مفهومها دورها ومكانتها مرجعها و.. صناعتها الإطار العام للكفاءة.. (الجزء الأول) في إطار مناقشة قضية من القضايا المعاصرة للإدارة وتحد من اهم التحديات التي تواجه الإدارة على وجه العموم ومسيري الموارد البشرية على وجه الخصوص ألا وهي الكفاءة . لقد تطرقنا إلى هذه القضية من خلال عدة مقالات عبارة وجهات نظر وآراء وأفكار لأبرز المختصين والخبراء في مجال الموارد البشرية حيث قدمنا مفاهيم وتعريفات ودور الكفاءة وحتى إشكالية عدم الكفاءة في الإدارة العمومية. هذه المرة سنحاول التطرق لهذه القضية (الكفاءة) بصفة شاملة وجامعة أي من جميع الجوانب أي من المفهوم وإعطاء نبذة تاريخية مرورا بظهور الكفاءات العصرية دورها تسييرها مؤشراتها ومراجعها نسخها وصيغها وصولا لصناعتها. في البداية سنتطرق بصفة وجيزة لمفهوم الكفاءة حيث تطرق إليها الخبير الدولي في الموارد البشرية Malik Mebarki من خلال مقاله بعنوان: FORMATION PRODUCTION DE COMPETENCES ET GESTION DES RESSOURCES HUMAINES حيث يقول أن الكفاءة هي شكل جديد من التأهيل ووفقا ل P.Zarifian. الكفاءة تشير إلى شكل جديد من البناء الاجتماعي للمؤهلات. هذا النموذج متجذر في التحولات القوية في العمل وفي عمليات الإنتاج التي يتم إدراجه فيها تعريف الكفاءة يقول الخبير M.Mebarki نحن دائمًا أكفاء فيما يتعلق ب و/أو العلاقة ب هي القضية الاجتماعية الحقيقية والتي ستشكل واحدة من القضايا الرئيسية في المواجهات الاجتماعية حول الكفاءة. يمكننا تعريف الكفاءة على أنها ناقل للخصائص الإنتاجية وهي الخصائص الجسدية والعقلية التي يكتسبها الأفراد خلال مسارهم المهني. هذه الخصائص ذات طبيعة معرفية (savoirs savoirs faire) ولكنها أيضًا ذات طبيعة عاطفية وشخصية وحتى ذات طبيعة أخلاقية . تصبح هذه الخصائص كفاءات فقط عندما تكون ذات صلة بمواقف محددة تتطلبها وعندما يتم التعرف عليها على هذا النحو وبهذا الشكل. في النهاية يمكننا تعريف الكفاءة على أنها القدرة والمهارة على حل مشكلة مهنية معينة. تتكون هذه المهارات من قدرات منظمة يتم اكتسابها من خلال الخبرة المهنية والمعرفة والمهارات من التكوين الرسمي و/أو غير الرسمي. وفق zarifian الكفاءة تتجلى في التمكن والسيطرة على الحدث. إن شدة المواجهة الانعكاسية مع الحدث وتنوع الأحداث التي قد يواجهها نفس الفرد تولد تجربة حقيقية قابلة للنقل. الكفاءة هي ذكاء عملي للأحداث . كفاءات القرن الواحد والعشرين: لقد تطرق كل من Sylvie ann Hart وDanielle Ouellet من خلال مقال بعنوان les compétences du 21e siècle. إلى الكفاءات العصرية أو بالأحرى كما أطلق عليها كفاءات القرن الواحد والعشرين ففي عصر الثقافة الرقمية تظهر مطالب جديدة في مجال التعليم والتوظيف. على مدار السنوات الماضية تم استخدام العديد من المصطلحات لتعيينها مثل الكفاءات القاعدية و الكفاءات المفتاحية و الكفاءات الأساسية و قاعدة المعارف و الكفاءات المشتركة .. إلخ. ومع ذلك فقد ظهر إجماع على أن مصطلح كفاءات القرن الواحد والعشرين أكثر شمولاً وذات مغزى أكثر من البقية. بالاتفاق على المصطلحات ماذا عن تعريف هذه الكفاءات؟ من خلال مقارنة أعمال بعض المختصين يمكن ملاحظة أن الكفاءات التي تحظى بالإجماع وتلك الأكثر طلبًا في سوق العمل متقاربة ومتشابهة جدًا. لذلك هناك نوع من حالة القلق في كيفية إدراج هذه الكفاءات في منظومة التكوين وهذا القلق أثاره بالخصوص باحثون هولنديون. بداية ب(المهارات التي تبني الإجماع) قام الباحثان الهولنديان Joke Voogt وNathalie Pareja Roblin بالتحقيق في المعايير والمؤشرات الرئيسية التي تهدف إلى تعزيز الكفاءات التي ينبغي تعليمها وإدراجها في منظومة التكوين الحديثة أي القرن الواحد والعشرين. ثلاثة من هذه المؤشرات تأتي من منظمات دولية معروفة: اليونسكو UNESCO منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCDE والاتحاد الأوروبي UE. بالنسبة للآخرين أحدهم من أستراليا وثلاثة من الولاياتالمتحدة ولديهم امتياز يتمثل في تلقي الدعم من الشركات الخاصة الكبيرة. يشير الباحثون إلى الاهتمام القوي للمجتمع المدني بكفاءات القرن الحادي والعشرين. تُظهر المقارنة بين المؤشرات والمعايير المذكورة أنه على الرغم من عدم استقرار تعريف كفاءات القرن الحادي والعشرين تبقى حقيقة أن عددًا معينًا منها متفق عليه. والتي تتمثل في: (الكفاءات المذكورة في جميع المعايير) التعاون والتشارك collaboration الاتصال communication الكفاءات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (TIC) الكفاءات الاجتماعية والثقافية. (الكفاءات المحددة في غالبية المؤشرات) الإبداع créativité التفكير النقدي pensée critique حل المشكلات résolution des problèmes القدرة على تطوير الخدمات capacité de développer les services و نادرًا ما يتم ذكر الكفاءات الأخرى مثل القدرة على التعلم والاستقلالية (self-direction) القدرة على التخطيط والمرونة والقدرة على التكيف أو حل النزاعات.. إلخ. بالنسبة للكفاءات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات توجد معظمها في قلب جميع المؤشرات/المراجع. حيث أن أغلبها يتم تجميعها في ثلاث فئات حسب ما أشار إليه الباحثان: - الكفاءة أو التعليم المعلوماتي (information literacy) تعني القدرة على الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بشكل فعال تقييم المعلومات بنهج وطريقة نقدية واستخدامها بدقة وإبداع. - كفاءة أو تعليم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Literacy) وتشير إلى المعرفة التقنية التي تمكن من استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يمكن فهمها أيضًا بالمعنى الأوسع لاستخدام التقنيات الرقمية وأدوات الاتصال و/ أو الشبكات للوصول إلى المعلومات المفيدة في مجتمع المعرفة وإدارتها ودمجها وتقييمها وإنشاءها. - الكفاءة أو التعليم التكنولوجي (Technological Literacy) تشير إلى المعرفة التكنولوجية التي تجعل من الممكن فهم واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لحل المشكلات المعقدة أو لإنشاء خدمات تستجيب لمتطلبات مجتمع المعرفة. بالرغم من التطور السريع الذي يشهده عالم التكنولوجيا إلا ان الكفاءات المرتبطة بها والناتجة والضرورية لها تبقى في نقص ملحوظ بل وفي بعض الأحيان في بعض المجالات منعدمة تماما. ربما يرجع هذا النقص او هذا الإنعدام إلى الإفتقار للآليات التي تلعب دور الوسيط في ربط العلاقة بين التكنولوجيا والكفاءات اللازمة هذه الآليات ربما تتمثل في التكوين؟ بل نعم هو التكوين. مما ينتج عنه الربط والتناسق والدمج بين الكفاءة والتكنولوجيا والذي بدوره يؤدي إلى إلى التطبيق والتنفيذ الجيد للكفاءات العصرية الحديثة المعبر عنها بكفاءات القرن الواحد والعشرين. تنفيذ وتطبيق كفاءات القرن الحادي والعشرين: يعتبر تنفيذ كفاءات القرن الواحد والعشرين بمثابة تحد معقد ذلك نظرا للنقائص والصعوبات الموجودة خاصة في ما يخص التكوين والتعليم. إن الامر الأكثر غموضا وإثارة للجدل هو مكانة كفاءات القرن الواحد والعشرين في المناهج والمنظومة التكوينية/التعليمية. ومع ذلك يتم تصور وتخيل الحلول الممكنة في المؤشرات/المراجع. هذا الأمر دفع بالبعض إلى اقتراح دمج وإدراج هذه الكفاءات في برامج التكوين الحالية الموجودة كمواضيع للتعليم في حد ذاتها. بينما اقترح البعض الآخر نشرها لدعم مواضيع أخرى للتعليم أي كدعامة. ويرى آخرون أنها جزء من منهج جديد تمامًا يتم فيه تغيير هياكل المناهج التقليدية بحيث تصبح المدارس عبارة عن منظمات تركز على التعليم وليس التدريب. هناك إجماع حول فتح المجال ووضع مكانة لكفاءات القرن الواحد والعشرين بحيث يجب تغيير المناهج التعليمية بشكل جذري. يعد التعليم القائم على حل المشكلات والتعاون والخبرة والتقييم التكويني من بين أفضل تقنيات التعليم. إن دور المعلمين/المكونين وتطويرهم المهني في جميع المعايير قد اكتسب أهمية كبيرة في جميع المؤشرات/المراجع. تعتبر مواقفهم ومعتقداتهم وكفاءاتهم وممارساتهم ذات أهمية قصوى عندما يتعلق الأمر بإجراء تغييرات في طرق التعليم. في هذا الصدد تقدم لهم كفاءات القرن الواحد والعشرين العديد من التحديات التعليمية. إذ ليس من المتوقع أنه سيكون من السهل لهم اكتساب هذه الكفاءات والأهم أنهم سيمتلكونها بأنفسهم. وعليه يتم تحديد حاجيتين بصفة متكررة: تطوير مهاراتهم في استخدام طرق التعليم المختلفة ومعرفة كيفية استخدام الأدوات التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإنشاء بيئات تكوينية مناسبة للتعليم الحديث العصري. هناك أيضًا حاجة وضرورة إلى أن يفهم المعلمون/المكونون أهمية هذه الكفاءات وكيفية دمجها في تعليمهم. للقيام بذلك يجب أن يكونوا قادرين على ملاحظة أمثلة من الحياة الواقعية والمشاركة في أنشطة التطوير المهني على أساس مستمر والاندماج في مجتمعات التعليم المهنية. أخيرًا إن مشاركة مختلف الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص معترف بها في جميع المؤشرات/المراجع. السياسيين عالم الأعمال المنظمات المهنية ومؤسسات تكوين المعلمين والمدربين... وما إلى ذلك كلهم معنيين بل يجب أن يشارك الجميع في تنفيذ كفاءات القرن الواحد والعشرين. ويجب أن تأخذ استراتيجيات القيام بذلك في الاعتبار مصالح ومسؤوليات كل واحد من هذه الجهات الفاعلة. بمجرد إدماج كفاءات القرن الواحد والعشرين في المناهج التعليمية يبقى التحدي الرئيسي: وهو تقييمها . هذه الكفاءات معقدة مثل المهام المطلوبة لأدائها. لكن كيف يتم تقيمها؟ هذه المرة أيضا تلعب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دورًا رئيسيًا سواء في تغيير الطريقة التي يتم بها تقييم تصميم الاختبارات على وجه الخصوص أو حين يجب تغيير طبيعة ما يجب تقييمه. يمكن أيضا أن تكون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مفيدة في تطوير طرق جديدة للقيام بالعمل مستنبطة من عصر المعلومات.