مفهومها دورها ومكانتها مرجعها و.. صناعتها الإطار العام للكفاءة.. (الجزء الثاني) مواصلة للجزء الأول وفي إطار الإلمام بجميع الجوانب والعناصر الشاملة والجامعة ل الكفاءة سنتطرق في هذا الجزء إلى عناصر متعلقة بدور ومكانة الكفاءة في الإدارة اكتسابها علاقتها وارتباطها مع أهم العناصر كالمهارات واكتساب الكفاءة وأيضا الكفاءة والأنشطة المهنية. إدارة الموارد البشرية على أساس أي كفاءات؟ يرى Didier Retour من خلال مقاله le DRH de demain face au dossier compétences أنه في هذه المرحلة من التفكير يُطرح السؤال المحوري الأول على مديري الموارد البشرية: هل هم مستعدون للتحول من نظام إدارة الموارد البشرية القائمً على الكفاءات المطلوبة إلى إدارة الموارد البشرية التي ترتكز على الكفاءات التي تم حشدها وامتلاكها إضافة إلى إمكانيات موظفيها؟ بمعنى آخر هل هم مستعدون أم مقتنعون بالاهتمام بالانتقال من منطق المنصب أو منطق التوظيف إلى إدارة الموارد البشرية مبنية على رأس مال الكفاءات الخاصة بالأشخاص (المدربين) الذين يقومون بتدريب موظفيهم؟ تعتمد الإجابة على هذا السؤال في الجزء المهم منه على استمرارية مهام وأنشطة الإدارة (المنظمة). في الواقع كلما اعتبرت الإدارة أن الوظائف التي تحشدها يمكن أن تكون موصوفة ومحددة باستقرار نسبي فهناك إذا فرصة كبيرة لمواصلة الاعتماد على مواصفات الوظائف والكفاءات اللازمة والمطلوبة. اما إذا كان العكس أي أن الإدارة تعتقد أنها أقل قدرة على إدراك المواصفات الدقيقة لوظيفة أو منصب سيكون عليها في هذه الحالة الاعتماد أكثر فأكثر على الكفاءات التي يكتسبها الموظفون مما يسمح لهم بالتعامل مع التغييرات أو التعديلات أو الأحداث غير المتوقعة في مواقف عملهم. من جهة اخرى وبالإضافة إلى الطبيعة المتقلبة والغير المستقرة لبيئة وأنشطة الإدارة يمكن لمديري ومسؤولي الإدارة أن يقوموا عمدًا وبصفة مباشرة تشجيع الموظفين على استخدام أكبر قدر ممكن من الكفاءات التي يمتلكونها مع كل العواقب المحتملة والناتجة لا سيما فيما يتعلق بالتنظيم والذي يصبح في الاخير بطريقة أو بأخرى في خدمة الموظفين. المؤهلات والكفاءات: التعريفات السبعة الأساسية يتطرق Bernard martory وDaniel crozet في كتابهما gestion des ressources humaines pilotage social et performance إلى تعريفات مختلفة للكفاءات والمؤهلات تم حصرها في سبعة أساسية. حيث يرون أنه من إدارة (منظمة) إلى أخرى وأحيانًا داخل نفس المنظمة حيث لا تزال تعريفات ومواصفات المناصب والكفاءات مبهمة غير واضحة. وما يزيد الوضع غموضا هو استخدم المديرون لنفس المصطلح بمعان مختلفة. في هذا الصدد ومن أجل التوضيح سعى الباحثان لتحديد التعريفات والمواصفات الأكثر استخدامًا وملاحظة تنوع المعاني في ظل تواجد المصطلحات الغير الدقيقة. 1. (المنصب) مجموعة من المهام المحددة مسبقًا ليتم إنجازها بواسطة موظف واحد أو أكثر. أحد الأجزاء الاولية والقاعدية من التنظيم الهرمي. و من باب التوسع وفي الممارسة العملية التطبيقية فإن المنصب يحدد بشكل غامض كل من الوظيفة LA FONCTION والأنشطة LES ACTIVITES وأحيانًا...المهن LES METIERS. 2. (الوظيفة) هي ممارسة مهنة في إدارة (منظمة) معينة. من حيث التنظيم فإن الوظيفة هي أيضًا تقسيم هيكلي يجمع مهام من نفس الطبيعة. 3. (الأنشطة) هي الأهداف التي يتعين تحقيقها مع القدرة على التنظيم الذاتي والتنوع. 4. (الكفاءات المستخدمة) أربع معارف ابتدائية أولية يتم استخدامها في الإدارة.(المهنة) هي مجموعة الكفاءات المترابطة والمتناسقة والمتمثلة في: SAVOIR – SAVOIR ETRE – SAVOIR FAIRE – ET SAVOIR EVOLUER 5. (الكفاءات المؤكدة) هي كفاءات معترف بها ومعتمدة والمطبقة في المنظمة. في هذا الصدد يطرح سؤال كيف تتم عملية التأكيد؟ أو بمعنى آخر كيف تكون عملية التأكيد؟ تتم هذه العملية (التأكيد) من خلال خطوات هي كالآتي: - التصريح. - مراقبة السلوك في العمل - البحث والإستطلاع مع احتمالية التقييم بنسبة 360 درجة. 6. (الكفاءات الشخصية) مجموعة من الكفاءات سواء تنفذ وتجسد في الإدارة أو لا. التناقض المحتمل بين الكفاءات الشخصية والكفاءات المستخدمة هو مؤشر ومعيار مثير للاهتمام لمعرفة جودة إدارة الموارد البشرية على محاورها لقيادة الكفاءات وأيضاالتنظيم. 