** مرَّ على زواجي ثلاث سنوات، ولديّ أطفال.. بدأت المشاكل منذ الأسبوع الأول، حيث طلبت من زوجي ثوبًا ب8 آلاف دينار، فرفض بشدة، بل وهزأني أمام المارة.. أدركت يومها أني مع إنسان لا يحبني، ثم ذهب يسأل أقاربه: هل تشترون لزوجاتكم بهذا المبلغ؟! وهكذا مضت حياتنا كل شيء يخصني أو يخص أطفالي حتى المشفى لابد من سؤال الآخرين؛ وحجته أن "الاستشارة من رجاحة العقل"، رغم أنه متعلم، فيتهرب من مسؤولياتي، ولا ينفق عليّ ولا على أطفاله إلا بالقليل ومن الرديء في المأكل والمشرب والملبس، لكن الله رحمنا وتوظفت وانحلت مشكلة المادة، علمًا أن عمله في مدينة وعملي عند أهلي يبعد عن تلك المدينة كثيرًا، فطلبت منه استئجار بيت لنا نقضي فيه الإجازة، ونجتمع فيه كل أسبوع، فرفض فرفضت الخروج معه، فرحل وتركنا أنا وأولاده، مر على رحيله أربعة أشهر، وللعلم أنا من يصرف على أولادي منذ أن توظفت، والحمد لله أنا جميلة ومؤدبة بشهادة أهله، لكنه ينام في الصالون منذ أن تزوجنا، ويسود الصمت أو التقليل من شأني إذا تكلمنا.. حاولت معه وحاورته وتقربت إليه جنسيًّا ولا فائدة فدائما يصدني، لم يعد ولا أظنه سيعود فهل أطلب الطلاق؟ * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سؤالك الأخير والوحيد عن طلب الطلاق سيكون -بإذن الله- مدخلاً للحديث عن حياتك. الطلاق هذه الكلمة الصعبة هل تتخيلين أنها الحل الوحيد والأكيد لما تعانين منه؟ هل تخيلت ماذا يعني الطلاق؟ كيف سيكون حالك؟ حال أطفالك؟ وضعك مع أهلك؟ زوجك مع أبنائه؟ أهلك زوجك وأطفالك؟ سؤال أبنائك عن والدهم؟ تربيتك لأبنائك؟ مصاعب في التربية والتوجيه؟ تهديد زوجك بأخذ أبنائك؟ وغيرها كثير... هل تعلمين يا أختي أن هذا جزء من معاناة بعض النساء بعد الطلاق؟ وما خفي كان أعظم.. ولكن إذا قلت لك بأنه يمكنك العيش سعيدة بعيدة عن هذه التخيلات بإذن الله هل توافقين؟ بالطبع إن كل امرأة عاقلة تريد الحياة السعيدة الهانئة مع زوجها وأطفالها. والحياة.. كل الحياة لا تخلو من منغصات وصعوبات تحتاج الكثير من الصبر وتعلم القليل من المهارات حتى تستقر وتكمل طريقها. ربما كانت البداية فيها شيءٌ من الخطأ؛ فأنت عروس قد تجهزت بما يلزمك من لباس وذهب وغيره، وفي الأسبوع الأول تطلبين ثوبًا ب8 آلاف دينار، وأنت تعلمين ما يعانيه الشباب في سبيل توفير مستلزمات الزواج من مهر وبيت وحفل وغيرها، وبالتأكيد أنه قد استدان بعض المال ليبدأ مشوار حياته، فجاء طلبك ليزيد من قائمة الديون، أو تحويل ما ينوي صرفه في ضرورة من ضروريات حياتكما إلى شيء يراه غير مهم أو ثانوي. ثم حكمت عليه بأنه لا يحبك، وهذا إن كنت صارحتيه فهو من أسباب وجود الفجوة بينكما، وإن لم يكن وهو ما أرجوه فإن بعض الأفعال تغني عن الأقوال، وهو ما فهمه من تصرفك وحكمك عليه... بعض الرجال يجد أن الزواج -الذي طالما حلم به، وأن حياة جديدة سعيدة تنتظره، وأنه سيودع حياة الشقاء والعزوبية- كان عكس ما يتخيل ويتمنى، فيبدأ بتصرفات تعبر عن رفضه لهذه الحياة الجديدة، ومن هذه التصرفات رفض النفقة سواء بصريح العبارة أو التجاهل، أو ترك شريكة حياته تفسر تصرفاته بما تريد، فلم يعد يهمه انتقاداتها وشكواها. وجميع ما ذكرت من بُعده الجسدي والعاطفي وعدم تحمله مسؤولياته لها حل واحد يحتاج منك صبرًا وتحملاً وعاقبته تسرك بإذن الله. إن وجود غرفة واحدة يغمرها الحب والدفء تغني عن بيوت وقصور، فاجعلي من غرفتك أو بيتك الذي غادره عشًّا يسرع بالعودة إليه مهما بعد مشوار عمله. إن بعد زوجك وتنصله من مسؤولياته يحتاج إلى تدخل حكيم، سواء من والدك أو أحد إخوتك، فلو أن أحدهم ذهب إليه في مكان عمله، أو تواعد معه في مكان معين وجلس معه وذكره بحكمة ورفق بأبنائه وزوجته، ورقَّق قلبه عليهم، وجعل لعودته موعدًا، ووعده بأنك ستبذلين ما بوسعك لإسعاده ورضاه، وأن ينسى ما سبق، فلكل مرحلة عيوبها وأخطاؤها. وإن لم يكن هذا الحل ممكنا فأهله وإخوته طرف في القضية يمكن الاستعانة بهم في لم الشمل. استخدمي الجوال في إعادة المياه إلى مجاريها بإرسال صور أبنائك ورسائل الشوق منك ومنهم. تحببي إليه من خلال أبنائك، وافخري به واعتزي بأبويته لأبنائك؛ فالرجل يعجبه الثناء والفخر وإظهار حاجتك إليه. تجنبي الحديث عن احتياجاتك المادية في أول اللقاء، ولكن دعيه يعيش الوضع في نقصان أولويات تهمه هو من الغذاء واللباس ووسائل الراحة. جمالك وأدبك اجعليها ذكرى جميلة في مخيلته، ولابد أن يكون قد مر على حياتكما أيام سعيدة ولحظات هائنة اجعليها كالوقود لحياتك القادمة، اثني عليها وتذكريها معه. الحوار الذي ينتهي بمشكلة تخلصي منه، اعرفي مفتاح شخصيته هل هو عمله؟ هوايته؟ أمنيته؟ وتقربي إليه بالحديث والهدايا البسيطة التي لا تكلفك. استغلي أيامك الحالية بتطوير نفسك والرفع من شأنها في جميع المجالات، سواء تطوير نفسك ولغتك وهوايتك وطرق تربيتك لأبنائك ونوعية طبخك.. يعني كوني امرأة جديدة مبهرة. حافظي على ثوابتك وهويتك المسلمة، واكتسبي ما يفيدك في حياتك وآخرتك، تذكري جيدا أن الحياة السعيدة لا تعني الحياة الذليلة مع الرجل. وإنما الرجل يكمل السعادة ولا يصنعها. الدعاء دائما وأبدًا هو الملجأ والملاذ الآمن للإنسان، كوني دائما على اتصال وتواصل مع خالقك، فهو العالم بما يصلح شأنك.. دعائي لك بالسعادة الدائمة في حياتك. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.