تأثيراته وخيمة على البناء المجتمعي أبشع صور العنف تغزو المجتمعات من الأمور الكثيرة التي بتنا نسمع بها اليوم في الفضاء العامّ ما يتعلّق بقضيّة التعنيف اللّفظيّ الممارس من قِبَل البعض والّذي يتطوّر إلى تعنيف جسديّ بين بعض طلاب المدارس والجامعات أو في البيوت والعائلات بين الأخوة أو بين الوالد وأولاده أو بين الجيران والأقارب وهو ما يثقل الحياة والعلاقات ويهدِّد السّلام الاجتماعي ويبعد هذه العلاقات عن الوئام والتّواصل والانفتاح على بعضها البعض والإفادة من كلّ الأجواء السّليمة بغية تعزيز الجوّ الإنساني والنفسي وضخّ الدّم في الجسور الاجتماعيّة الّتي باتت مترهِّلةً في كثير من وجوهها. عنف لفظي وجسدي وأنت تقود سيارتك وأنت تشاهد برنامجاً تلفزيونياً مهما كان نوعه وموضوعه تسمع بالشّتائم وبعدها ترى العنف الجسدي وكأنّ الأمر أصبح عادياً لا رادع أخلاقيّاً وإنسانيّاً له أو تشاهد صور التّعنيف اللفظي والجسدي الذي يمارسه الآباء بحقّ أولادهم أو بالعكس أو بحق زوجاتهم فاستسهال الأمر ينمّ عن خلفيّة نفسيّة مرضيّة يحكمها التشنّج والضغط العصبي اللّذان باتا يُترجمان سلوكيات عنفية لفظية وجسدية في المجتمع. الضغوطات الاجتماعية ليست مبررا ومهما يكن من أمر الضغوطات الحياتية اليوم من اقتصادية واجتماعية فهذا لا يعدّ مبرّراً للتَّعنيف بل مدعاة للتّكاتف والتعاون لامتصاص هذه الضّغوطات والتصرّف بعقلانيّة تحافظ على الأجواء الإنسانيّة والأخلاقيّة من الانفلات فهذا التعنيف لن يحلّ المشاكل بل على العكس سيزيد الأمور سوءاً وتعقيداً. عواقب وخيمة على التماسك الاجتماعي من هنا خطورة التّعنيف في تهديده للتماسك الأسريّ والاجتماعيّ والإنساني لذا يوصي الاختصاصيّون النفسيون والاجتماعيون بضرورة تربية الأطفال والأجيال على احترام الآخر واستعمال كلّ الوسائل والآداب التي تجعله يحترم الآخر ويتواصل معه بكلّ تقدير ومحبّة وتعويدهم على معالجة المشاكل بالرّويّة وعدم الانجرار إلى الانفعال وأن يكونوا هادئين صابرين وعقلانيّين وألا يتأثّروا برفاق السوء ويتعوّدوا عاداتهم السيّئة وليس الأهل بحسب الاختصاصيّين وحدهم المسؤولين عن ذلك إنها مسؤوليّة المجتمع كلّه من جهات مدنية واجتماعية وتربوية. التصدي للعنف مسؤولية الجميع فالتعاون والتنسيق بين هذه الجهات ومع الأهل يمكن أن يخفّف من هذا الانفلات الأخلاقي اليوم إضافةً إلى النشاط الدعوي الهادف إلى توعية الأطفال والمراهقين والأهل على نداء الإيمان لجهة رفض الخُلُق السيِّئ والنّهي عنه والتحلّي بالخُلُق الحسن مهما كانت الضغوطات والمؤثّرات وبعيداً من توصيف المشكلة والدّعوة إلى معالجتها تظلّ العبْرة في ضرورة التفات الجميع إلى المخاطر الّتي يمكن أن تؤول إليها الأحوال والعمل في الواقع على لملمة الأوضاع وإصلاح ما يمكن إصلاحه التزاماً منّا بما تفرضه فطرتنا وهويّتنا الدينيّة والإنسانيّة.