من كمال العناية الإلهية بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أن الله سبحانه وتعالى عصمه وحفظه من الناس قال تعالى: والله يعصمك من الناس وتجلى ذلك في كثير من المعجزات التي وقعت لحضرته صلوات الله وسلامه عليه ومنها معجزة كلام الشاه المسمومة بعد انتصار غزوة خيبر. تعود الواقعة إلى عقب غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة المشرفة وتحديدًا في شهر صفر أي قبل انتقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى بأربع سنين تقريبًا وكان أن أهدت إليه زينب بنت الحارث اليهودية شاة .. وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟ فقيل لها: الذراع فشوتها وأكثرت فيها من السم ثم سمَّت سائر الشاة ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تناول الذراع وقطم منها مضغة فلم يسغها وهنا تتجلى العناية الإلهية بأن أنطق الله ذراع الشاة فقالت للنبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة . ثم طلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يحضروا المرأة فاعترفت فقال لها: ما حملكِ على ذلك؟ قالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلتُ: إن كان مَلِكا استرحت منه وإن كان نبيا فسيُخْبره الله بأن الشاة مسمومة. وكان مع النبي الصحابي بِشر بن البراء بن معرور وقد أكل منها وابتلع ما أكله ومات بشر من أكلته التي أكل وعاش النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعده حوالي ثلاث سنين. وظل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعاوده ألم السم في نفس الموعد من كل عام في شهر صفر حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. وهذا الأمر ذكرته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول في مرض موته الذي مات فيه: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري -عرق متصل بالقلب- من ذلك السم.