تعد حنة العروس من أهم التقاليد التي تطبع سهرات الأعراس القسنطينية ، حيث تعتبر فأل خير وبركة في الأعراس الجزائرية عامة على اختلاف العادات والتقاليد من منطقة إلى أخرى، إذ أن العروس بعاصمة الشرق تحضر لحنتها بارتدائها الجبة المعروفة بقندورة القطيفة أوالفرقاني استعداد للقاء أهل العريس لتخضيب يديها بالحنة أو ما تسمى «بالجرية»، كما تضع فوق رأسها ما يعرف «بالدراية» و التي تحمل اللون الأصفر أو الأبيض زيادة على ارتدائها لمصوغات وحلي ذهبية كثيرة و لو اضطرت إلى استعارتها. ومن طقوس وضع الحنة، أن تحمل كل من قريباتها شمعة طويلة وكلهن يرتدين جبة «الفرقاني»، حيث تقوم أخت العريس أو إحدى قريباته غير المتزوجات رفقة واحدة من أهل العروس بمرافقة العروس إلى مكان التجمع للحنة و هما تحملان شمعتين طويلتين، ثم تقوم بعدها أم العريس أو عمته أو خالته بتحضير صينية الحنة و هي التي تحتوي على مرش نحاسي، الحليب وماء الزهر وطبق من النحاس توضع فيه الحنة، إضافة إلى المكسرات و حلوى «الدراجي». بعدها تقوم واحدة من أهل العريس ببل الحنة بالحليب وماء الزهر و الذي يعتبر رمزا لطيبة وصفاء نفس العروس، إضافة إلى ماء الزهر لتكون ذات حظ وافر وتزيينها بقطع السكر وخمسة الشمع، وتخضب يد العروس بشكل دائري و توضع «لويزة» فوق الحنة، وتلبس قفازا في جو تملأه الزغاريد حيث تقوم النساء الكبيرات في السن بترديد أغاني تراثية قديمة خاصة بالحنة تسنى «التقدام». وبعد الحناء تأتي عملية الرشقة، حيث تقدم أم العريس مبلغا من المال يضاف إلى الهدية الذهبية التي يتم الاتفاق عليها مسبقا حسب قدرة العريس، والهدية حسب عادات أهل قسنطينة خيط الروح أوالمحزمة، إلا أنها عادة زالت عند الكثيرين، وبانتهاء الحنة تقوم أم العروس بغسل طابق الحنة بالماء حتى تزول آثارها نهائيا مخافة السحر وهو قول شائع بقسنطينة... ولعل هذا القول الشائع بات سببا في خوف عديد العائلات من طبق الحنة، حيث كثيرا ما نجد أن الأمهات وبعد الانتهاء من طقوس الحنة مباشرة يقمن بفرض رقابة صارمة ومشددة على الطبق وعلى الحضور وكل من يقترب منه، فيما يقوم بعضهن بتوكيل بعض قريباتهن المقربات والموثوق فيهن لحراسة الحناء قبل وأثناء ربطها، حيث تمنع هذه القريبات اقتراب أي شخص كان خاصة الغرباء، خوفا من أن تعبث بحنة العروس يد شريرة بغرض الشعوذة والسحر، حيث تؤكد بعض الأمهات أن حنة العروس تستعمل للتفرقة بين الزوجين أو حرمان العروس من نعمة الأولاد. وهي الأسباب والمعتقدات ذاتها التي أجبرت عائلات أخرى على التخلي عن هذه العادة وحرمان بناتها من هذه الطقوس التقليدية مخافة إصابتهن بعين حاسدة أو استعمال حنتهن بالسلب لسحرهن وحرمانهن من الأطفال حسبما هو شائع لدى الكثيرين، باعتبار أن لحنة العروس أهمية كبيرة، حيث كانت تقوم سابقا والدة العروس، و بنية حميدة بوضع شيء من حنة ابنتها بيد الفتيات العازبات لجلب الحظ بزواج سريع لهن. غير أن استعمال الحنة لأفعال مسيئة و مخزية أجبرت عديد الأسر إما على الاحتفال بها وسط رقابة مشددة، أو التخضيب بها في نطاق ضيق بين العائلة الصغيرة فقط، في حين تلجأ بعض العرائس إلى صالونات الحلاقة والتجميل للتزين بالأشكال والرسوم الجديدة و والخاصة بالحرقوس التونسي أونقوش الحنة الهندية من خلال وشوم فوق الكتف والأرجل والأيدي خلافا للحنة التقليدية.