بناها الأندلسيون في القرن السادس عشر البليدة... وحكاية الأبواب السبعة نزل في سنة 1535 أي قبل 5 قرون العالم سيدي أحمد الكبير بشعبة وادي الرمان بالمتيجة واستقدم وفودا من الأندلسيين بعد سقوط غرناطة وشيّدوا مدينة سموها البليدة التي لا زالت تحتفظ إلى غاية اليوم على طابعها وأزقتها ومعمارها بنكهة أندلسية خاصة وموسيقى وطبخ وطقوس. ي. تيشات الشيخ سيدي أحمد الكبير كان من جملة الأندلسيين الذين نزحوا إلى القطر الجزائري في النصف الأول من القرن السادس عشر عرف عنه الورع والتقوى وإتقانه لشؤون الري والفلاحة والبستنة حطّ الرحال بوادي الرمان التي كانت آهلة بقبيلة أولاد سلطان وهم فرقة من بني خليل وتزوج بامرأة محلية.. شق الترع والقنوات وأوصل المياه إلى قلب البليدة واعتنى بالزراعة وغرس البساتين فكثرت المساكن حول الوادي في المدينة الجديدة التي أطلق عليها اسم البليدة البلدة الصغيرة سنة 1535 م وشجعت هذه الأعمال الكثير من الأندلسيين على الاستقرار بالمنطقة وطلب سيدي أحمد الكبير من الباشا خيرالدين العثماني الترخيص لاستقبال وفود الأندلسيين وبنى لهم أحياء خاصة بهم في الجون وفي ساحة التوت. الباب الرئيسي في العهد العثماني كان للمدينة نظامُا خاصا بها وضعه العثمانيون وسور محيط وكانت المدينة بكاملها تقع داخل ذلك السور المبني من الطابية أو التراب وهذا السور تتخله سبع أبواب وهي باب الجزائر باب الرحبة باب القبور باب السبت باب الزاوية باب الخويخة وباب القصبة. باب الجزائر باب الدزاير هو الباب الرئيسي ويقع بالمدخل الشرقي للمدينة وسمي كذلك لأنه يطل على الطريق المؤدي إلى الجزائرالعاصمة ويعدّ أكبر الأبواب يقع بالقرب منه جامع بابا محمد الذي حوّله الفرنسيون إلى ثكنة للمشاة سنة 1840. باب الرحبة ويقع بين الكنيسة البروتيستانتية وحمام المزالت أو ما يعرف بمدرسة كازناف ويؤدي إلى سوق الحبوب أو المنطقة التي كانت رحبة وفضاءً مفتوحا للتسوُّق يستقطب الجبايلية وهم القاطنون بضواحي المدينة حيث تعرض هناك مختلف المنتوجات والمحاصيل الزراعية. باب القبور هو ثالث باب وموقعه القديم حديقة _بيزو_ حاليا أخذ هذا الاسم نسبة إلى مقبرة غير المسلمين أوالنصارى أما.باب السبت والذي يوجد غرب مخرج المدينة ويعود سبب تسميته حسب ما ترويه الأحاديث نسبة إلى السوق الأسبوعية التي كانت تقام بمدينة موزاية وبالضبط في الحوش الذي كان يسمى سمارة أو بوسمارة حاليا كل يوم سبت حيث كان البليديون يتوجهون من خلاله إلى السوق الأسبوعية. باب الزاوية والواقع قبالة مدخل شارع فلسطين شارع الكسندر الأول سابقا وعبره كان يعبر السكان إلى زاوية الولي الصالح سيدي مجبر بالبليدة اماباب الخويخة وأصل تسميته تركي أي كويخة أو الباب الصغير وهو معروف لدى القاطنين بالقرب منه فقط. باب القصبة ويعود سبب التسمية نسبة إلى نبات القصب الحر الذي كان ينمو في ذلك المكان من المدينة. بيت لحبوس.. عقوبة من تأخر في العودة يذكر أن الأبواب السبعة لمدينة البليدة كانت مصنوعة من الخشب ذات الشكل المقوَس كما وضع نظام حراسة خاص بها حيث كانت تفتح مع طلوع الفجر وتغلق وقت المغرب عدا أكبر الأبواب وأوسعها هو باب الدزاير الذي يغلق استثناءً مع أذان صلاة العشاء حتى يتسنى للمسافرين القادمين من العاصمة الدخول منه نظرا لبعد الطريق ليُسدّ بوضع دفتين من خشب وقفل _زكروم_ من حديد. وتقول الروايات أن الحارس الكبير الذي يحمل مفاتيح الباب الرئيسي ينادي نصف ساعة قبل أن يحين موعد إغلاقه في أرجاء المدينة على طريقة _التبراح_ ويقول _الباب... الباب_ ليخرج الغرباء عن المدينة من غير سكانها. وكان على من تأخر عن دخول المدينة وخالف نضامها المعمول به مهما كانت ظروفه قضاء الليلة كاملة والنوم جنبا إلى جنب مع نعوش الموتى إلى غاية بزوغ فجر اليوم الموالي والتي كانت توضع بدار الحبوس التابعة لجامع باب محمد المقابل. الوضع إبان الاحتلال الفرنسي استمرت أبواب البليدة تسير بنظامها إلى أواخر العهد العثماني ومع احتلال الفرنسيين المدينة تغيّر الوضع ولم يستمر السور على حاله ففي الفترة ما بين 1865 إلى غاية 1869 عكف الجيشُ الفرنسي وبقرار من _مير_ بلدية البليدة على إعادة بناء السور من الحجارة بارتفاع أربعة أمتار وهدم القديم المنخفض وتغيّر شكل الأبواب ووُضعت المفاتيح والأقفال الحديدية لضمان أمن وسلامة المستوطنين بعد المقاومة العنيفة التي عُرفت ب_ثورة الريف_ أواخر نوفمبر 1840 وشارك فيها نحو 7000 بليدي تحت قيادة الحاج محمد بن زعموم والحقوا خسائر فادحة بالمعمرين. ومع ازدياد كثافة السكان أزالت البلدية السور لتوسيع الطريق العام وزرعت أشجار الحمضيات من الشمال إلى الجنوب ومن باب الدزاير شرقا إلى باب دزاير غربا ما جعل مخطط المدينة يبدو على شكل صليب فضلا عن تحويل الجوامع إلى معابد للمسيحيين واليهود ومستشفيات وثكنات للعسكر الفرنسي كما حدث بمسجد السطمبولي سنة 1863 والذي حُوِّل جزء منه إلى معبد لليهود. الأبواب.. ماض لم يبق منه سوى الإسم المتمعن اليوم في مدينة الورود والذي يغوص في أعماقها والبحث عن أسرارها يدرك أن المدينة كان لها سور و بيبان أما الواقع فشيء مغاير تماما فالأبواب السبع لم يبقى من معالمها غيرالإسم وحال المدينة العتيقة وأسوارها تيكي وتحتضر في صمت فلا الأسواق إحتفظت برونقها ولا الأزقة ضلت وفية لعاداتها بل أذهبت السنون والأعوام جمالها ورونقها ودفنت الأيام أسرارها وتلاشت معالم البيوت والقصور مع تلاشي أهل البيت وإهمال أهل هذا الزمان.