جاءنا العيد ونحن بصدد حاضر أليم تعيشه أمتنا ومستقبل قاتم ينتظرها وعدو غاشم يكيد لها ومؤامرات تحاك لها ليلاً ونهارًا حتى من أبناء المسلمين وتخلي الكثيرين عن واجباتهم نتيجة الانشغال بهموم الحياة وذوبانهم في بحارها وانصراف المؤسسات التربوية والدينية والإعلامية عن واجبها تجاه الشباب الذي تاه وضل وصار لا يدري لماذا يعيش ولا حتى كيف يعيش. لكننا سنفرح بالعيد برغم كل ما هو من واقع وبرغم سعي الكثيرين للتطبيع مع عدو أمتنا وديننا والتنازل له عن أراضينا ومقدساتنا ومواردنا والتآمر على البقية الصامدة المرابطة حول الأقصى الشريف. نعم سنفرح بالعيد لأن اليأس ليس من أخلاقنا -نحن المسلمين- ولا من طبعنا ولأنه تعالى قال: {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. نعم لن نيئس.. ولن نضجر.. ولن نملَّ من طول الطريق بعد أن رأينا ما قاله رسولنا محمد r لمن شكوا له المحن قائلين: ألا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْم أَوْ عَصَب وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ (رواه البخاري). وقد حدث ذلك وعاشه الناس بعد أن صارت اليمن جزءًا من الدولة الإسلامية. ولطالما علمتنا حوادث التاريخ أن لحظة الصفر (الهيمنة الكاملة للعدو) هي اللحظة التي يعقبها العد التصاعدي نحو النصر والتمكين حدث ذلك يوم أن قرَّ قرار مشركي مكة النهائي على قتل رسول الله r وحان وقت التنفيذ فخرج r مهاجرًا وأعقب ذلك تكوين دولة الإسلام بالمدينة وحدث ذلك يوم أن قُتل آخر خلفاء بني العباس وهدمت بغداد (حاضرة الإسلام) إذ أعقب ذلك وفي نفس اليوم ميلاد عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية التي مكن الله بها للإسلام في الشرق والغرب وكأن الله أوجدها لأن دولة بني العباس قد شاخت ليرجع بها للإسلام فتوته.