تقع قرية صنهاجة بأقصى شرق بلدية بوعيشون، وسط منخفض بمحاذاة واد يفصلها عن غرب بلدية سي المحجوب مقر الدائرة، الزائر للقرية يكتشف مدى المأساة التي يعيشها السكان، خصوصا بالنسبة للبنت التي لم تتمكن ولو واحدة منهن -حسب من تحدثوا إلينا-من اجتياز عتبة المرحلة الابتدائية منذ استقلال البلاد، بالرغم من وجود مدرسة ابتدائية فتحت أبوابها سنة 1970. أخبار اليوم زارت مؤخرا المنطقة للوقوف على الواقع المزري لسكان صنهاجة بوعيشون، وهذا بعد إلحاح أحد مواطنيها بضرورة كشف الحقائق المرة التي يعيشها مواطنو هذه الجهة خاصة في جانب التعليم، فضلا عن كونها معزولة تماما عن العالم الخارجي بالنسبة لكل شبكات الاتصال، وحسب أحمد بن سان مواطن في العقد الرابع من عمره، فسكانها أموات على الأرض، فلا طريق ولا قطرة ماء للشرب، ولازالوا يجلبون المياه على ظهور الحمير من مسافات بعيدة، أما البطالة فهي بنسبة مثبتة في نسبة 100 مائة بالمائة، وعن واقع التمدرس بها، فقد وصفه محدثنا بالمنعدم تماما لبعد المدرسة، حيث على التلميذ قطع مسافة 6 كلم ذهابا وإيابا مشيا على الأقدام من القرية ولغاية المؤسسة التربوية الواقعة بمحاذاة الطريق الوطني رقم 62 الرابط بين البر واقية ومدينة خميس مليانة، وسط هاجس الخوف من الوحوش المفترسة على غرار الذئاب وحتى من خطر الخنازير، إضافة إلى اشتداد الوادي في فصل الشتاء لافتقاره إلى جسور وظيفية في مثل هذه الظروف، فيما سبق وراسل السكان السلطات المحلية والولائية ممثلة في الوالي السابق لكن دون جدوى لحد الساعة ، أما عن عنصر الإناث المتمدرسات بالمدرسة السالفة، فقد وصف نفس المتحدث النسبة بالصفر لذات الأسباب إضافة إلى التخوف من الاعتداءات الجسدية و الجنسية عليهن من طرف جماعات الاشرار. السيد مرغني أحمد القاطن بالقرية والمدرس بالمدرسة المشيدة سنة 1970، قال أن إجمالي المتمدرسين بها يبلغ 07 تلاميذ من عنصر الذكور فقط منهم 03 تلاميذ بالسنة أولى ابتدائي و04 بالسنة الرابعة، معددا بعد ذلك معاناة سكان الجهة كالعزلة الخانقة ، مشيرا إلى جماعة من أطفال القرية ولسان حاله يردد، أنظر إلى حالاتهم المزرية هم حفاة وشبه عراة حتى في فصل الشتاء، ومن المشاكل المطروحة وبحدة ايضا انعدام النقل نهائيا لتدهور حالة الطريق على امتداد 3كلم فقط، وفي سياق حديثه أضاف قائلا حدث في أحد أيام 1997 وان لفظ أحد سكان القرية أنفاسه الأخيرة وهو محمول على الأكتاف وسط الطريق مخلفا 4أبناء، كما سبق وان تمكنا من إيصال امرأة استعصت ولادتها على يد عجوز القرية إلى حافة الطريق الوطني رقم62 وفوق الأكتاف كذلك، ولهذا أضاف محدثنا أصبحت الأسر عند إحساسها باقتراب أجل الولادة تقصد احد أقاربه أو تؤجر منزلا بالبرواقية أو المدية إلى حين ولادة السيدة. اخبار اليوم التي كانت اول جريدة الصحافة تزور سكان قرية صنهاجة منذ 1962، رصدت عينة من شباب القرية فيما يخص جانب التحصيل العلمي، حيث اقتربنا من عبد القادر سليماني 27سنة، مستواه الدراسي لم يتعد السنة الخامسة ابتدائي، عن أسباب عدم مواصلته الدراسة حصرها في الظروف القاسية، فأحيانا قال لا يستطيع الوالد حتى شراء كراس وقلم رصاص لذا توقفت عن مواصلة الدراسة، شاب أخر وصل مشواره الدراسي لغاية التاسعة متوسط، وحسبه فقد كانت له رغبة قوية في الدراسة حيث كان يقطع يوميا 7كلم ذهابا ومثلها إيابا،ب عد أن يصعد قمة الجبل للوصول إلى متوسطة بسي المحجوب، غير