فوانيس.. أهلة ومجسمات للكعبة الشريفة ديكورات عصرية تزين احتفالية المولد في البيوت الجزائرية نسيمة خباجة تتميز سهرة إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بكثير من العادات والتقاليد المتنوعة وأجوائها ويبدو أنها اختلفت هذه السنة عن سابقاتها بظهور ديكورات مشخصة تباع حسب الطلب لخلق صورة مغايرة عما تعودت عليه الأسرة الجزائرية سابقا في احتفالها بليلة المولد. تختلف مظاهر الاحتفال بليلة المولد النبوي الشريف من منطقة لأخرى عبر الوطن ويبقى القاسم المشترك بينها استذكار خصال نبي الرحمة وسيرته المعطرة في أجواء روحانية مميزة إلا أن بعضا من المظاهر الاحتفالية المغايرة لما تعودت عليه الأسرة الجزائرية بدأت بالانتشار مؤخرا حيث أصبحت السيدات أكثر اهتماما بالجانب الجمالي لما يحضرنه في هذه الليلة وكثيرات هن من يشرعن بالبحث عن كل ما هو جديد ويلائم هذه المناسبة أياما قبل حلولها. ومن جديد مناسبة المولد لهذه السنة كما لوحظ ديكورات واكسسوارات يصنع كثير منها حسب طلب فتأخذ شكل أهلة مزركشة بألوان بيضاء أو ذهبية تحمل اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأخرى مزينة بعبارة مولد نبوي شريف إلى جانب مجسمات لبيوت الله وأخرى للكعبة المشرفة. كما انتشرت المناديل الورقية والملصقات الحائطية التي تتضمن نفس العبارات ضمن تيار الموضة الرائجة لمواكبة كل حدث ومناسبة بما يتماشى معه من ديكورات والتي شملت أيضا خيوط مصابيح على شكل نجوم أو فوانيس وأهلة تعتمدها السيدات كزينة إضافية لموائدها وهي تقدم كؤوس الشاي مع الطبق المحلى الطمينة وما يرافقها من أنواع المكسرات. ديكورات متنوعة لإحياء المناسبة وانتهز العديد من الحرفيين والحرفيات على غرار أصحاب محلات الطباعة على مادة الفوركس فرصة حلول المولد النبوي الشريف للترويج عبر موقعي الفايسبوك وانستغرام على الخصوص لديكورات متنوعة مضمونها مرتبط بإحياء هذه الليلة فيما ذهب آخرون من أصحاب الجمعيات الناشطة في مجال التكوين في فنون الطبخ إلى حد تقديم تخفيضات مغرية لورشات تكوينية لأطباق تتماشى والمناسبة. و نالت الشموع نصيبها من الحداثة والعصرنة ضمن موجة الإبداع في ديكورات هذا الموسم. فشموع ليلة المولد لسنة 2021 لم تعد مماثلة للحزمة المعروفة 12 شمعة متعددة الألوان والتي وإن مازالت حاضرة إلا أنها تلقى منافسة شديدة من شموع حسب الطلب تحمل أسماء الأطفال وصورهم مزينة بفوانيس وأهلة بألوان متعددة وفقا لذوق المشتري. فبعد رواج الشموع العطرية والتي تحضر بنكهات وأشكال وأحجام مختلفة جاء الدور لظهور شموع تحمل تزيينا خاصا بحسب طلب الزبون والتي باتت تلقى رواجا كبيرا حسب ما يؤكده العديد من ممتهني هذه الحرفة. وقالت السيدة ليلى موظفة بقطاع التعليم أنها تعمل جاهدة من أجل اجتياز سهرة مولد نبوي مميزة مع أفراد عائلتها وأرادت أن ترسخ في ذهن أبنائها فكرة جميلة للاحتفال بمولد خير الأنام فاختارت أن تشتري لهم شموعا تحمل أسمائهم وبها ملصقات حول ذكرى المولد ورباطات بأسمائهم أيضا تستعملها في ربط الحناء لهم مستعينة بإحدى صفحات الفايسبوك للحصول على طلبيتها . من جهتها قالت السيدة فطيمة من الجزائر العاصمة أنها أعجبت كثيرا بتلك المجسمات الصغيرة التي تشير إلى شخصيات تعودت على رؤيتها في بعض الفواصل الاشهارية الخاصة بشهر رمضان الكريم وباتت متوفرة مؤخرا بسعر 1800 دج معتبرة أنها ستضفي لمسة جميلة واستثنائية على مائدة سهرة المولد التي ترغب في تحضيرها لعائلتها. ديكورات المولد تغزو الفضاء الالكتروني أضافت السيدة أنها اقتنت تلك المجسمات عن طريق إحدى صفحات البيع الالكترونية وقد تسلمتها في غضون أيام قليلة بعد طلبها قائلة أنها لا ترى أي سوء في ذلك بل العكس هي تحاول أن تضفي أجواء مميزة على المناسبة بعيدة عن كل أشكال المفرقعات التي لطالما