رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    المجلس الشعبي الوطني: الفوج المكلف بإثراء المشروع التمهيدي لقانون الجمعيات يستمع إلى رئيسة الهلال الأحمر الجزائري    السيد بن براهم يستقبل الأديبة و الكاتبة الفرنسية إيزابيل فاها    الحرب تنتهي في غزة والمحتل يجرّ أذيال الهزيمة    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    الجزائر تحقق إنجازا مهما على الساحة الدولية    أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة    وفد من الحماية المدنية التونسية يحل بالجزائر    تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة    إنقاذ 200 شخص مؤخرا عبر الولايات    60 منصبا تكوينيا في طور الدكتوراه بجامعة وهران 1    حزبنا أودع مقترحاته حول مشروعي قانوني البلدية والولاية    استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025    ولايات جنوب تنظم فعاليات متنوعة وتدشين مشاريع تنموية    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    انطلاق التسجيل في الدورة الثانية لمسابقة توظيف الطلبة القضاة    تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    سينمائيون يشيدون بالاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع السينما    عروض كثيرة لحاج موسى    ديدوش مراد صنع مجد الجزائر    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    وقف اطلاق النار في غزة : بدء عملية تبادل الاسرى بتسليم حركة "حماس" ثلاث محتجزات صهيونيات الى الصليب الأحمر الدولي    الشركة الجزائرية-القطرية للصلب/جيجل: تصدير نحو 700 ألف طن من منتجات الحديد خلال 2024    المجلس الأعلى للشباب: رفع تقرير سنة 2024 المتضمن لمقترحات قوية إلى رئيس الجمهورية مارس المقبل    تكوين مهني: استلام منشآت جديدة ببومرداس خلال العام الجاري    المغرب: الانشغال بالأجندات وإهمال الحقوق الأساسية وراء إخفاقات الحكومة في احتواء أزمة الصحة    نديل: التحول الطاقوي بات من أولويات الحكومة ومشاريع واعدة للرفع من القدرات الوطنية للمحروقات    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    سوناطراك تشارك في قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد    افتتاح وكالة جديدة لبنك الجزائر الخارجي بتيميمون    المعهد الوطني للصحة العمومية: تنظيم دورات تكوينية حول الوقاية والتكفل بالأمراض المرتبطة بالتغذية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا الى 46391 شهيدا و 110750 جريحا    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    صورة تنصيب ترامب تثير الجدل!    أين الإشكال يا سيال ؟    شايب: نهدف إلى تحسين خدمة المواطن    الجزائر تتحرّك من أجل أطفال غزّة    الصليب الأحمر يعلن التحضير لتنفيذ عملية تبادل الأسرى وتكثيف الاستجابة الإنسانية في غزة    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    تجارة: عدم التساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار للحفاظ على استقرار السوق    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانفصام فى الحياة السياسية العربية
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 04 - 2019


بقلم: علي محمد فخرو
كنا منذ فترة نصف المشهد السياسى العربى خصوصا بعد حراكات وثورات الربيع العربى المغدور بأنه مشهد سريالى. فى ذلك المشهد تختلط الصور وتمتزج الظلال لتكون لوحات سياسية غير واضحة أو مرتبة وبالتالى غير مفهومة.
وكما تدل الحياة السريالية التى يعيشها بعض الأفراد على تشوش فى الفكر واهتزاز فى توازن الشخصية فإن الأمر نفسه ينطبق على المجتمعات والدول التى تسمح الظروف بأن تقلب الأحداث حياتها إلى صور سريالية متنافرة.
لكن يظهر أن ذلك المرض السلوكى والفكرى قد تحول تدريجيا لدى بعض أنظمة الحكم العربية إلى مرض نفسى وعقلى خطير مدمر للذات يتمثل فى انفصام شخصية تلك الأنظمة وتحويلها إلى شخصيتين متناقضتين قادرتين بتبريرات نفعية على التعايش بانسجام وتعاضد.
فلقد كانت شخصية الغالبية من أنظمة الحكم العربية منذ بضعة عقود تتعايش فيها المشاعر والالتزامات والمصالح الوطنية المحلية مع المشاعر والالتزامات والمصالح القومية المشتركة الكبرى.
وحتى الأقلية الصغيرة من أنظمة الحكم العربية التى لم يتوافر فى شخصيتها ومسلكيتها ذلك التوازن منعها الخوف أحيانا أو الحد الأدنى من الخجل أحيانا آخر من مضاددة مشاعر شعوبها الوطنية والقومية العفوية المتلازمة بصورة طبيعية أخوية كما منعها من الشطط فى حماقاتها الأنانية أو ممارسة الدونية المذلة أمام قوى الخارج الاستعمارية المعادية لهذا الجزء من الأمة العربية أو ذاك.
