الشيخ: قسول جلول سمي العيد عيداً لعوده وتكراره وقيل لأنه يعود كل عام بفرح مُجَدَّد وقيل تفاؤلاً بعوده على من أدركه. ومن المعلوم أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وهذان العيدان يتكرران في كل عام وهناك عيد ثالث يأتي في ختام كل أسبوع وهو يوم الجمعة. حكمة العيد: إن الله - تعالى - قد شرع العيدين لحكم جليلة سامية أما بما يتعلق بعيد الفطر فإن الناس قد أدوا فريضة من فرائض الإسلام وهي الصيام فجعل الله لهم يوم عيد يفرحون فيه ويفعلون فيه من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهارٌ لهذا العيد وشكرٌ لله على هذه النعمة فيفرحون لأنهم تخلصوا بالصوم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبوها فكان أن جعل الله يوم الفطر عيداً ليفرح المسلم بنعمة مغفرة الذنوب ورفع الدرجات وزيادة الحسنات بعد هذا الموسم من الطاعات وأما بالنسبة لعيد الأضحى فإنه يأتي في ختام عشر ذي الحجة التي يسن فيها الإكثار من الطاعات وذكر الله وفيها يوم عرفة الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صيامه يكفر ذنوب سنتين وأما بالنسبة للحجاج الواقفين على جبل عرفة فإن الله يطلَّع عليهم ويشهد الملائكة بأنه قد غفر لهم ذنوبهم فكان يوم عيد الأضحى الذي يلي يوم عرفة يوماً للمسلمين يفرحون فيه بمغفرة الله ويشكرونه على هذه النعمة العظيمة روى أبو داود عن أنس - رضي الله عنه - قال: قدم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم عيدان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)) وصلاة العيد مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين. وقد شُرعت صلاة العيد في السنة الأولى من الهجرة وهي سنة مؤكدة واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- والخلفاء من بعده فقد روى الشيخان عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - أن أعرابياً جاء إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ فقال: ((الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً)) قال الإمام النووي: (جماهير العلماء من السلف والخلف على أن صلاة العيد سنة). ووقتها يبدأ وقت صلاة العيد بعد شروق الشمس بربع ساعة تقريباً وينتهي بدخول وقت صلاة الظهر ويسن تقديم الصلاة في الأضحى وتأخيرها في الفطر قال ابن قدامة: (يُسنُ تقديم الأضحى ليتسع وقت الأضحية وتأخير الفطر ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر). ومن السنة إقامة صلاة العيد في مصلى واسع قريب خارج البلد حتى يسهل على الناس الذهاب إليه فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى) ويجوز تعدد أماكن مصلى العيد في البلد الواحد عند الضرورة ويجوز إقامة صلاة العيد في المسجد. كما يسن التكبير في العيدين: يبدأ التكبير في عيد الفطر من ثبوت رؤية هلال شوال حتى يقوم الإمام لأداء صلاة العيد ويبدأ التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة حتى آخر أيام التشريق (وهو الثالث عشر من ذي الحجة). يمكن لكل مسلم أن يردد إحدى صيغ التكبير التالية: - الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. - الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. - الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد. أحكام عن صلاة العيد: - صلاة العيد ليس لها سنة قبلية ولا بعدية فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفطر ركعتين لم يصل قبلها ولا بعده. - صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة وقد روى مسلم عن جابر بن سَمُرة قال: صليت مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - العيدين غير مرة بغير أذان ولا إقامة قال ابن القيم: كان النبي - صلى الله عليه وسلم _ إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة والسنة أنه لا يُفعل شيء من ذلك. وصلاة العيد ركعتان يُسنُ للمصلي أن يُكبِّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام ولم يرد ذِكْر مخصوص يقال بين التكبيرات ويجوز أن يقول بين التكبيرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شك في عدد التكبيرات بنى على العدد الأقل. ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى ويقرأ في الثانية بعد الفاتحة بسورة الغاشية أو يقرأ في الركعة الأولى بسورة (ق) وفي الركعة الثانية بسورة القمر مع مراعاة جهر الإمام بالقراءة. يُسنُ للإمام بعد أداء صلاة العيد أن يخطب في الناس خطبة جامعة ويستحب أن يفتتحها بحمد الله ويسن له كذلك الإكثار من التكبير أثناء الخطبة الأولى ويذكر الناس بفضل الله عليهم وحثهم على التوبة النصوح وتقوى الله في السر والعلانية في الخطبة الثانية والإكثار من أعمال البر لا تفسدوا علينا فرحة العيد !!؟ فإننا في عيد الأضحى !!! مظاهر في العيد لاينبغي لها أن تكون لا دليل نقلي أو عقلي يجيز زيارة القبور في أيام العيد ..!!!؟. لا لتجديد الهموم والأحزان بزيارة المقابر يوم العيد!! بفقد أحد الأقارب أو الوالدين ..أو الأبناء فيحزن الإنسان بفقدهم والفراغ الذي تركوه في العائلة .!!. المظهرالأول يقابلك في يوم العيد التسول في الطرقات وأمام المساجد هذا مخالف لمظاهر العيد التي تدعو المؤمن الفقير أو الغني للفرح ولبس الجديد والناس كلهم بالعيد فرحين !! المظهر الثاني زيارة المقابر لأنه مخالف لحكمة العيد ولا يوجد دليل يخصص زيارة المقبرة يوم العيد أو ثاني يوم العيد وإحياء المواجع والأحزان وإن كانت زيارة القبور مستحبة فليس في أيام العيد الفرح والسرور المظهر الثالث: ذبح الأضحية ولم يعط حق الفقير من العجب العجاب أنه في يوم العيد يقل الطعام في يوم عيد الأضحى من السنة التوسعة على العيال والإكثار من الصدقة.. كان إلى وقت قريب يوم العيد نأكل فيه أجمل الأطعمة وأشهاها ولا تكون حتى في الأيام الأخرى؟!! لكن نحن عكسنا الأمر!! أي فرح في يوم عيد الأضحى قد ينعدم فيه الخبز والإطعام كما شاهدنا في السنوات الماضية ... تعلق المطاعم وينقلب الأمر من التصدق. إلى الحاجة للطعام .....أي عيد!!؟ فإن لكل أمّة عيد يأنسون فيه ويفرحون وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها وعيد الأضحى قد شرعه الله تعالى لأمّة الإسلام قال الله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا) [الحج:34] روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاس قال: (منسكًا أي: عيدًا). وعيد الأضحى يكون بعدَ ركن مِن أركان الإسلام ألا وهو حج بيت الله الحرام فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالة من وحي السماء عُنوانُها الزكاةُ والإحسانُ والتوسعة. والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييد تخضع له النفسُ وتَسكُنُ إليه الجوارح وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ وتتنبّه له الشهوات. والأعياد في الإسلام لها أخلاق وآداب منها: الفرح والسرور بقدوم العيد: فالعيد جعل للفرح والسرور لا لتجديد الهموم والأحزان بزيارة المقابر يوم العيد قد أحد الأقارب ...أو الوالدين ..أو الأبناء فيس الإنسان بفقدهم والفراغ الذي تركوه في العائلة .... وهذه المحبة تجعلهم يتذكرونهم يوم العيد يجتمعون صغارا وكبار يبكون لساعات !!!؟ والأبناء الصغار قلوبهم طرية يبكون أكثر من الكبار أي نتعاون على البكاء ....ونتعاون على طرد فرح العيد ونجعله يوم حزن !!؟ والنبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا الفرح يوم العيد: قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمرُ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهم أمنًا بني أرفدة. أخرجه البخاري. وسمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام منها: الأكل من الأضحية وصدقة الأضحية ولأنّ العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبًا بسبب ذلك. ففي العيد يستريح الأشقياء ويشمون ريح السعادة ويتنفس المختنقون في جو من السعة وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق ويتنعم الواجدون بأطايبه. ففي العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير وتهش النفوس الزكية إلى الإحسان. وفي العيد تنطلق السجايا على فطرتها وتبرز العواطف والميول على حقيقتها. وما سن الاغتسال والتطيب والتزين إلا لطرد الأحزان لأن المظهر يعبر عن المخبر وإلا لو كان الحزن في العيد لأمرنا أن نلبس لباسا رثا ولا نتطيب ولا نتزين الخ !! فإن من سنن العيد إظهار الفرح والسرور والحرص على الاغتسال والتطيب والتزين ولبس الجديد عن نافع أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. أخرجه مالك في الموطأ. وثبت أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين. أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح ويستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء وأنّ التجمل يوم الجمعة والعيد واستقبال الوفود كان مشهورا. اعلموا أن العيد له مكانة عظيمة وآداب سامية يجب أن يعرفها المسلم والمعايدة (كان أصحاب رسول اللَّه إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم) وقد جرت العادة في كثير من المدن بالتهنئة بقول: عيدكم مبارك أو كل عام وأنتم بخير فإن قالها فلا حرج وما يفعله الناس اليوم من التواصل والتواد والزيارات في العيد أمر محبوب لأنه مظهر من مظاهر صلة الأرحام والقيام بحق والقريب قال ابن رشد: سئل مالك عن التهاني للقرابة في يوم العيد والتزاور فأجاز ذلك.