يردد المغرضون ادعاءات باطلة عن الإسلام وقيمه ومبادئه ويتخذون من وضع المرأة في المجتمع المسلم وسيلة للطعن في الدين الحنيف، مثل زعمهم أن بعض شرائعه تنتقص المرأة وتجعلها تابعة للرجل وأن حقوقها من الدرجة الثانية. يقول الدكتور حسين شحاتة - لأستاذ بجامعة الأزهر- ل"الاتحاد" الإماراتية إن الإسلام اهتم بالمرأة من جميع النواحي، فلقد سميت باسمها سورة من أكبر السور في القرآن الكريم وهي سورة النساء، كما اهتمت السنة النبوية بالعلاقة بينها وبين زوجها وأولادها والآخرين، وأوصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها خيراً في خطبة الوداع، حيث قال: «استوصوا بالنساء خيراً». ويؤكد أن المرأة في الإسلام نصف المجتمع الذي يؤثر في حياته، وهي مدبرة البيت، وهي والدة وحاضنة ومربية الأجيال، وهي المؤثرة على الشباب، كما أنها داعمة للتنمية الشاملة في المجتمع، مضيفاً أن الشريعة الإسلامية حرصت على أن تبين الأحكام والمبادئ الشرعية التي توضح حقوق ومسؤوليات النساء بالتفصيل وخصصت لهن أبواباً مستقلة منذ ولادتهن حتى موتهن، وهذا ما يُطلق عليه فقه النساء. وقال إن الإسلام أعطى المرأة حقوقاً لم ترد في أي دين من قبل ولم نسمع عنها في أي قانون أو نظام وضعي، فهي أساس البيت الآمن المستقر وقوام المجتمع القوي الطاهر المتكامل ومخرجة القيادات، موضحاً أن تشريعات الإسلام أقرت حقوق المرأة وعملت على حمايتها وصيانتها فأكدت حقها في الحياة الكريمة، وألغت وحاربت ما كان موجوداً قبل الإسلام من قتل للمرأة خشية العار أو الفقر أو غير ذلك، وأشار إلى ذلك القرآن، فيقول الله تعالى: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» سورة التكوير: الآيات: «8 - 9»، فحرَّم الإسلامُ وأد المرأة، وأعطاها حق الحياة مثل سائر المخلوقات. كما كان العرب ينظرون إلى المرأة على أنها عار وسوء، ويقول الله عز وجل: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) «سورة النحل: الآيات 58 - 59»، وجاء الإسلام وساوى بين الرجل والمرأة في الاحترام والتقدير والكرامة، فقال الله تبارك وتعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ...» التوبة:71. وأضاف أن حق المرأة في أن تكون لها شخصيتها المتكاملة لا يتحقق إلا بتعليمها ومنحها حق طلب العلم والاستزادة من وجوه المعرفة، فالإسلام قضى على محاولات تجهيل المرأة وحرمانها من العلم، وحث الرجال والنساء معاً على طلب العلم، فيقول الله تعالى: «... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» (المجادلة:11)، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة»، ولقد طلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إحدى النساء المؤمنات أن تعلِّم أم المؤمنين حفصة بنت عمر، كما كان النساء يذهبن إلى المساجد لتلقي العلم، وكانت السيدة عائشة من رواة الحديث. ويؤكد أنه من الظلم للإسلام الادعاء بأنه يجعل المرأة تابعة للرجل وحقائق الواقع تكذب ذلك، حيث أجاز لها العمل واعترف بحقها في الكسب، مضيفاً أن عظمة الإسلام تتضح في محاربته المفاهيم التي كانت تجعل المرأة مجرد متاع وتنظر لها على أنها من الدرجة الثانية، فأعطاها حق العمل الشريف الطيب الذي يتناسب مع طبيعتها وأنوثتها وقدراتها ووضع في هذه الإطار مجموعة من الضوابط الشرعية حماية وصوناً لها، منها التزامها بالحجاب وعدم الخلوة والعمل الطيب، وقد ورد في السيرة النبوية الشريفة اشتراك النساء في الجهاد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلن: «كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونردَّ القتلى والجرحى إلى المدينة». ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد إن المرأة قبل الإسلام كانت مسلوبة الحرية حتى في التعبير عن رأيها في أدق أمورها الخاصة مثل الزواج، موضحاً أن الإسلام غيَّر هذا المفهوم الخاطئ ونهى عن إكراه النساء على الزواج ممن يكرهن، فلا يجوز للرجل حتى ولو كان الأب أن يجبر ابنته على الزواج من رجل لا توافق عليه فالزواج لابد أن يكون بموافقتها وبرضاها، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ولا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات»، وقال كذلك: «لا تنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تستأذن»، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها قال: «إذنها صمتها». ويضيف أنه جاءت فتاة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تشكو من أن أباها زوَّجها من ابن أخ له ليرفع بذلك من مكانته وهي له كارهة. فاستدعى النبي الأب، وجعل للفتاة حرية الاختيار في رفض هذا الزواج أو قبوله. فقررت بمحض إرادتها قبول هذا الزواج، وقالت: يا رسول الله قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساءَ أن ليس للآباء من الأمر شيء، أي ليس للآباء سلطة إكراه بناتهم على الزواج. وقال إن مظلة الإسلام امتدت إلى الاعتراف للمرأة بكافة الحقوق الإنسانية والمدنية التي تعرفها الأمم اليوم ونصّت عليها في دساتيرها، وأعطى المرأة حق التعبير عن رأيها في أمور المجتمع، والتاريخ الإسلامي حافل بنماذج كثيرة، وقصة عمر بن الخطاب والمرأة والصداق خير دليل على ذلك. ويقول الدكتور منتصر مجاهد إن شريعة الإسلام جعلت المرأة شريكاً للرجل في كل شؤون الحياة وأكدت استقلالها التام في الناحية الاقتصادية، مضيفاً أن الشريعة أجازت للمرأة مباشرة المعاملات الاقتصادية والمالية المختلفة فلها مطلق الحرية في التصرف بما تملك بالبيع والشراء والهبة والاستثمار وغيرها من التصرفات وليس لزوجها ولا لغيره من أقاربها من الرجال أن يأخذ من مالها شيئاً إلّا بإذنها. وقال إن خصوم الإسلام دأبوا على الادعاء بغير دليل سوى تغليب الهوى والرغبة في الانتصار على شريعته، مضيفاً أن منهج الإسلام في بناء الأسرة يتميز بالشمول وبُعد النظر، حيث جعل المرأة شريكة للرجل في الأسرة وفي تربية الأبناء استناداً إلى أنه ليس من المعقول أن تستقيم حياة الأسرة من دون مشاركة ايجابية من الطرفين، وعدم الاعتراف بدور المرأة فيها معناه اختلال موازين الأسرة وانعكس أثر ذلك سلباً في الأطفال. وأضاف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حمل كلاً من الرجل والمرأة هذه المسؤولية المشتركة عندما قال: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها». وقال إن تركيز خصوم الإسلام على إبراز بعض المواقف والتصرفات التي تستند إلى تقاليد بالية وأعراف باطلة وفيها إجحاف بأوضاع المرأة وإهدار لحقوقها ومحاولة الإيهام بأنها موقف الإسلام وتعاليمه تدليس فاضح وجهل بالإسلام وأحكامه وسوء فهم لتعاليمه. ويضيف أن وضع المرأة واحتفاظها بشخصيتها وكيانها يدحض هذه الافتراءات فالإسلام لا يحجر على المرأة ويمنحها حرية الحركة والاستفادة من كافة المنجزات العصرية وارتياد محافل العلم والثقافة والاطلاع على كل ما يفيدها لبناء ذاتها، كما أجاز لها التردد على المسجد للعبادة، وقد ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قوله: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»، ومما يدل على حرص الإسلام على عدم محو شخصية المرأة والحفاظ على كياتها رفضه تبعية المرأة المسلمة إذا تزوجت، حيث تظل محتفظة باسمها بعد الزواج ولا تأخذ اسم زوجها كما يحدث في الغرب. * الإسلام أعطى المرأة حقوقاً لم ترد في أي دين من قبل ولم نسمع عنها في أي قانون أو نظام وضعي، فهي أساس البيت الآمن المستقر وقوام المجتمع القوي الطاهر المتكامل ومخرجة القيادات، موضحاً أن تشريعات الإسلام أقرت حقوق المرأة وعملت على حمايتها وصيانتها فأكدت حقها في الحياة الكريمة، وألغت وحاربت ما كان موجوداً قبل الإسلام من قتل للمرأة خشية العار أو الفقر.