نشرت صحيفة "النصر" العمومية، اليوم السبت النتائج الأولية لتحاليل مخبر علم السموم بالمستشفى الجامعي بقسنطينة التي أجريت على المكمل الغذائي «RHB» أو كما هو معروف لدى عامة الناس ب "رحمة ربي" الخاص بمرض السكري. ونقلت الصحيفة عن المخبر أن مواد أعلن عنها ضمن تركيبة المكمل، لا وجود لها في الأقراص المسوقة للمرضى، كما وقف المخبر على عدة اختلالات من بينها عدم تحديد الجرعات وأسماء النباتات التي استخلصت منها عناصر لا يزال الكثير منها مجهولا، كما أكد البروفيسور بلماحي مدير المخبر لذات الصحيفة أن توفيق زعيبط أعطى الانطباع للمريض ومن خلال ورقة الإرشادات، بأن ما أنتجه دواء له تأثيرات علاجية، رغم أنه لا يستجيب للمعايير العالمية ويُفترض أن الهدف منه هو التغذية لا أكثر. وأكد البروفيسور محمد لحبيب بلماحي أن هناك مواد في المنتج لم يتم تحديدها بعد، بحيث تضمنت ورقة الارشادات الخاصة به، وجود مجموعة فيتامينات لم تعرف ما هي، والأمر نفسه بالنسبة لعناصر غذائية لم يتحدد نوعها، خاصة أن هناك 50 عنصرا غذائيا في الطبيعة قد تكون سامة إذا تم تناولها بكميات كبيرة، وأضاف البروفيسور أن صاحب المنتج توفيق زعيبط، اعتمد على عنصر فعال، Principe Actif باللغة الفرنسية، أطلق عليه إسم SOPEB وهي تركيبة ليس لها وجود من الناحية العلمية، رغم أن كل مكمل غذائي يجب أن يتضمن الاسم الدولي المسجل DCI، مع تحديد الجرعات بالمليغرام، حيث اكتفى صاحب المنتج بوضع نسبة 8 بالمئة أمام كلمةSOPEB وهي نسبة غامضة ولم يفهم على أي أساس تم تحديدها ومقارنة بماذا؟، يتساءل مدير المخبر بحسب ما نقلت صحيفة "النصر". وذكر البروفيسور بلماحي للصحيفة نفسها، أن مخبره يحاول تحديد نوع عنصر SOPEB الموجود في المكمل، والذي كان بالإمكان معرفته بسهولة في حال توفر مصلحته على أجهزة حديثة تسمح بتقنية التحليل إلى الطيف الكتلي، التي يمكن من خلالها تفكيك الجزيئة في ظرف ساعات، وهي تقنية يقول المختص أنها موجودة في المخبر الوطني لمراقبة الجودة وحتى في مخابر المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام التابع للدرك الوطني في بوشاوي بالعاصمة، وفي هذا الخصوص استغرب البروفيسور إخفاء زعيبط لمحتوى تركيبته، خاصة أنه بإمكانه الحصول على براءة اختراع تضمن عدم تعرضه للسرقة العلمية، إن كان قد قام باختراع فعلا. زيادة على ذلك، كشف البروفيسور بلماحي لصحيفة "النصر" مثملما نقلت في عددها الصادر اليوم، أن الحمض الذهني «أوميغا 3» الذي دُون في قائمة مكونات المكمل الغذائي المسمى «رحمة ربي»، لا وجود له في تركيبة المنتج وفق ما بينته التحاليل المخبرية، كما أكد أن ورقة الارشادات لم تتضمن «الكمية الكافية» من العنصر الأساسي للمنتج المعروف علميا ب QSP، والمعتمد في أي دواء أو مكمل غذائي، بعد تحديده بالغرام أو المليغرام، أما باقي الوزن فيكون عبارة عن مواد غير فعالة يطلق عليها اسم Excipients ويستعان بها في التركيبة النهائية للمنتج، وحتى هذه المواد، يضيف البروفيسور، غير معروفة في حالة مكمل «آر.آش.