أنني –يضيف- لم أتمكن من مواصلة دراستي بمرحلة الثانوي نتيجة الظروف السابقة إضافة إلى بداية تدهور الوضع الأمني بالمنطقة حيث توقفت عن الدراسة سنة 1993 وعند عودتنا من القرية التقينا مواطنا كان عائدا إلى مسكنه بعد عمل يوم لدى احد الفلاحين الخواص بأجر يتراوح بين 300 و 400دج في اليوم في حالة عثوره على عمل، هو مرغني محمد من مواليد 1953 له 7أبناء بينهم خمس بنات أكبرهم من مواليد 1983، عن واقعهم الدراسي أكد لنا الوالد الذي كان في حالة تعب وهو يحمل المنجل وسط حزامه و"بالة على كتفه الأيسر"،أن الولدين واصلا تعليمهما لغاية نهاية المرحلة الابتدائية، في حين لم تكمل البنات دراستهن بهذه المرحلة من التعليم لانعدام النقل المدرسي بسبب رداءة المسلك أي الطريق الرابط بين القرية والمدرسة . البناءات الريفية تكاد تنعدم بالقرية: السكان الذين صمدوا أمام ضربات الإرهاب الأعمى طيلة السنوات العشر الماضية، لم يستفيدوا من برنامج حصص السكن الريفي منذ بداية تطبيقه سنة 2002 إلا من ثلاث سكنات بمبلغ 50 مليون سنتيم للحصة الواحدة، وحسب أحد المستفيدين الذي لا يزال مشروعه يراوح مكانه منذ استلامه الحصة عام 2008، بسبب صعوبة الطريق قال وكله غضب ونرفزة لقد طلبنا تعبيدها من المسؤولين الذين تداولوا على تسيير شؤون هذه البلدية لأكثر من 40عاما لكن دون جدوى، ما جعل تكلفة نقل مواد البناء تعرف ارتفاعا مذهلا، فهي تتجاوز ال1500دج للرحلة الواحدة وتصل أحيانا إلى 2000 دج بواسطة الجرار أما أصحاب الشاحنات فيرفضون خوض غمار مسافة 3كلم، ليتدخل مواطن آخر قائلا، هذه القرية الوحيدة على مستوى قرى ومداشر بلدية بوعيشون المحرومة من كل شيء، من الماء والطريق الذي يعتبر رقم واحد في مطالبنا منذ الاستقلال، وحرماننا من السكن الريفي مشيرا إلى احد الاحواش الذي قال أن به خمسة أبناء متزوجين ولا احد منهم استفاد من سكن واحد رغم تقديم قرابة 30 ملفا لأزيد من 7سنوات، في حين يستفيد ثلاثة وأربعة إخوة مرة واحدة بباقي القرى التابعة حسب ما وقفنا عليه ونحن في طريقنا إلى مقر البلدية، بكل من قريتي المخاطرية والواقة بالإضافة إلى توفر الماء والطريق والنقل المدرسي والإنارة العمومية. وصادف وأن وجدنا أمبارك بن نسان النائب الأول بالمجلس الشعبي البلدي، الذي حدثنا عن بعض المشاريع بهذه البلدية النائية ضمن برنامج 2010-2014، كشبكة التطهير ببعض قرى البلدية والبناءات الريفية البالغة 140 حصة خلال نفس المخطط، وحسبه فقد تم إرسال كل ملفات المستفيدين إلى الجهات الوصية، حيث أن الملفات المودعة بلغت حوالي 400 ملف أما فيما يخص صيغ السكن الإيجاري-الاجتماعي فقد استفادت البلدية من 10 سكنا ضمن برنامج 2009-2010، ونظرا لمشكل العقار فإن الحصة تبدو قليلة جدا. وحول حرمان سكان قرية صنهاجة من البناءات الريفية، قال ذات المتحدث أن هنالك ثلاثة مستفيدين في المدة الأخيرة، في حين أكد لنا- كما سبق- أحد المعنيين في هذه القرية بأنه استفاد رفقة اثنين أخيرين قبل ثلاث سنوات بمبلغ 50 مليون سنتيم للحصة الواحدة، ومن بين المشاريع التي تكاد تقضي على مشكل فك العزلة بين القرى ومقر البلدية هي تعبيد هذه المسالك والطرق -أضاف النائب الأول بالبلدية- أما عن الطريق الذي تسبب في بلوغ نسبة الأمية بين سكان صنهاجة لنسبة مائة بالمائة، خاصة بالنسبة لعنصر الإناث، فقد قال محدثنا انه سيتم انجازها في المستقبل القريب إن شاء الله.