من معالم التوفيق السير على ما سار عليه محمد صلى الله عليه وسلم واتباع سنته ظاهرًا وباطنًا في صلاته وصيامه وحجه وذكره وبيعه وشرائه وبيته ومعاملته وحِلَّه وترحاله وفي كل شأن من شئون حياته بل لا يكتفي بذلك بل يدعو لها ويبلغها أسرته وأقاربه وأحبابه وجيرانه وكل من يعرف. هذا دأب الموفق إلى أن يلقى ربه وهو على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 163] . هذا هو الإسلام حقًّا حياتك كلها لله وهذا والله هو طريق التوفيق . وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7] . فالسنة كالسفينة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق كما قال مالك (رحمه الله) وبقدر ما تعلم وتعمل بسنة رسولك صلى الله عليه وسلم يكون توفيقك وسعادتك في الدنيا والآخرة . هذا فاروق هذه الأمة يقول : والله إني لأُقبّلك وأني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبلتُك . وهذا يدل دلالة واضحة صادقة في إتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحرص عليها قولًا وعملًا قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) : وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدِّين وحُسن الأتباع فيما لم يكشف عن معانيها وهو قاعدة عظيمة في إتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه . يقول الشيخ صالح بن طالب حفظه الله : منزلة المؤمن تقاس بإتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم وكلما كان تطبيقه للسنة أكثر كان عند الله أعلى وأكرم فالتمسك بالسنن تحصين للفرائض والواجبات وباب لزيادة الأجر والحسنات وجنوح إلى الأجمل والأكمل وهو شرف الأتباع وحلاوة الاقتداء فلا تزيغ به الأهواء وفوق هذا كله محبة الله الجليل . ويذكرنا الحافظ ابن حجر (رحمه الله) بقوله : وقد كان صدر الصحابة ومن تبعهم يواظبون على السنن مواظبتهم على الفرائض لا يفرقون بينهما في اغتنام ثوابهما . رضي الله عنهم ذلكم هو الجيل المتميز الموفق . آه ثم آه ! كم تُركت من سُنة من سنن المصطفى في هذا الزمن مع الأسف ! وما ذاك إلا لضعف الإيمان في تلك القلوب وعدم استشعار الأجور الكبيرة المترتبة على ذلك وسيأتي علينا يوم نعرف فيه قدر وعظمة الحسنة الواحدة .