بي» ولم يبين زعيبط من أين استخرجها، فقد وضع على سبيل المثال عبارة «بروتيدات مستخلصة من النباتات» في خانة المكونات، دون أن يحدد ما هي هذه النباتات. و يضيف البروفيسور أن المشكلة الأكبر تتمثل، برأيه، في أن أي مكمل غذائي يجب أن لا تكون له تأثيرات فيزيولوجية كالأدوية، بل مجرد مساعد، لكن في حالة المكمل المسمى «رحمة ربي» دُوّن في ورقة الإرشادات أنه «يخفف من التعقيدات الخاصة بمرض السكري»، رغم أن التعقيدات الصحية لمريض السكري كثيرة وتتعلق مباشرة بالمرض، فإذا كان هدف هذا المنتج إصلاح الأعراض المرضية الثانوية فهذا يعني أنه دواء! يقول رئيس المخبر. وزيادة على ذلك ينصح «المخترع» في ورقة الإرشادات المريض بمراجعة الطبيب «إذا لاحظ توازنا أفضل في نسبة السكر بالدم» وهذا يعتبر، بحسب البروفيسور، توجيها علاجيا يعطي الانطباع أن هذا المكمل يمكن أن يعوض الدواء، وهو أمر لا وجود له من الناحية العلمية، لأن المكملات توجه للمستهلك «بهدف التغذية» فقط، وليس لديها أي نشاط علاجي أو دوائي، عكس الدواء الذي يجب أن يمر على تجارب وعمليات مراقبة ومن ثم حصول مطوّره على تصريح الوضع في السوق AMM. وذكر مدير مخبر علم السموم الذي كشف خلال السنوات الماضية عن عدم مطابقة 23 بالمئة من المكملات الغذائية التي أخضعها للتحاليل، أن صاحب منتج «رحمة ربي» توفيق زعيبط قدّم في ملفه «بطاقة مراقبة تقنية» تفاجأ بأنها لا تتضمن «أي شيء»، إذ لا يوجد بها نتائج التحاليل التي يقول زعيبط إنها تثبت إخضاع المكمل الغذائي للمراقبة، وحتى المعايير التي اعتُمدت في هذه الوثيقة «خاطئة»، بل أن المكونات المدونة بها «لا تتطابق» مع ما هو مكتوب في ورقة الإرشادات، رغم أنها ممضية ومختومة من مخبر فضّل البروفيسور بلماحي التحفظ عن ذكر اسمه، مستغربا كيف اعتُمد على هذه البطاقة في تسويق المنتج. وأثار بلماحي أيضا مسألة عدم تدوين اسم المخبر المصنع للمنتج في قسيمته مثلما هو متعارف عليه تجاريا، حيث كُتب عليها اسم مخبر TZ LAB الذي يظهر أنه اشتُق من الأحرف الأولى لاسم توفيق زعيبط، رغم أن هذا الأخير لا يملك مخبرا، حسب البروفيسور بلماحي. ويقوم مخبر علم السموم حاليا بإجراء تجارب على حيوانات المخبر لمعرفة إن كان للمنتج تأثير فعلي على نسبة السكر في الدم أو يحتوي على مواد سامة، وهي تجارب أكد البروفيسور بلماحي أنها سوف تستغرق أياما أخرى بالإعتماد على البروتوكولات المعمول بها دوليا، وأضاف محدثنا أن ما يزيد من غموض هذا المنتج هو عدم تحديد صاحبه للأعراض الجانبية التي قد تحدث، خصوصا وأن التعقيدات الصحية الخاصة بمرض السكري كثيرة وقد تختلط أعراضها مع أية تأثيرات محتملة للمكمل الغذائي. وعن أعراض التحسن التي يقول عدد ممن تناولوا المكمل الغذائي «آر.آش.بي» أنها ظهرت عليهم بعد أيام من استعماله، وعما إن كانت فعلا دليلا على فعالية المنتج، أوضح البروفيسور بلماحي الأستاذ الجامعي والباحث المختص في علم السموم للنصر، أن كل هذه تعتبر «تأثيرات أولية» لا تنفي أن «شيئا ما يتحسن»، لكن لا يمكن الاعتداد بها، لأن تجريب فعالية المنتج يستمر لسنوات ولا يُعرف في شهر أو شهرين، مستغربا اعتماد توفيق زعيبط على عبارات «قال لي الناس بأن وضعهم تحسن»، وفي تعليقه على اسم المكمل الغذائي ذكر المختص «تفاجأت كيف رُخص بتسميته باختصار حروف من عبارة رحمة ربي»، وقال: «كان على وزارة الشؤون الدينية أن تتحرك». و قد أرجع البروفيسور بلماحي تسويق مكمل «رحمة ربي» رغم «الغموض» الذي يكتنفه، إلى غياب نصوص تنظيمية تحكم دخول المكملات الغذائية إلى الجزائر، والتي كثيرا ما يكتشف مخبره أنها ممنوعة من التسويق في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، مضيفا أنه قد حان الوقت لتنظيم المجال، خاصة أن المكملات الغذائية ليست ضرورية مثل الأدوية التي تقلصت عمليات استيرادها.