يعتبرونه في المعاهد الأزهرية حالة خاصة، فرغم أنه كفيف، إلا أنه حفظ القرآن الكريم كاملا قبل أن يتم الثامنة من عمره وفي الشهادة الابتدائية كان الأول على مستوى مصر للتلاميذ المكفوفين. عبد الرحمن ابراهيم الفقي ابن قرية بطينة بالمحلة الكبرى ولد كفيفا ولكن والده عاهد الله على أن يهب ابنه للدعوة الإسلامية. الاب لا ينسى يوم ولادة ابنه عبد الرحمن عندما تم إخباره بأن زوجته أنجبت له ولدا وسجد لله شكراً وأطلق اسم عبد الرحمن على مولوده. لأنه اختار اسمه خلال فترة حمل زوجته فيه. ولم تكتمل فرحة الأب عندما اكتشف أن ابنه ولد فاقدا للبصر ولكنه لم يفقد ايمانه بالله سبحانه وتعالى، وبدأ يتردد على الأطباء الذين أكدوا أن هناك أملا بسيطا في أن يبصر ابنه مرة أخرى. ورغم تضاؤل نسبة الأمل عزم الأب على أن يتردد على الأطباء وأجرى له جراحة زرع قرنية. وكانت ساعات الجراحة هي الأطول والأصعب على الأب في حياته، وحمد الله عندما أخبره الطبيب بأنه لابد أن يرضى بقدر الله. والد عبد الرحمن في تلك اللحظة حمد الله وسجد له. وقال اللهم إني راض بما قسمته لي، ودعا لابنه بأن يكون صالحا. ونسى الأب أن ابنه فاقد البصر ورضي بقضاء الله سبحانه وتعالى وذات يوم كان الأب يردد حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفوجئ بأن ابنه الذي لم يذهب الى المدارس بعد، ذكرَ الحديث قبله. ملكة الحفظ لدى الابن جعلت الأب يثبت مؤشر المذياع على إذاعة القرآن التي من خلالها حفظ الابن سور القرآن وعدداً كبيراً من الأحاديث النبوية وعندما بلغ عبد الرحمن السادسة من عمره أرسله الأب إلى الشيخ رضا المرسي ليحفظه القرآن الكريم وخلال عامين حفظ الطفل الكفيف القرآن كاملاً إضافة إلى العديد من الأحاديث والقصص الإسلامية. 50 شهادة تكريم وشارك الأب بابنه في جميع مسابقات القرآن الكريم التي تقام على مستوى مصر وحصد أكثر من 50 شهادة تكريم وآخر مراحل التفوق أنه فاز بالمركز الأول في مسابقة القرآن الكريم على مستوى مصر والتي أقيمت في محافظة حلوان حيث حقق المركز الأول متفوقاً على الجميع رغم أنه كفيف. ويقول عبد الرحمن ل"الاتحاد" الإماراتية إنه يحمد الله وأنه راض بما قسمه له فهو يرى بقلبه وحفظ القرآن في سن الثامنة وتفرغ الآن لحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويضيف: ما يشغلني الآن أن أكون متفوقا وأكون الأول في جميع مراحل التعليم. وفي الشهادة الابتدائية العام الماضي كنت الأول على مستوى مصر وحصلت على مجموع 448 من 450. وعن الكلية التي يرغب الدراسة بها قال: إن شاء الله سوف ألتحق بكلية أصول الدين حتى أكون أستاذاً للحديث والفقه فقد وهبت نفسي للدعوة الإسلامية، وأشكر أبي لأنه قرر أن يهبني للدعوة الإسلامية. وعندما سألته عن الأديب الراحل الدكتور طه حسين قال: نعم أعرفه وقرأ لي أبي قصته ولكنني أود أن أكون شخصية أخرى غيره فقد أخذت من قصته الإصرار ولكنني لا أحب أن أكون نسخة أخرى منه فأنا من جيل الانترنت والكمبيوتر وأملك جهاز كمبيوتر وأتصفح المواقع عليه مثل أي مُبصر. والدي وأبو تريكة وعن الشخصيات التي أثرت فيه قال: لا أنسى أن أشيد بدور والدي الذي تفرغ لي ويصاحبني في كل المسابقات رغم أنها غير مربحة فالجوائز المالية قليلة، ولكن والدي يشجعني حتى أحقق حلمه وأكون الأول في كل مسابقة لأنه يود أن أكون أستاذاً بجامعة الأزهر. والشخصية الثانية هو الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان الذي احتضنني عندما عرف أنني حفظت القرآن في سن الثامنة وأعطاني عدة نصائح أهمها ألا أغضب الله وأجعل القرآن صديقاً لي وأن أحافظ على حب الناس وابتعد عن الغرور والتعالي. وقال: قابلت نجم الأهلي ومنتخب مصر محمد أبو تريكة وتحدث معي بأسلوب رقيق وقال إن حفظة القرآن دائما في القمة بالسلوك والعلم، وإن كنت فقدت نور عينيك فقد عوضك الله بنور القرآن. وعرض أن يساعدني ولكنني قلت له إن سبب قدومي له هو أن أحقق أمنية في نفسي بأن أقابل اللاعب الذي نال حب الجماهير العربية وقبَّل رأسي وتمنى لي التوفيق وطلب مني أن أزوره كلما وفدتُ إلى القاهرة. وقال عبد الرحمن: آخر الشخصيات التي تأثرت بها كان الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي من خلال أسلوبه الرائع جعل لدي شغفاً بأن أحفظ كل الأحاديث وسمعت منه تفسير القرآن الكريم وأرى أنه يصعب تعويضُه. وبسؤاله عما إذا كان يشعر بأنه طفل مختلف عن أقرانه بسبب فقدانه البصر قال: الحمد لله لم أشعر بأنني ناقص عنهم وافعل ما يفعلون، هم يشاهدون التلفزيون وأنا أشاهد مثلهم ولكنني أشاهد بقلبي وسمعي وأنا راض بذلك. * .."إن شاء الله سوف ألتحق بكلية أصول الدين حتى أكون أستاذاً للحديث والفقه فقد وهبت نفسي للدعوة الإسلامية، وأشكر أبي لأنه قرر أن يهبني للدعوة الإسلامية".