بقلم: ماهر أبو طير* قيل في الأمثال إن (الملافظ سعد) أي أن ألفاظ الإنسان يجب أن تكون لطيفة جميلة ذات دلالات على السعد أو الخير وكأن اللفظ هنا أو المفردة اللغوية تستدعي روحها عند نطقها فإذا قلت شرا جاء الشر وإذا قلت خيرا جاء الخير. الاشقاء في سورية مثلا وعلى سبيل المثل وليس الحصر أمضوا عمرهم وهم يعبرون عن حبهم وغزلهم بكلمة (تقبرني) والسورية تلفظها (تئبرني) وهي أعلى درجات الحب والغزل وتمني الحياة لمن تحب السورية أو السوري لكننا عشنا حتى رأينا في الكلمة نبؤوة والسوريون يدفنون بعضم البعض حقا هذه الأيام في مشهد مؤلم جدا فالأب يدفن ابنه الشهيد والسورية تدفن زوجها وكأن أمنية أن يقبروا بعضهم قد تحققت فاللفظ لم يكن سعدا في الأساس حتى لو تأجل كشف أستاره ودلالته. عندنا وعند غيرنا ذات النمط فتسمع أمثالا وتعبيرات قبيحة فتسأل أحدا عن أحواله فيريد أن يعبر عن حاله المتعب فيقول لك (من وينلك هم الله ببعتلك) فأنظروا إلى قبح التعبير والألفاظ التي فيها أولا اتهام لله عز وجل بأنه يرسل الهموم وهو المسؤول عن أخطاء حياتنا ولايعرف أنه هكذا يستزيد من غضب الله عبر ألفاظه وتعبيراته التي لاتنم عن سعد ولاعن لياقة بل عن سوء أدب مع الله. ثالثة سمعتها ذات مرة وهي تشكو من وضعها المالي فتجدف بألفاظ لاعلاقة لها بالسعد فتقول إن الله عز وجل حين جمع أرواح البشرية قبل الخلق لتقسيم الرزق لم تكن حاضرة وهي هنا تستعمل تعبيرات في غاية السوء والتجاوز تعبيرا عن الحرمان والفقر فتسأل نفسك كيف ستخرج من فقرها وهي تعبر عن سخطها من الله بألفاظ سيئة؟!. تتصل برابع وتسأله عن حال الطريق الذي يسلكه لأنك تريد المرور منه فبدلا أن يقول لك إن الطرق مغلق أو أن هناك أزمة سير يقول لك (الشارع كله بلاوي) فتحتار في تعبيرات الناس ولماذا لايجدون ألفاظا طيبة جميلة مؤدبة للتعبير عن مواقفهم أو مكنونات صدورهم وقد تسأل آخر عن وضعه فيقول لك (مآكل هوا) أو غير ذلك من تعبيرات نلاحظها يوميا في حياتنا فتنفعل روح الكلمة ويأكل من الهواء أو غيره أكثر وأكثر. خامس يغازل خطيبته فيقول لها (وينك ياكلبة) فتضحك الأخرى بكل بلاهة لأنها تعتبر الكلمة معبرة عن محبة مفرطة وليس عن قلة أدب وآخر يلاعب نجل شقيقه فيعبر عن إعجابه بنشاط جسده فلا يجد كلمة لإبداء رأيه سوى القول(والله إنك قرد) وهكذا لو فتحتم آذانكم خلال اليوم لعددتم آلاف الألفاظ البذيئة. في الأمثال (الملافظ سعد) وفي الواقع فأن ألفاظ أغلبنا سيئة نستعمل تعبيرات سيئة في التعبير عن مشاعرنا ولايعرف كثيرون أن المفردة اللغوية كائن حي فمجرد ذكرك لكلمة تنفعل روح الكلمة وتصير واقعا وبدلا من الطاقة السلبية التي نبثها عبر المفردات والكلمات في وجوه الناس لنجرب معا تغيير قواميس تعبيراتنا هذا فوق أن اللسان يعبر عن الشخصية والبيئة الاجتماعية التي زودت قاموس الإنسان منذ طفولته بكل هذه الاألفاظ. لذلك يقال إن (الملافظ سعد) لكننا في حياتنا نهين اللغة والتعبيرات العامية وقد سألت أحدهم ذات مرة عن وضعه الاقتصادي فلم يجد تعبيرا سوى أن يقول (ملتعن عرضي) فيتوقف قلبك فكيف يستوي اللسان الذاكر لله أولا مع هكذا بذاءة وكيف يمكن أن يكون يوما سعدا ونحن نتفنن في إطلاق التعبيرات القبيحة في وجوه بعضنا البعض. نهارك السعيد يبدأ بكلام جميل فاللغة مفتاح كل البوابات.