ق. حنان المتجول بشوارع وطرقات الجزائر العاصمة الكبرى والرئيسية، سواء كان على متن سيارة، أو راجلا، بإمكانه أن يلاحظ بعض التصرفات الغريبة لعدد كبير من المواطنين، من الجنسين، ومن مختلف الأعمار، والمستويات الاجتماعية والثقافية والتعليمية، وهم يقطعون الطرقات، بشكل عشوائي وفوضوي، حتى على مستوى الطرقات التي تشهد حركية كثيفة للسيارات، مثلما هو الحال مثلا على مستوى ساحة البريد المركزي، أو بالقرب من محطة تافورة بالعاصمة، دون أدنى اعتبار للإشارات الضوئية، الخاصة بالراجلين، ولا للمر الخاص بهم، فتجدهم يقطعون الطرقات في كل الاتجاهات، وفي كل الأوقات، وفي أحيان قليلة، نجدهم يتراجعون بعد تصفيرات عون الأمن الذي يكون بوسط الطريق، ولكن في معظم الحالات، فان كثيرا منهم لا يلقي بالا لك، وكان بضعة ثوان التي سينتظرها، إلى غاية منحه الضوء الأخضر للمرور، ستعطل مشواره، أو تنتقص من وقته الثمين، ما يدفعنا إلى التساؤل حقا، عن مدى وعي المواطن، وتمتعه بالثقافة المروية اللازمة، في الوقت الذي تعاني فيه الجزائر من ارتفاع نسبة حوادث المرور بين البلدان العربية مجتمعة، وتدفع سنويا أرقاما مرعبة لضحايا إرهاب الطرقات، وكذا حركية كبيرة وكثيفة لمختلف أنواع المركبات. ومن الملاحظ أن كثيرا من المواطنين، لا يتمتعون بالحس الكافي لاحترام إشارات المرور، سواء كانوا رجالا أم إناثا، كبارا في السن أو صغارا، ومن المؤسف أن يعطي بعض الكبار خاصة أن كانوا من الأولياء برفقة أبنائهم مثالا سيئا عن التصرف في الطريق، بجعلهم يقطعون معهم في وقت تكون فيه الإشارة الضوئية الحمراء واضحة، في عز النهار، الأمر الذي يكون بدوره أجيالا من المواطنين الذين لا يبالون أبدا بهذه الإشارات الضوئية، ويستمرون في الإلقاء بأنفسهم وسط السيارات، ما يتسبب بإرباك السائقين وبقية المارة، وقد يؤدي إلى حوادث خطيرة، يكون فيها المذنب والضحية في الوقت نفسه، هو هذا الموطن الراجل، ولا احد غيره، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ، مهما حاولنا، لوم السائق، ولا اتهامه بالسرعة المفرطة، أو عدم الانتباه، لأنه ببساطة كان في حقه، وكانت الأولوية له، وليس للمواطنين الراجلين، وهو أمر يدركه الكثيرون، ولكنهم يعاندون، فلا يؤذون بالتالي إلا أنفسهم، ما يتطلب المزيد من الإجراءات الردعية، و العقابية، ليس في حق السائقين وأصحاب المركبات فحسب، وإنما أيضا في حق بعض الراجلين المخالفين كذلك. وكان مشروع قانون المرور الجديد قد أشار بوضوح إلى وجود عقوبات صارمة خاصة بالراجلين في حالة عدم استعمال الممرات المخصصة لهم تصل إلى غرامة جزافية تقدر ب2000 دينار، حيث صنف مشروع القانون مخالفة الراجلين للقواعد التي تنظم سيرها ضمن المخالفات من الدرجة الأولى من القسم الأول، حيث يخضع كل راجل لم يلتزم باحترام قانون المرور خاصة فيما يخص عبور الطريق خارج ممر الراجلين أو عندما يشتعل الضوء الأخضر الخاص بسير السيارات وتوقف المارة وكذا عند عبور الطريق السريع على مسافة تقل عن 30 مترا من الجسر الخاص للمارة بدفع غرامة مالية قدرها 2000 دينار جزائري، و تقوم الجهات الأمنية بسحب بطاقة التعريف الخاصة من المخالف إلى غاية تسديده للغرامة، وفي حال ضبطه بدون وثائق إثبات الهوية فيتم نقله إلى محافظة الشرطة أو كتيبة أو فرقة الدرك الوطني ووضعه تحت النظر ريثما يسلم وثائق هويته. وللإشارة فإن فرض عقوبات تتمثل في غرامات جزافية على المارة كانت موجودة من قبل في قانون المرور السابق غير أنها لم تكن مطبقة، ومن الأجدى في ظل التجاوزات الخطيرة التي يرتكبها بعض المارة والراجلين، علما أنهم وراء نسبة كبيرة من حوادث المرور، إعادة تفعيلها وتطبيقها بكل أوسع.