء كبيرات السن مثل الأمهات والجدات بل أضحى نقشها على الأذرع والرجلين وأسفل الظهر من مؤشرات الانفتاح على العصر ومواكبة تقليعات الموضة الحديثة.