إن لم تفعل مع أبنائك سوى أن تزرع خشية الله في قلوبهم وتربط لهم مواقفهم في الدنيا بموقفهم بين يدي الله يوم الحساب وإن لم تعلمهم من السنة سوى قول الله عز وجل في الحديث القدسي: يا عبادي إنَّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثمَّ أوفِّيكم إيَّاها فمَن وجد خيرًا فلْيَحْمِد الله ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفْسَه [أخرجه مسلم] فنم قرير العين مطمئنًّا إذ بذلك تكون قد اجتزتَ بهم المهالك فلولا الخشية ما ثبت إيمانٌ ولا استقامت جوارح. كلُّ ما تقوله لهم من توجيهات ومبادئ وأنت بينهم سيذكرونه لك حين المغيب. ودائمًا - شئنا أم أبينا- يظلُّ الولد ابن أبيه وإن كان الأمر لا يسلم من بعض الشَّطَطِ والميل في سنِّ مراهقتهم ووقت عنفوانهم وتظلُّ البنت شبيهة أمِّها وإن لم يبدُ لنا ذلك في صغرها. سيأتي على أبنائك ذلك الزمان الذي فيه يتذكَّرون كلَّ خطبك ومواعظك التي كنت تعظهم بها وسيعودون حتمًا إلى أصولهم وقِيَمهم سيكونون مِثلك في أخلاقك ومبادئك بل يحدث كثيرًا أن يتفوَّق الأبناء على الآباء فيكونون أفضل وأكثر طهرًا ونقاءً وتكون لهم مواقفُ تشرِّف آباءهم وتُبهرهم في أوقات عصيبة ولحظات فارقة يكون فيها الإنسان إنسانًا ذا قيمة وهيبة في عين نفسه وفي عيون الناس جميعًا. رَبِّ أبناءك على أن يَزِنوا أعمالهم قبل أن توزن عليهم واربطهم دائمًا بالله وعلِّق قلوبهم برحمته سبحانه وخوِّفهم ظلمَ الناس ولو بالكلمة دون أن تُثقِل عليهم بخطب طويلة وتوجيهات ثقيلة وحكايات لا تنتهي فقط تنبيهات يسيرة في كلِّ موقف يتطلَّب منك تنبيهًا في كلِّ وقت يحتاجون فيه إلى توجيه منك. لا تَزِدْ على أن تقول لابنك: زِنْ موقفك هذا في الدنيا بموقفك بين يدَي الله في الآخرة. هل يسرُّك ما تفعل أم يسوؤك ويَشِينك؟ ربِّهم على خشية الله وانظر كيف يكونون وافرح بنتيجة زرعك واقطف ثمرتك على مَهَل ونَمْ قرير العينِ مطمئنًّا.