بقلم: حمادة فراعنة* انتصاران سياسيان حققتهما الدبلوماسية الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية: أولهما موقف المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية التي أكدت على حق الولاية القانونية للسلطة الفلسطينية على الأراضي المحتلة وحقها في تقديم الشكوى للمحكمة الدولية ضد إجراءات الاحتلال المعادية لحقوق الإنسان والانتهاكات الجرمية التي تقارفها مؤسسات الاحتلال ضد المواطن الفلسطيني من حيث الاستيطان ومصادرة الأراضي والملكيات الخاصة ونسف البيوت وجرف المزارع والإفقار والحصار والعقوبات الجماعية. وقد حصلت المدعية العامة على الفتوى القانونية من قبل مرجعية المحكمة على صواب إجراءاتها نحو استكمال خطوات محاكمة قيادات المستعمرة السياسية والعسكرية والأمنية وتعريضهم للمساءلة على خلفية سلوكهم المشين ضد الفلسطينيين في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967. وثانيهما الإنجاز السياسي المتمثل بموقف مفوض السياسة الخارجية للمجموعة الأوروبية وبيان ثماني دول أوروبية أساسية تُحذر حكومة المستعمرة من التمادي في خطوات الضم التوسعي لمستوطنات الضفة والغور الفلسطينيين لخارطة المستعمرة وفق برنامج حكومة التناوب بين نتنياهو وغانتس وأن مشروع الضم الذي يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية يُنهي أي مشروع لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويُلغي حل الدولتين ويفتح آفاقا لتوسيع الصراع وتعقيده. الانتصار الأول من قبل مؤسسة دولية يعكس حجم التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية والانتصار الثاني يعكس موقف الأغلبية الأوروبية في رفضها للسياسات التوسعية الاستعمارية الإسرائيلية وهو تأكيد على التراجع الأوروبي التدريجي عن دعم المشروع الاستعماري الإسرائيلي والتقدم التدريجي الأوروبي في دعم المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني. خطوات الانتصار الفلسطيني تسير بشكل متدرج وتراكم الانجازات بإمكانات فلسطينية متواضعة رغم قدرات العدو وتفوقه السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي ولكن قدرات العدو تفتقد للشرعية والعدالة بينما يملك المشروع الوطني الفلسطيني العدالة والحق والسير بأدوات تراكمية مبنية على الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة. حكومة التناوب بين نتنياهو وغانتس رغم اتفاقهما ولكنها مازالت تواجه عقبات أولها مدى شرعية تسلم نتنياهو لرئاسة الحكومة وهو مطلوب للمحاكمة على ثلاث قضايا فساد لم تبت بعد المحكمة بمدى أهلية تسلمه لرئاسة الحكومة وثانيها قضايا إجرائية وحقائب وسياسات مازالت معلقة مع أحزاب المستوطنين واليمين المتطرف. ليست فرص النهوض الفلسطيني مغلقة بل هي مفتوحة ومفاتيحها بيد طرفي الانقسام المتشبثين ما بحوزتهما من مهام ومسؤوليات ووظائف ومواقع الاستئثار ولو تخلصت فتح وحماس من ضيق الأفق الحزبي وتخلتا عن الاستئثار وتقدمتا نحو الشراكة في صياغة برنامجهما المشترك وضمن المؤسسة التمثيلية الموحدة واعتمدتا على أدوات كفاحية متفق عليها يكونون قد وضعوا أرجلهم على الطريق لأنهم يملكون أوراق القوة التي توفر لهم الصمود ومراكمة الانتصارات التدريجية وصولاً نحو استعادة كامل حقوق شعبهم في المساواة والاستقلال والعودة.