تنطلق اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة الجلسات الأولى من نوعها لممثّلي فعاليات المجتمع المدني بحضور أكثر من ألف مشارك من مختلف الآفاق المهنية والاجتماعية والثقافية والجامعية· ستنصبّ أشغال الورشات الخمس المختصّة للنّدوة التي بادر بتنظيمها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي المعروف اختصارا ب "الكناس"، وتمتدّ من 14 إلى 16 جوان، على التفكير في تفعيل الحركة الجمعوية في المجتمع الجزائري وإحداث التغيير في هذا المجتمع بواسطة اجتهادات أفراده· ومن المنتظر أن يمثّل هذا اللّقاء الذي يعدّ المبادرة الأولى من نوعها منبرا لممثّلي المجتمع المدني لطرح انشغالاتهم ومختلف العراقيل التي تعترضهم في الميدان وتحول دون استجابتهم لتطلّعات المجتمع، علما أن الكثير من هذه الجمعيات والمنظّمات غير الحكومية تفتقر إلى قوّة الطرح والقرار بافتقادها إلى القوانين المشجّعة على العمل الميداني وإلى الوسائل المادية وفي غالب الأحيان إلى التسهيلات الإدارية التي تمكّنها من أداء مهامها بحرّية وفعالية· وسيتمّ خلال ورشات هذه الجلسات التفكير في رسم الخطوط العريضة لأرضية المجتمع المدني التي ستنطلق أساسا من منح الاعتمادات وضمان المقرّات وتوفير الإمكانيات المادية اللاّزمة، مع العلم أن غالبية الجمعيات والمنظّمات الوطنية تزاول نشاطاتها في غياب مقرّات تزيد من مصداقيتها· وتزداد أهمّية هذه الجلسات التي أتت في ظلّ حاجة الشباب الملحّة إلى التأطير والتوجيه نحو بناء المجتمع وخدمته بما يتلاءم وإمكانياته وطموحاته أمام علو موجة الاحتجاجات التي بلغت أوجها في بداية 2011· وسيتمّ في اختتام الجلسات المصادقة على الإعلان الختامي المنبثق عن توصيات الورشات الخمس المختصّة· وحسب المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي فإنه من المنتظر حضور منظّمات نقابية وأرباب عمل وتنظيمات مهنية واجتماعية ومنظّمات طلاّبية وشبابية ومجالس أخلاقيات المهنة ودوائر مواطنين للتفكير والعمل ومجتمعات علمية وممثّلين عن عالم الثقافة والإعلام والاتّصال· وأوضح المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أن المشاركين الذين سينضم إليهم أفراد من الجالية الجزائرية في الخارج "سيتمّ قَبولهم وتفويضهم قانونا من قبل الهيئات التابعين لها"· وأشار المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في تعليقاته إلى أن هذه الجلسات غير المسبوقة في الجزائر المستقلّة، والتي تجري في سياق "المطالبة بتعجيل التغيير في المجتمع ومن قبل المجتمع" تمثّل إطارا "قويا لتفعيل الحركة المدنية الواسعة للمجتمع الجزائري، سواء فيما يخص تعدّد مكوّناته أو تنوّع أساليبه التعبيرية"· ويعتبر منظّمو هذه الجلسات "التي تعدّ ممارسة حقيقية لديمقراطية تشاركية بشكل مفتوح وفي الوقت الحقيقي" على أنها "القواعد المؤسسة لمجتمع مدني راشد يعترف به من خلال (خصوصياته) العديدة، إضافة إلى الفاعلين المؤسساتيين الآخرين، حيث يؤدّي كلّ واحد الدور الخاصّ به وينشط في مجالاته الخاصّة"· واعتبر المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أن هذه الجلسات الأولى تنطوي على "هدفين أساسيين" وهما "حرّية التعبير من خلال تخصيص فضاء للاستماع ورصد تطلّعات المواطنين" ثمّ الخروج بتوصيات مفيدة حول طريقة الوصول إلى توافقات ضرورية لبناء الوطن·