مع دخول فصل الصيف يُصبح البعوض عدو الإنسان الأول، أو يكاد، ولهذا يتهافت المواطنون هذه الأيام على شراء مختلف أنواع المبيدات التي يمكن أن تقيه خطر تلك الحشرات، وتقضي عليها، او على الأقل تطردها، لكن بعض المبيدات لا تقضي فقط على البعوض، بل إنها يكن أن تتسبب في الضرر حتى للإنسان، خاصة تلك المبيدات المشبوهة التي تنتشر في أسواقنا الفوضوية. مصطفى مهدي قبل أن نخوض في موضوع المبيدات المشبوهة، لا بد أن أشير إلى أنّ انتشار البعوض صار شيئا عاديا، خاصة في بعض الأحياء الشعبية، والتي تنتشر بها القمامات والقاذورات، ناهيك عن بعض المستنقعات وأماكن التفريغ، كل هذا يغري البعوض، ويجعله مُرافقاً لتلك الأحياء، والبيوت، ولكن البعض لا يعرف التعامل مع تلك الحشرة الضارة، ويستعمل سلاحا في القضاء عليها يمكن أن يضر به قبلها، وهو بعض المبيدات الخطيرة، وبعض الأدوية، وغيرها مما يباع على الأرصفة، ويوضع وكأنه صيدلية متنقلة، كيف لا وهؤلاء الباعة يسمون تلك المبيدات بالأدوية، وقد تكون كذلك أحيانا، ولكنها قد تكون قاتلة، ومُسبِّبة لأمراض أشدّ خطورة بكثير من لدغات البعوض، ولقد لاحظنا، ولاحظ الكثير منا الإنتشار الرهيب للمبيدات، ونحن مارّون من سوق بومعطي لفت انتباهنا رجل يقف، ويحمل مكبر صوت ويصرخ أن تعالوا لتتخلصوا من معاناتكم مع البعوض والحشرات الضارة، الشيء الذي جعلنا نتجه إليه، ولم نكن وحدنا من قصده عن فضول بل أنّ الكثيرين قد تجمعوا حوله، وراحوا يسألونه عن بعض المواد الذي كان يبيعها والتي قال أنها تقضي على كل شيء، وربما كان يقصد البشر أيضا، لا ندري، لكن ما نعلمه أن كل الناس هي معنية ، بطريقة او بأخرى بانتشار البعوض في أحيائنا، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يشترون من تلك المبيدات، وحتى الخلطات، التي لا ندري من أين احضرها، إلى أن جاء زبون قال للبائع أن رائحة المادة التي باعها له أمس كريهة، وانه لم يستطع النوم بمجرد أن وضعها في الغرفة، واضطر إلى المبيت في الصالون، وقبل أن يجيبه البائع، قال مواطن آخر أن الرائحة ليست كل شيء، وان تلك المواد الخطيرة يمكن أن تكون اشد فتكا من البعوض والحشرات الضارة نفسها. ما سمعناه لم غريبا، فمعروف أن المواد الكيماوية لا تخلو من خطر، ولكن الخطر كل الخطر أن تباع هكذا على الأرصفة دون مراقبة ولا شيء، وللاستفسار عن الموضوع اتجهنا إلى الطبيب عيساني علاوة، الناشط ببلدية الحراش، وهو المختص في أمراض الأنف والحنجرة، والذي قال: "لا بد أن نتفق في البداية على أنّ كل المبيدات خطيرة، ولا يوجد مبيدٌ لا يخلو من خطورة، ولكن درجات الخطورة على الإنسان تتفاوت، هناك مبيدات تخضع للإجراءات اللازمة من فحص واختبار وغيرها حتى لا تكون سما يفتك بالإنسان، ومنها تلك التي تُصنع في أماكن مشبوهة، او التي تباع على الأرصفة، او حتى التي يخلطها البعض مدعيا انه طبيب، ولا ندري إن كان هناك أطباء في الحشرات؟ وخطر تلك المبيدات في مادة "ديكلوروكوس" والذي يرش على شكل ضباب حراري، او دخان ابيض ممزوج بالبنزين، او الكيروسين، ولا شك أن بعض الأحياء اعتادت على تلك الشاحنات التي تطلق هذا الدخان المبيد للحشرات، ولا بد أن أشير هنا إلى ظاهرة خطيرة، وهي هؤلاء الأطفال الذين يركضون وراء تلك الشاحنات ويستنشقون تلك المادة القاتلة دون مبالاة، لكن هناك مبيدات مشبوهة تباع دون مراقبة، يكون خطرها اكبر، فالمواد التي تحتويها خطيرة للغاية، فمثلا المواد البترولية تنتج مواد مسرطنة وضارة بالجهاز التنفسي والعيون، حتى انه قد تم استخدامه في الحرب العالمية الثانية غاز قاتل من غازات الأعصاب، أما المادة التي اشرنا إليها، وهي الديكولوروكس فتؤثر على المعدة وعلى الجهاز التنفسي، وهو مبيد فوسفوري يوقف عمل "انزيم الكولين استيراز" مما يؤدي إلى تعطل الجهازين التنفسي والعضلي معا، ويمكن أن يسبب أعراضا بين الغثيان وفقدان السيطرة على المثانة، وحتى فضل التنفس والغيبوبة.