بقلم: حبيب أبو محفوظ* عاصفة من التكهنات أحدثتها تصريحات القيادات السياسية والعسكرية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة خاصة ما يتعلق بقضية الجنود الأسرى لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام. فنحن أمام مشهد سيريالي ضبابي مفتوح على جميع الجبهات لجهة التخمين ومحاولة قراءة ما بين السطور. فالجانب الإسرائيلي يعيش مرارة أسر جنوده بصورة يومية دون أن يعلم حقيقة عددهم هل هم أربعة أم خمسة أسرى وهل هم أحياء أم أموات وهو مجبر على الدخول في دهاليز المفاوضات (غير المباشرة) للإفراج عنهم وهو بذلك كمن يتعامل مع أشباح مطلوب منه أن يقدم كل شيء دون أن يظفر بأي شيء. مع مرور الوقت نشهد تطوراً ملحوظاً في خطاب كتائب القسام يقابله تطور في استخدام الأدوات التي تشير إلى بعض المعلومات غير المباشرة حول حال الأسرى لديه من جنود الاحتلال وصولاً أخيراً إلى تسجيل صوتي منسوب لأحد الأسرى الإسرائيليين وهو يستنجد بحكومته وذويه لإنقاذه من الأسر والعمل على إطلاق سراحه فوراً. من الواضح في أداء المقاومة هذه المرة أنها تبعث برسائلها لمخاطبة المجتمع الإسرائيلي وهي بذلك تضغط على وتر التناقضات الإسرائيلية في ما يتعلق بواقع حال اليهود السود. فالمرجح أن التسجيل الصوتي الذي ظهر مؤخراً يعود للأسير الإسرائيلي أفيرا منغستو اليهودي الإثيوبي الذي تساءل في التسجيل المفترض: هل زعماء الدول يفرقون بين الأسرى الجنود ؟ في إشارة منه إلى قضية جلعاد شاليط الذي أفرج عنه مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً. والمقاومة بهذا الشكل تحرج صانع القرار الإسرائيلي في ما يتعلق بأكاذيبه التي يروجها للمجتمع الداخلي بأن الأسرى قتلى ومن أن المفاوضات تجري فقط لإعادة جثامينهم. ونهج المقاومة الحالي يعمل وفق تكتيك إعلامي يعتمد على الهدوء والثقة ويهدف في نهاية المطاف لإهانة المنظومة العسكرية والأمنية والإعلامية للاحتلال. خلاصة القول إن كتائب القسام تسعى من خلال رسائلها الإعلامية المختلفة بشأن الأسرى لديها لإعادة تفعيل قضيتهم وإحداث ضغط على الحكومة الإسرائيلية وهي تقدم جزءاً يسيراً من كنزها الاستخباري المدفون في أعماق المحيط والمليء بالأسرار والجنود معاً. فالصندوق الأسود لن يُفتح قبل أن تُفتح الزنازين التي تُطبق على حرية أسراها في سجون الاحتلال.