رحل الفنان السعودي عبد العزيز الحماد في مدينة بتسبيرغ بولاية بنسلفانيا الأمريكية، الذي كان يتلقى العلاج فيه منذ 20 يوما، لمتابعة حالته الصحية بعد صراع طويل مع مرض السرطان. وللفنان الراحل إسهامات كثيرة في الفن السعودي، فهو أحد المؤسسين الأفذاذ الذين كافحوا كثيرا على مدى 50 عاما حتى تحصّل الفن على الاعتراف الصريح في بيئة كانت إلى وقت قريب مُجدبة، وتستريب من كل إبداع فني، وهي نتيجة لم يكن يتوقع فناننا الراحل أن تحصل في فترة زمنية قصيرة بفضل جهوده التي لا تنسى. وذكرت صحيفة الرياض السعودية الجمعة 18 جوان أن الحماد المولود في محافظة الزلفي لم يكن ممثلا فحسب، بل فنانا تشكيليا مبدعا قدم قبل نحو خمسين سنة أول معرض تشكيلي خاص بأعماله في المنطقة الشرقية. ولم يؤثر في عزيمته عدم حضور الجمهور للمعرض، بل زاده ذلك إصرارا على مهمته النبيلة والمتمثلة في غرس محبة الفنون في أفئدة أبناء مجتمعه. وغادر إلى الرياض وأقام معرضه التشكيلي الثاني، وكان الإقبال هذه المرة أكبر، الأمر الذي زاد من إيمانه بقيمة ما يقدم ليتجه بعد ذلك إلى فن التمثيل في التلفزيون والإذاعة مواصلاً طريقه الذي كان قد بدأه مع رفيق دربه الفنان القدير محمد الطويان، عندما قدم الاثنان مسرحيةً كوميدية تدور أحداثها في الغرب الأمريكي الضاري، فكانت تلك المسرحية هي أولى مسرحياته. وتبعها بمجموعة مسرحيات عززت من مكانته وجعلته اسما مطلوباً لمخرجي التلفزيون حينذاك، ومن هنا جاء لقاؤه بالمخرج الراحل سعد الفريح، الذي أثمر عن بطولته لأول أعماله التلفزيونية وكان بعنوان »الوجه الآخر«. وبدأ حينها مسيرة درامية حافلة توّجها ببطولة عديد من المسلسلات من أهمها: المسلسل العربي »عمارة العجائب« والمسلسلات السعودية »المزيّفون«، »غدا تشرق الشمس«، و»الوجه الآخر«. لكن ذلك لم يكن كافياً للفنان عبد العزيز الحماد، حيث كان لا يزال يشعر بضرورة التخصص في الفنون ودراستها بشكل أكاديمي، فكان من أوائل المسافرين لأمريكا لدراسة الفن التشكيلي، وذلك بعد أن قدم للإذاعة السعودية أهم أعمالها على الإطلاق، مسلسل »سواليف الناس«. وبمجرد عودته انهمك في نشاطه الفني، مشاركا في أهم المسلسلات السعودية وأبرزها »طاش« و»خلك معي« كممثل وكمؤلف لجزئه الثاني، و»الوهم« و»شؤون عائلية« و»أساطير شعبية« إضافة إلى مسلسل »أبجد هوّز« مع الفنان عبد الرحمن الخطيب، الذي كان آخر أعماله التلفزيونية وعرض في القناة السعودية الأولى في رمضان الماضي. ولأن فناننا الراحل كان مشغولا بتعزيز مكانة الفن في المجتمع السعودي، فقد قدم نفسه مرشحا في الانتخابات البلدية التي أجريت في مدينة الرياض مطلع العام 2005م، وكان هدفه من هذه الخطوة إبراز دور الفنان وتأكيد رسالته في خدمة الوطن والمواطن. وقد مارس منذ ذلك الوقت دورا نقديا لافتا، حيث ظهر في لقاءات تلفزيونية وصحفية لينقد الأعمال الدرامية السعودية نقدا بناء يسعى من خلاله إلى تصحيح مسار الدراما، لتكون خير مصوّر لحال المجتمع السعودي. واستفاد في نقده من مخزونِ تجربته الثرية في الفن السعودي منذ مرحلة التأسيس وحتى عصر الفضائيات.