مناسبة الدخول فى تلك الملاحظات الموجعة للقلب ردود الأفعال العربية تجاه القرارات النرجسية العدائية الفضائحية المغموسة فى هوس دينى مفتعل صهيونى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتحريض من صهره الصهيونى كوشنر تجاه القدس العربية منذ بضعة شهور وتجاه الجولان العربى منذ بضعة أيام.
كان المنتظر كحد أدنى أن يصدر قرار عربى موحد باسم الجامعة العربية من جهة ومن خلال كل وزارة خارجية عربية من جهة أخرى يعتبر القرارات الرئاسية الأمريكية الأخيرة قرارات حرب عدوانية على كل الأمة (وليس فقط خاطئة أو مخالفة للشرعية الدولية كما تلاعب بكلماتها البعض) وأنه ستكون لها انعكاسات على كل المصالح والعلاقات الأمريكية فى كل الأرض العربية.
لنذكر هنا بأن عرابى المافيا من السراق الذين يوزعون ما لا يملكون لا يخافون إلا من المواقف الرّجولية الندّية الشجاعة لمن يواجهونهم بشرف.
كان المنتظر كأول رد فعل دعوة سوريا للعودة إلى الجامعة العربية كتأكيد قومى بأن سوريا هى جزء من وطن عربى واحد وأنها لن تترك لوحدها لتجابه صلف نظام الحكم الأمريكى.
كان التعلل بضرورة الإجماع لإرسال الدعوة تعللا غير مقبول وغير منطقى تحت ظروف هذه الهجمة العدوانية الجديدة على الوطن العربى.
دعنا نذكر هنا بأن سوريا لا تتمثل فقط فى نظام حكم لدى بعض أنظمة الحكم العربية مشاكل معه مثلما لديه هو الآخر مشاكل معها. سوريا هى قطعة وجودية من الوطن العربى فهى شعب عربى أثبت عبر التاريخ وفى العصر الحديث على الأخص أنه من أكثر شعوب الأمة العربية وفاء لالتزاماته القومية ومن أكثر شعوبها كرما واحتضانا وتضحية من أجل أى من المنكوبين والمشردين واللاجئين والمضطهدين العرب.
لقد وقفت سوريا شعبًا وحكومة فى كل حرب ومعركة خاضتها أقطار من الأمة العربية ضد أعداء العرب الكثيرين. لقد خسرت الجولان كأرض محتلة من قبل العدو الصهيونى من جراء وقوفها المشرف مع شقيقتها مصر إبان معركتها العادلة ضد الكيان الصهيونى عندما وقف الكثيرون يتفرجون.
فهل هكذا يجازى الشعب العربى السورى الشقيق المبهر فى عطائه وتاريخه وتضحياته الهائلة وهو يخوض حربه الوجودية مع عتاة الإجرام الجهادى الإسلامى المزعوم فى الداخل وضد التكالب الخارجى الذى تقوده أمريكا والصهيونية من أجل تفتيت أرضه وتدمير كل مكوناته الحضارية والمعيشية؟
من الواضح جدا أن قوى الشر الداخلية والخارجية ترمى لجعل الشعب العربى فى سوريا يكفر بالعروبة وبارتباطاته القومية وبأخوة الإسلام تماما كما حاولت وتحاول تلك القوى فعل الأمر نفسه حاليا بالنسبة للشعوب العربية فى فلسطين والعراق وليبيا واليمن ومصر وسيأتى الدور على الآخرين الحالمين المعتقدين ببلادة متناهية بأنهم سيكونون فى مأمن من مؤامرات الداخل والخارج المماثلة.
ويظهر أن قبول فقدان الجزء تلو الآخر من الوطن العربى للغير أصبح سلوكا ملازما للشخصية السياسية الحاكمة فى بعض أرض العرب.
أما بالنسبة لأمريكا فقد كنا نأمل إجراء مراجعة شاملة جادة لكل علاقات العرب السياسية والاقتصادية والأمنية والشخصية مع نظام حكم حالى لم يبقِ ابتزازا إلا ومارسه ولم يبقِ احتقارا للعرب إلا وأعلنه ولم يبقِ شرعية دولية إلا وداس عليها ولم يبقِ اتفاقات ومعاهدات عربية معه إلا وألقى بها فى سلة المهملات.
ومع ذلك فلا يزال مندوبوه وما زالت وفوده محل ترحيب من قبل الكثير من قادة العرب وأنظمة حكمهم.
نعم هناك انفصام فى الشخصية يتعايش فيها جبروت وتسلط وتهديدات وعنتريات فى الداخل مع سلوك ضعيف ذليل مستسلم فى الخارج.
لك الله يا شعب سوريا الرائع المبهر.. إلى أن تتعافى تلك الشخصية العربية من انفصامها المأساوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.