مايزال الكثير من المجاهدين بسوق أهراس يحتفظون في ذاكرتهم بالأحداث الأليمة للثامن من فيفري 1958 بساقية سيدي يوسف بالضفّة الأخرى من الحدود الجزائرية-التونسية، حيث امتزجت دماء الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي جرّاء عملية القنبلة التي قام بها الطيران الحربي الفرنسي لهذه المنطقة· فبعد ثلاثة وخمسين سنة لاتزال تلك الأحداث حاضرة في الذاكرة ما يرويه أحد مجاهدي سوق أهراس "كونها تجسّد المصير المشترك للكفاح المجيد لبلدان المغرب العربي" من أجل الاستقلال وتذكّر بالتضحيات التي قدّمها الشعبان التونسي والجزائري من أجل ذلك· ويرى سكان المناطق الحدودية الجزائرية - التونسية، منها منطقة الحدادة ولخضارة وسوق أهراس، أن رمي ساقية سيدي يوسف بالقنابل من طرف الطيران الحربي الفرنسي تحت ذريعة "حقّ الملاحقة" كان بهدف كسر اللّحمة المتماسكة بين الجزائريين والتونسيين وضرب القواعد الخلفية للثورة المسلّحة· فالمجاهد محمود مهدي 74 سنة، الذي كان عمره وقتها 21 عاما، يحكي عملية القنبلة وكان ذلك يوم سبت عندما نزل ضيفا لدى قريب له بساقية سيدي يوسف واتجه إلى السوق الذي كان مزدحما بجزائريين وتونسيين· ويتذكّر السيّد مهدي أنه في الحادية عشر شرعت الطائرات الحربية الفرنسية في التحليق فوق البلدة ثمّ أطلقت القنابل، حيث بدأت بمقرّات الجمارك إلى غاية وسط القرية ليسقط الكثير من الجزائريين والتونسيين ضحّية هذا الاعتداء· من جهته، يتذكّر المجاهد صادق شابية (76 سنة) تلك المعركة التي أدارها بها جيش التحرير الوطني، حيث أسر أربعة جنود فرنسيين وأدخلهم إلى التراب التونسي بمنطقة جبل الكوشة بالقرب من ساقية سيدي يوسف· وظلّت العديد من الجثث تحت ركام وأنقاض المنازل حسب ما أضاف ذات الشاهد الذي لايزال وبعد أزيد من نصف قرن تحت وقع صدمة المجزرة التي استهدفت تلاميذا كانوا خارجين من المدرسة· وكانت حصيلة ضحايا قنبلة ساقية سيدي يوسف ثقيلة تمثّلت في أزيد من 100 مدني، من بينهم 20 تلميذا و31 امرأة قتلوا، بالإضافة إلى 130 جريح حسب ما أكّده السيّد عبد الحميد عوادي من جهته وهو من الجمعية المحلّية للدفاع عن تراث الثورة·