يعتبر شهر رمضان أفضل شهور الله على الإطلاق لما فيه من فضائل كبيرة تعكسها مظاهر الرحمة بين الناس، كما انه شهر تتجلى فيه أجمل وأروع صور التضامن والتكافل الاجتماعي في الجزائر، ومن بين الصور التضامنية التي يصنعها الجزائريون خلال الشهر الفضيل، فتح مطاعم الرحمة لاستقبال الفقراء والمساكين وعابري السبيل. من بين المواقف التضامنية التي يدأب عليها الجزائريون كل سنة وفي شهر رمضان بالتحديد، فتح مطاعم الرحمة التي تكون مقصد الفقراء والمحتاجين وقت الإفطار. أجواء تضامنية عبر مطاعم الرحمة قامت"أخبار اليوم" بجولة استطلاعية إلى بعض مطاعم الرحمة المتواجدة بالجزائر العاصمة، وذلك من أجل رصد الأجواء فيها ومعرفة مدى الإقبال عليها ساعة الإفطار، وقد كانت بداية الجولة التي قمنا بها إلى أحد مطاعم الرحمة المتواجدة بحي باب الوادي الذي يعد واحدا من أكبر الأحياء الشعبية بالعاصمة، والجدير بالذكر أن المطعم الذي قمنا بزيارته مطعم خاص فهو في سائر الأيام مطعم شعبي تحضر فيه مختلف الأكلات الشعبية كما أنه يعرف إقبال العديد من الزبائن نظرا لجودة الخدمات التي يقدمها لزبائنه، وفي رمضان يحوله صاحبه لمطعم رحمة يأكل فيه الفقراء والمساكين وعابري السبيل ويستقبل 80 شخصا، بينما كنا نسير نحو المطعم كنا نشم رائحة الأكل تنبعث منه، دخلنا المطعم من بابه الخلفي أين وجدنا فيه امرأتين بالإضافة إلى شابين يعملون على قدم وساق، فقد كانت السيدتين منشغلتان بالطبخ في حين كان الشابان يقومان بتحضير القاعة التي يستقبلون فيها الناس الذين يقصدون المطعم، ليجمعنا بعدها حديث شيق مع العمال الذين وجدناهم داخل المطعم، تشرف على الطبخ السيدتان و تقومان بالقدوم إلى المطعم في حدود العاشرة صباحا، اين تلتقيان مع صاحب المطعم للاتفاق على الوجبة التي ستقدم للوافدين على المطعم بعدها يذهب صاحب المطعم إلى السوق من أجل اقتناء كل ما تحتاج إليه السيدتان من مواد غذائية لتحضير وجبة الإفطار، بعدها تنطلقان في الطبخ في أجواء مميزة تسودها أجواء عائلية، وكان الطبق المحضر لذلك اليوم الشربة الشعيرية للتغيير قليلا من الفريك، بالإضافة إلى تحضير طاجين الزيتون كطبق رئيسي و اللحم الحلو و السلطات المختلفة، أما البوراك فإنه من اختصاص الشابين الذين توكل لهما مهمة تحضيره، واختارا تحضير بوراك البطاطس ببعض الجمبري المجمد، وفي خضم الحديث الذي جمعنا بالطباختين فهمنا أنهما تقومان بالقدوم إلى المطعم في الصباح من أجل الطبخ وبعد أن الانتهاء يهمان بالعودة إلى بيتهما في حدود الرابعة مساءا من أجل الطبخ لعائليتهما، كما أنهما تقومان بهذا العمل من باب التطوع في سبيل الله تعالى. أردنا أن نعرف من الشابين عدد الوافدين الى المطعم ساعة الإفطار بحكم أنهما يبقيان هناك حتى المساء، فأجابنا أن المطعم يستقبل نحو 80 شخصا جلهم من الأشخاص دون مأوى الذين يبيتون في الشارع كما أنه يستقبل عائلات بأكملها من نفس الفئة، الى جانب حوالي 20 شخص من المهاجرين الأفارقة الذين يقيمون على الأراضي الجزائرية والذين ينتشرون بشكل واسع في بلدية باب الوادي، كما أكد لنا السبان أن المطعم عادة ما يعرف إقبال نفس الأشخاص منذ اليوم الأول من شهر رمضان وذلك بالنظر لإعجابهم بنوع الخدمات المقدمة في المطعم في سبيل الله. فيلات تُفتح في وجوه المحتاجين خرجنا بعدها من المطعم ونحن مسرورين بروح التضامن التي يتميز بها افراد مجتمعنا وانتابنا الفضول لزيارة مطاعم أخرى، فبحثنا حتى وجدنا واحدا في بلدية بولوغين، هو أيضا مطعم رحمة ينظمه أحد الخواص كل سنة، هذا المطعم ينظمه صاحبه في بيته، حيث أن هذا الأخير عنده فيلا كبيرة بها مرأب كبير يفتحه كل سنة لعابري السبيل والفقراء والمحتاجين ليحوَله إلى مطعم رحمة، قصدنا هذا المطعم وحين دخلنا وجدناه أشبه بمطعم راقي وذلك بالنظر لطريقة تنظيم الطاولات فيه، وفي أحد زواياه خصص ركن من أجل الطبخ فيه، لكن هذه المرة كان المسؤل عن الطبخ رجل ومعه ثلاثة مساعدين، وبعد الحديث الذي جمعنا بهم فهمنا أن هذا الطباخ هو طباخ خاص بالأعراس وجلب معه مساعديه، كل سنة وفي شهر رمضان يتطوعون من أجل العمل في أحد مطاعم الرحمة بالعاصمة، نيلا للأجر الوفير في هذا الشهر المبارك، ليخبرنا هذا الطباخ بعدها أنه لا يدخر جهدا في طبخ أجود أنواع المأكولات من أجل أرضاء الوافدين إلى المطعم. سألناه عن مصدر توفير المواد الغذائية التي يطبخ بها فرد علينا هذا أنه في الكثير من المرات يوفرها صاحب الفيلا، ولكن المحسنين من أبناء حي بولوغين لا يتوانون أبدا في جلب مستلزمات المطعم من أجل المشاركة في هذا العمل التضامني، وعن الناس الذين يقصدون المطعم أكد لنا صاحب أن كل من يقصد المطعم ساعة الإفطار هم فقراء ومساكين وعمال الورشات البعيدين عن أهاليهم، كما أنه مقصد بعض اللاجئين الافارقة.