أبو طالب بالقرب من الحجر الأسود ! أبو لهب عند زمزم ! أبو جهل بجوار الصفا والمروة ! لكنهم لم يُوفقوا إلى الهدى والنور والإيمان ! لم يُوفقوا لوضع جباههم لربهم ! ولم يستجيبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه الخذلان والحرمان من حرمة الرحيم الرحمن ورحم الله من قال : الأنساب والبقاع لا تزكي أحدا . أما صهيب الرومي وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وأبو هريرة وبلال الحبشي وابن مسعود فقد جمعتهم كلهم : لا إله إلا الله محمد رسول الله . وفقهم الباري بتوفيقه فشقوا الطرق والأودية والهضاب يحملهم الحب والحنين لرسول رب العالمين حتى وصلوا مكة وعاشوا على أرضها وتحت سمائها فاطمأنت قلوبهم وأرواحهم ونالوا شرف صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فرضوان الله عليهم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] . بل وتأمل في قول الحق تبارك وتعالى : أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام: 122] . قال ابن كثير (رحمه الله) : هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتًا أي : في الضلالة هالكًا حائرًا فأحياه الله أي : أحيا قلبه بالإيمان وهداه له ووفقه لإتباع رسله . وكما قيل : الناس كلهم متساوون في تلقي نور الهداية ورسالة الوحي : كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك يأتي توفيق الله ورعايته فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125] .