سببت لها إزعاجا ولصغارها ومما يلاحظ في العالم الافتراضي مساهمة سيدات اليوتبوب والانستغرام خصوصا في نشر ثقافة الديكورات والاكسسوارات المناسباتية . فلجلب مزيد من المتابعين لقنوات وصفحات المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي شرعت قبل أيام عدة قنوات وصفحات افتراضية في تقديم ورشات ودورات لصناعة الاكسسوارات والديكورات. كما دأبت قنوات اليوتوب على عرض تقديمات لموائد السهرة الخاصة بليلة المولد النبوي ناهيك عن الوصفات المختلفة لتقديم تحلية الطمينة والتي أصبح تزيينها بمثابة تقديم لوحة فنية لأفراد العائلة. و باتت محاولة تقديم موائد مشابهة لما يعرض عبر تلك القنوات مع مواكبتها لكل جديد من ديكورات وأكسسورات بمثابة الشغل الشاغل للعديد من المتابعات وهو ما ينعش في كل مرة سوق هذه التجارة ويتجسد مع حلول مثل هذه المناسبات. مظاهر الاحتفال بمولد خير الأنام محل إبداع وعن الموضوع قال الدكتور محمد ايدير مشنان إطار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف وأستاذ بجامعة الجزائر في تصريح لوكالة الانياء الجزائرية أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هو عنوان لحبه والتعلق به وقد دأب المجتمع الجزائري على إحياء هذا الاحتفال على غرار المجتمعات المسلمة فهو عنوان لحب عميق في القلب لا يمكن أن يزحزح . و أضاف بالقول أنه من المعروف أن مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى كانت دوما محل إبداع في المجتمعات وينبغي أن يتعزز مفهوم الإبداع مع مواجهة الابتداع الذي يمكن أن يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية وقيمها. وقال أن اجتماع الأسرة في ذكرى مولد الرسول الكريم ورسمها صورة جميلة بذلك ورغبتها في تجسيد سنة النبي الكريم بقوله ان الله جميل يحب الجمال وانتهاز فرصة مولده لتعزيز قيم الحق والخير والجمال داخل الأسرة من خلال لوحة فنية يسهم فيها الأطفال أو يصنعها حرفيون فالأمر هنا يتعلق بتعظيم خير خلق الله وزرع حبه في نفوس الصغار وربط لمعاني روحانية مع معاني الحياة اليومية . وأضاف السيد مشنان أن الأساس الروحي لتلك المساهمات والمغزى منها سيبقى بمثابة البديل الذي يمكن الاستعانة به لمواجهة سلوكيات أخرى خاطئة ارتبطت بهذه المناسبة الجليلة وتتنافى مع قيمها لاسيما منها المفرقعات والتبذير والإسراف في كل مظاهر الاحتفال مضيفا أن ما يقدمه الحرفيون في هذا الخصوص لابد أن يشكل قيمة مضافة للممارسات والسلوكيات الايجابية التي يتوجب تعميمها لدى الأسرة وكافة أفراد المجتمع . من جهته أكد الدكتور اسماعيل موسى أستاذ الفقه الإسلامي أن مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تتعدد من بلد لآخر وكلها تجتمع حول هدف واحد وهو إظهار الفرحة بذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام وتعكس مشاعر المحبة له والتعلق به. ومن عادة الناس في مثل هذه المناسبات أن يتبادلوا مختلف الهدايا ويجتمعوا حول مائدة واحدة لتلتقي الأجيال ببعضها ويرتبط الصغار بالكبار كما أنها فرصة لتجاوز الخلافات وطي كل مظاهر العداوات والكراهية. و أضاف أن ما تفعله العائلات من ديكورات وأكسسوارات بمناسبة المولد وتتفنن فيه الأمهات من تزيين الأطباق أو تنويع الهدايا أو ملابس تقليدية أو غير ذلك مما انتشر اليوم في مثل هذه المناسبات الدينية ما هو إلا مظهر للفرح والسرور وهو مندرج في العادات لا علاقة له بالتعبدات والأصل في العادات التي لا تخالف أحكام الشريعة ولا توقع في الحرام أنها مباحة . وقال أن البعض قد يتشدد في هذا الامر ويعتبره بدعة ولا يجوز شرعا لأنهم لا يفرقون بين العبادة والعادة والصحيح أن بينهما فرق والاحتفال جائز واستعمال ما يدخل البهجة في القلوب ويضفي على المجلس جمالا لا مانع منه ما دام مقيدا بما أحله الله وحرمه.