7. (الإمكانيات) تلك الكفاءات المتوقعة في المستقبل. وهذا يعتبر تشخيص مليئ بالمخاطر. اكتساب الكفاءات: يرى Claude lévy leboyer من خلال كتابه la gestion des compétences أن مشكلة العلاقة بين المهارات/القدرات والكفاءات تتمحور حول دراسة ومعرفة دور الأولى في اكتساب الثانية. في هذه النقطة تساعد نتائج البحث في التعليم على استكمال الصورة المتعلقة بالعلاقة. في الواقع أظهرت الأعمال والأبحاث أن هناك مراحل تعليم مراحل تتوافق جيدًا مع تعريف الكفاءات المشار إليها من قبل. حيث قام كل من FITTS وPOSNER (1967) منذ أكثر من أربعين عامًا بوصف تعليم المهمة حيث قالوا: - يبدأ بمرحلة معرفية عندما يواجه الفرد لأول مرة العمل الذي يتعين القيام به والحالة التي يواجهها. يبدأ بفهم المتطلبات ومحاولة حفظ الإجراءات والاستراتيجيات. تتطلب هذه الخطوة صفات فكرية وقدرة جيدة على الاهتمام والملاحظة - عندما تكون البيانات الأساسية المتعلقة بمعالجة المعلومات وقائمة الاستجابات المطلوبة معروفة فإن المرحلة الثانية تجعل من الممكن زيادة سرعة التنفيذ وتقليل الأخطاء - المرحلة الثالثة والتي ستكرس لامتلاك الكفاءة يتم الوصول إليها عندما يصبح العمل أكثر آلية وأقل اعتمادًا على التحكم المعرفي الدائم أي مستقل. يجب التسجيل أن هذا هو الحال بالنسبة للعديد من أنشطة الحياة اليومية مثل قيادة السيارة أو استخدام الهاتف أو مجرد ارتداء الملابس. تعني الكفاءة في هذه المهام أنه لم يعد علينا التفكير في تنفيذ المراحل المختلفة منها ولا حتى تكييف سلوكنا مع التغيرات المستمرة في البيئة. بالإضافة إلى ذلك فإن المهارات/القدرات التي يتم إدراجها في عملية التعليم تتماشى وتتغير مع تطورها. لقد بين ذلك FLEISHMAN منذ عام 1954 من أجل التعليم النفسي. تم تأكيد هذه النتائج وتوسيعها من طرف ACKERMAN وآخرون(1989) الذين استطاعوا وصف الدور الحاسم الذي يلعبه الذكاء العام (القدرة على هيكلة الواقع وبناء العلاقات وتخيل الاستراتيجيات وفحصها) وذلك في بداية التعليم. لكن هذا الدور ينقص بعد ذلك حيث يصل الفرد إلى مستوى أدائه الأمثل لأن أتمتة المهمة تقلل من الطلب على الوظائف الفكرية وتزيد من دور مهارات/قدرات معينة. يؤكد هؤلاء الباحثون على أن الجميع لا يصلون إلى نفس المستوى من الكفاءة في نفس الوقت وبالتالي لا يصلون في نفس الوقت إلى مرحلة الأتمتة و التحرر فيما يتعلق بالتدوين الصريح والمعقول للمهمة الواجب إنجازها. هذه الاختلافات التي يمكن تفسيرها بأن كل شخص لديه المهارات المطلوبة بدرجات متفاوتة. علاوة على ذلك يؤكد نفس الباحثون أنه عندما تكون المهمة معقدة أو عندما تطرح باستمرار عناصر وجوانب جديدة فإن الطلب على الصفات الفكرية لا ينقص بمرور الوقت. من خلال هذا التحليل يرى CLAUDE LEBOYER انه يمكن استخلاص نقطتين مهمتين: - أولاً مهارات محددة مطلوبة من أجل اكتساب أو استخدام كفاءات معينة. تلعب هذه المهارات دورًا يقتصر عند مرحلة التعليم ذلك عندما تتم أتمتة المهمة بالكامل - لكن ثانيًا عندما لا تكون المهمة روتينية وتتسم بمتطلبات غير متوقعة ومتجددة باستمرار هنا يكون الطلب مستمر للعمليات الإدراكية والمهارات العقلية. من الواضح أن هذا هو الحال بالنسبة لجزء كبير من مسؤوليات المديرين أين تتغير المواقف بشكل متكرر والتي تتطلب الإبداع والمبادرة الحقيقية والخيال وحتى القدرات للتفكير والخروج من المأزق. الكفاءات والأنشطة المهنية: تطرق C.L.Leboyer في كتابه السالف الذكر إلى مفهوم الكفاءات حيث يرى أن أصل مفهوم الكفاءات يعطي فهماً أفضل للكيفية التي ظهرت بها ولماذا ظهرت. ظهر المصطلح منذ أكثر من ثلاثين عامًا لإعطاء مضمون فكرة أنه لا النتائج الأكاديمية ولا النقاط والدرجات المتحصل عليها في اختبارات الكفاءة والذكاء تتنبأ أو لها القدرة على التنبؤ بالنجاح المهني أو حتى التكيف الفعال مع مشاكل الحياة اليومية. ما يلاحظ هو أن العديد من الحجج والمبررات المسجلة ميدانيا أثبتت عدم دقة مختلف الآراء والتوجهات. وأن اختبارات الذكاء التي تسمى أيضًا اختبارات الأداء الإدراكي لديها قدرة تنبؤية لا جدال ولا شك فيها على النتائج المهنية. ولكن من وجهة نظر عملية يبدو من الأولويات الاعتراف بصحة وصلاحية اختبارات الذكاء مع الاعتراف بأنها لا تبين وتشرح كل شيء. بدون التخلي عن فهم كيفية تطوير الكفاءات وما هو مستلزم للقيام بمهام مهنية محددة بنجاح.