ما بين اتخاذ ترامب قرار ضرب إيران ثم تراجعه هذه كواليس الساعات الأخيرة لحرب كادت تشتعل ! رُسمت الخطة وحُدّدت الأهداف من قبل القادة العسكريين بالبنتاغون بانتظار الأمر لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران غير أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جمع كبار مستشاريه داخل المكتب البيضاوي مساء الخميس قبل دقائق فقط من ذلك. فلماذا تم التراجع عن القرار؟ ق.د/وكالات ذكر تقرير إعلامي نقلاً عن مسؤولين مطلعين على الاجتماع تفاصيل الدقائق العشر التي حالت دون اتخاذ قرار ضرب إيران مشيرين إلى أنّ ترامب طرح أسئلة حاسمة على مستشاريه قبل بدء العملية. ووفق هؤلاء فقد سأل ترامب ما هي المخاطر المحتملة ؟ كم من الناس يمكن أن تقتل الضربة ؟ ما الذي قد لا يسير كما ينبغي ؟ وتشير التقريرن إلى أنّه سبق وتم إطلاع ترامب بالتفصيل على مثل هذه الأسئلة في وقت سابق خلال ذلك اليوم بما في ذلك تقدير البنتاغون لخسائر بشرية قد تصل إلى 150 ضحية إيرانية غير أنّ انضمام مستشار الأمن القومي جون بولتون إلى الاجتماع مجادلاً بقوة لصالح تنفيذ الضربات دفع الرئيس لطرح هذه الأسئلة مرة أخرى بحسب الصحيفة. وفي الوقت الذي انتهى فيه الاجتماع كان ترامب قد أعطى الأمر بالتراجع عن قرار تنفيذ العملية. ويستند هذا الوصف لكيفية موافقة ترامب على العملية العسكرية ضد إيران ثم إلغائها بشكل مفاجئ إلى مقابلات مع أكثر من 25 من مسؤولي البيت الأبيض ومشرعين ومساعدين بالكونغرس ومسؤولين عسكريين وآخرين على دراية بالعملية تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم. وقبيل ساعات فقط من اجتماع المكتب البيضاوي كان الجيش الأمريكي قد بدأ بالتعبئة حول مهمة تحديد الثمن الذي على إيران دفعه مقابل إسقاط طائرته المسيرة التي تقول الولاياتالمتحدة إنّها كانت تحلق في المجال الجوي الدولي وتقول طهران إنها انتهكت أجواءها. وكشف التقرير أنّ النقاش داخل الإدارة الأمريكية حول كيفية الرد على استهداف الطائرة المسيرة كان قد امتد على مدار أربعة اجتماعات في البيت الأبيض يوم الخميس ابتداء من الساعة 7 صباحاً حيث كان ترامب مؤيداً للعمل العسكري خلال النهار بينما عدل عن رأيه هذا في المساء. صباح الخميس بعد أن أكدت الولاياتالمتحدة فقدان الطائرة بدون طيار جمع بولتون على وجبة الإفطار مجموعة من كبار المسؤولين لمناقشة رد الفعل المحتمل حسبما يذكر المسؤولون وبحسب هؤلاء لم تكن هناك حاجة لتحديد ما إذا كانت إيران تقف وراء هذا الإجراء فقد أعلن الحرس الثوري الإيراني بسرعة مسؤوليته عن إسقاط الطائرة RQ-4 Global Hawk التابعة للبحرية الأمريكية. كان رد ترامب الأولي على الواقعة تغريدة كتبها عند الساعة 10:15 صباحاً قال فيها إنّ إيران ارتكبت خطأً فادحاً! . في وقت لاحق من صباح الخميس أعطى ترامب الضوء الأخضر للبنتاغون للتحضير للضربات ضد إيران حيث أُبلغ أنّ الأمر سيستغرق من المسؤولين العسكريين عدة ساعات وتم إطلاعه على الضحايا والمخاطر الأخرى قبل إعطائه الموافقة على العملية بحسب ما يذكر المسؤولون الساعة 11 خلال اجتماع عقد في الساعة 11 صباحاً حضره وزير الدفاع المنتهية ولايته باتريك شاناهان ووزير الدفاع بالوكالة مارك إسبر وغيره من كبار الضباط العسكريين استعرض مسؤولو الإدارة عدة خيارات لكيفية الرد على إسقاط الطائرة وقال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى تحدث شريطة بسبب حساسية المناقشات إنّ البنتاغون لديه أصول بحرية مستعدة لضرب إيران بحال تم توجيهها بما في ذلك السفن التي ترافق حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لنكولن . وأضاف أنّ تلك الضربات كانت قد تشمل غارات جوية عبر طائرات حربية أو على الأرجح ضربات بواسطة صواريخ توماهوك . ومن بين السفن التي كان من الممكن أن يتم استخدامها لضرب إيران بحسب المسؤول ذاته طراد الصواريخ الموجهة USS Leyte Gulf والمدمرة USS Bainbridge اللذان بإمكانهما حمل صواريخ توماهوك . ماذا عن الكونغرس؟ طوال اليوم من مداولات البيت الأبيض لم يتم إطلاع قادة الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي سوى على لمحات سريعة لما كان ترامب يخطط له عند حوالى الساعة 11 صباحاً تم إطلاع المشرعين في الكونغرس على التهديد الإيراني في اجتماع كان من المقرر عقده قبل استهداف الطائرة بدون طيار والذي تحوّل سريعاً بحسب مساعدين في الكونغرس إلى بيان موجز لإطلاع المشرعين على الأحداث التي وقعت. خلال الاجتماع تلقى موظفو الكونغرس كلمة مفادها أنّ البيت الأبيض كان قد دعا عند الساعة 3 مساءً لاجتماع يحضره كبار القادة ويركز على إيران. وقد أطلق هذا التوقيت جرس الإنذار حيث كان المشرعون يتوقعون أمراً خطيراً ووشيكاً وفق مساعدين للعديد من أعضاء الكونغرس حضروا الاجتماع. ووفق نفس التقرير فقد عززت تصريحات لترامب خلال لقائه برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الارتباكات الحاصلة بشأن الرد الأمريكي المحتمل مشيرة إلى أنّ ترامب اقترح بداية تحميل إيران مسؤولية ما حدث كما قلّل في الوقت عينه من أهمية الحادثة لأنّ الطائرة كانت بدون طيار ولم يؤد سقوطها إلى سقوط ضحايا أميركيين واصفاً الواقعة بأنّها خطأ من قبل مسؤول إيراني أدنى مستوى. وبينما كان قادة الكونغرس يتوجهون إلى البيت الأبيض لاجتماع ما بعد الظهر لم يكونوا متأكدين مما قد يطرح عليهم وفقاً لما يذكره أحد كبار مساعدي الكونغرس مشيراً إلى أنّ البعض توقع أن يخبرهم ترامب بأنّ عملية ضد إيران قيد التنفيذ. في المقابل فإنّ ما طُرح على المشرعين عند وصولهم إلى غرفة الاجتماع كان عقد حوار وفقاً لرئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب آدم شيف والذي قال إنّه اعتقد أنّ ترامب كان يصغي إلى المشرعين عندما حذروه من مخاوفهم. وفي الوقت عينه كان البيت الأبيض قد جمع كبار المسؤولين العسكريين ومسؤولي المخابرات لحضور اجتماع بحضور شاناهان وإسبير ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه جينا هاسبل. ولم يتم إطلاع معظم المشرعين حول ما حدث بعد ذلك حتى مع اجتماع القادة العسكريين مع ترامب والذين كانوا يسعون للحصول على توقيع نهائي منه لبدء الضربات مساء الخميس. فعندما سُئلت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي يوم الجمعة عما إذا كان البيت الأبيض قد أبلغها بالضربات المخطط لها أجابت: لا . الساعة 7 مساء في وقت لاحق بعد ظهر الخميس كان البنتاغون يستعد للإعلان عن الضربات وعند حوالى الساعة 6 مساءً اجتمع مسؤولو الدفاع بمن فيهم الجنرال جوزيف دنفورد جونيور رئيس هيئة الأركان المشتركة ونائب وزير الدفاع ديفيد نورويست مع شاناهان في مكتبه. عندها بدأ ترامب في طرح الأسئلة الرئيسية حيث كان يتجول في المكتب البيضاوي مع كبار المستشارين بمن فيهم مستشار البيت الأبيض بات سيبولوني. وجاء قرار ترامب بإلغاء الضربات متذرعاً بالضحايا المحتملين بمثابة مفاجأة لمسؤولي البنتاغون الذين قضوا وقتاً طويلاً خلال بعد الظهر في الاستعداد للعملية لا سيما أنّ بعض مسؤولي وزارة الدفاع كانوا قد عبّروا عن قلقهم قبيل قرار ترامب لأنهم رأوا في العملية تصعيداً بالغاً بحسب ما قال مسؤولون ل واشنطن بوست . عند حوالى الساعة 7 مساءً ألغى ترامب قرار تنفيذ الضربات قبيل حوالى ساعتين من موعدها المفترض وهو قرار جاء على عكس السياسات المتشددة التي دعا إليها بعض مستشاريه بمن فيهم بولتون الذي نادى منذ فترة طويلة بتغيير النظام في إيران. ماذا بعد؟ بعد إلغاء تنفيذ الضربات من غير الواضح ما تخطط الإدارة الأمريكية له بشأن التعامل مع إيران بحسب الصحيفة. فدعوة ترامب الذي أدى قراره بسحب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي الإيراني إلى تصعيد التوترات مع إيران لإجراء مفاوضات مع قادتها تم رفضها علناً من قبل طهران. ووفق التقري المذكور فقد أخبر ترامب مستشاريه صباح الجمعة بأنّه سعيد لأنّه لم يمضِ قدماً في تنفيذ الضربات ضد إيران. كما قال في تغريدة على تويتر إنّه تم فرض عقوبات جديدة على إيران مساء الخميس لكن مسؤولين قالوا في وقت لاحق الجمعة إنّه لم يتم فرض أي إجراءات جديدة. وبحسب نفس المصدر فقد خلّف نهج الاقتراب المزدوج قلقاً لدى الكونغرس من أنّ ترامب لا يملك استراتيجية واضحة لإدارة العلاقات مع إيران. وحول ذلك قال النائب آدم كينزنغر عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إنّ ترامب يخاطر بالظهور بمظهر الضعيف من خلال التراجع عن قرار دعمه للعمل العسكري ضد إيران.