أكد المستشار القضائي بوزارة العدل الشيخ عبد المحسن العبيكان، حقيقة ما تناقلته مواقع ومنتديات ووسائل إعلام مختلفة عن فتوى إجازته »إرضاع الكبير« في حالة معينة. وشدد في حديث ل »العربية. نت« على أن »ما تم تناقله خلا من الشرط والضابط الذي أكد عليه، وهو عدم الإرضاع من الثدي مباشرة، مؤكداً أنه يجب أن يتم أخذ الحليب بطريقة مناسبة بعيدة عن ذلك، ويتم تناوله من قبل الشخص المعني«. وأشار إلى أن حديثه كان في مقابلة مع إحدى قنوات التلفزيون السعودي مؤخراً، وقال فيها »إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر (في إشارة إلى العمال الأجانب بالسعودية) وهو أيضاً ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجاً، وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة، فإن للزوجة حق إرضاعه!«. واستشهد بحديث سالم مولى حذيفة وأقوال أخرى استشهد بها عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، مؤكداً أنها ذكرت وموجودة في المؤلفات الخاصة بابن تيمية، مشيراً إلى أن فتوى »إرضاع الكبير« بحسب ما حددها من ضوابط هي حالة »لا تختص بزمن معيّن وإنما هو للعامة في جميع الأزمان!«. يُذكر أن الخبر تناقلته وسائل إعلامية بكثرة أمس، خصوصاً بعدما عرضت صحيفة »مصدر الإلكترونية«، حديث الشيخ المتلفز، فأعاد إلى الواجهة فتاوى عدة مقاربة ومتباينة، وأيضاً صدرت في أعوام سابقة، وسارع الكثيرون لاستحضار ما سبق وأشار له الشيخ العبيكان في العديد من المناسبات بعدم السماح لطلاب العلم بإثارة الفتاوى، التي من شأنها أن تبث الجدل بين المسلمين، إضافة إلى أنه طالب بتشكيل لجنة عليا تختص بهذا الشأن. فتاوى سابقة يُذكر أن بداية الجدل حول هذا النوع من الفتاوى بدأ في ماي 2007، عندما أصدر أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر فتوى أباح فيها »رضاعة المرأة العاملة لزميلها في العمل!«، فقرر المجلس الأعلى للجامعة وقف صاحب هذه »الفتوى« عن العمل، وإحالته للتحقيق. وأصدر وقتها رئيس الجامعة، الدكتور أحمد الطيب، قراراً بوقف الدكتور عزت عطية، رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين عن العمل، وإحالته إلى لجنة تحقيق »جراء ما صدر عنه بموضوع »إرضاع الكبير«. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، أن قرار وقف الدكتور عزت عطية، جاء بعد قليل من توصية »مشيخة الأزهر الشريف« باتخاذ إجراءات ضد صاحب تلك »الفتوى« التي أثارت جدلاً واسعاً امتد إلى أروقة البرلمان المصري. وقالت الوكالة إن شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي أصدر »توصية« لرئيس جامعة الأزهر بإيقاف رئيس قسم الحديث، وإحالته للتحقيق. وقالت مشيخة الأزهر إن »ما أفتى به عطية يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ويخالف مبادئ التربية والأخلاق ويسيئ إلى الأزهر الشريف«. وجاءت الفتوى لتتيح للمرأة العاملة ب »جواز إرضاع زميلها في العمل!«، بذريعة إباحة »الخلوة الشرعية« بينهما إذا اقتضت ظروف العمل ذلك. وادَّعى عطية بالقول إن فتواه توضح »حكماً شرعياً ورد في السنة النبوية«، وهو »ثبوت إرضاع الكبير لإباحة الخلوة بين رجل وامرأة ليس بينهما صلة قرابة النسب، ولا صلة الإرضاع في حال الصغر قبل الفطام، بشرط أن تكون الخلوة لضرورة دينية أو دنيوية«. وأثار عطية جدلاً أكبر بقوله إن إرضاع الكبير لا يحرِّم الزواج، وأنه لو كان إرضاعُ الكبير فيه أدنى شك لعاتب الله نبيَّه في تشريعه أو تقريره، ولثار الصحابة جميعاً على عائشة رضي الله عنها لمخالفتها الشرع واستباحتها الخلوة بهذا الإرضاع. أما أمهات المؤمنين فيما عدا حفصة، فقد رأين عدم الحاجة لاستعمال الرخصة، وهذا أمرٌ متروك للمسلم أو المسلمة فيما بينهما وبين الله«. ويُنتظر أن تثير الفتوى الجديدة للشيخ العبيكان الكثير من الجدل واللغط والرفض في العالم الإسلامي، لا سيما وأن أغلب الفقهاء يرفضون إثارة مثل هذه القضايا الهامشية التي تمنح فرصة ذهبية للإعلام الغربي للسخرية من الإسلام والنيل منه.