نبّه رئيس الجمهورية إلى أن منطقة الساحل غدت اليوم مرتعا للجماعات الإرهابية تكتنفها أخطار حقيقية وعوامل قد تنجم عنها مخاطر جمة، ربما تصبح بعد أمد فضاء مواتيا لتوسع المد الإرهابي نحو مناطق أخرى من القارة ومن العالم، مشيرا إلى أن إشكالية السلم والأمن تطرح نفسها بعد ذلك من حيث تفاقم وتوسع رقعة ظاهرة الإرهاب وصلاتها المطردة مع الإجرام المنظم العابر للأوطان ومع المتاجرة بالمخدرات والأسلحة واختطاف الرهائن. وقال بوتفليقة أن التحديات الجديدة هذه بالتضافر مع استمرار النزاعات تشكل اليوم تحديا حقيقيا بالنسبة للمجموعة الدولية، تحديا متفاقم الخطورة بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية التي قد يؤدي استمرارها إلى تقويض المجهود التنموي الاقتصادي والاجتماعي المبذول لصالح شعوب دول الجنوب التي يمكن أن يشكل سوء ظروف معيشتها مصدرا للتوتر وللااستقرار. وأضاف الرئيس في كلمة التي ألقاها أول أمس حول موضوع السلم والأمن بتأكيد خاص على مختلف أشكال الإجرام العابر للأوطان بمناسبة قمة مجموعة الثمانية المنعقدة بموسكوكا؟؟؟ (كندا) أنه انطلاقا من هذا التشخيص اتفقت بلدان منطقة الساحل الصحراوي على مقارعة هذه الآفات مقارعة فعالة ومنسقة ومتضامنة، ففضلا يقول بوتفليقة عن تفعيل أطر التعاون الثنائي إذ رسا الاتفاق على إعطاء دفع جديد لتعاون جهوي يتمحور حول مبدأ تملك بلدان المنطقة للمشاكل الأمنية واحترام التعهدات الثنائية والدولية واعتماد إجراءات ملموسة في مجال مكافحة الإرهاب. وأما فيما يخص بالذات مسألة دفع الفدية للجماعات الإرهابية المختطفة للرهائن فقد نوه بوتفليقة بالتقدم المعياري الذي حققه الاتحاد الإفريقي باعتماده خلال دورته الثالثة عشرة المنعقدة بسرت في جويلية 2009 قرارا يدين دفع الفدية للجماعات الإرهابية، مشيرا إلى »إننا مرتاحون لتأييد مجلس أمن الأممالمتحدة هذا الموقف بإدراجه في قراره رقم 1904 الصادر في ديسمبر 2009 تدابير تخص التجريم القانوني لهذه الممارسة الكريهة للغاية والتي تشكل في جوهرها وغايتها مصدرا لتمويل الإرهاب«. ومن جهة أخرى، أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بموسكوكا (كندا) أن الجهود التي بذلتها البلدان الإفريقية في مجال صحة الطفل والأم ينبغي إسنادها بجهود المجموعة الدولية ومجموعة الثمانية على وجه الخصوص، وذلك لتنفيذ استراتيجياتها الوطنية في كنف احترام مبدئي التملك والقيادة اللذين تقوم عليهما الشراكة بين مجموعة الثمانية وإفريقيا. وأبرز رئيس الدولة أن تأكيد تعزيز المنظومات الصحية في إفريقيا يمثل المقاربة الصحيحة والكفيلة بحماية صحة الأم والطفل وتعزيز التقدم المسجل من قبل إفريقيا التي نجحت في تحجيم انتشار فيروس داء فقدان المناعة المكتسب (السيدا)، وفي تحسين الوصول إلى العلاج ورفع نسبة التلقيح وفي ضمان بوجه أعم استفادة موسعة من الطب الوقائي والعلاجي. كما أبرز من ناحية أخرى الصلة الوثيقة بين الفقر وبين هشاشة وضعية الأمهات والأطفال في العديد من البلدان الإفريقية، ومن ثمة وبالموازاة مع البرامج الموجهة خصيصا نحو تحسين صحة الأم والطفل ينبغي تكثيف محاربة الفقر كذلك، مؤكدا على أن هذه المحاربة متعددة الأبعاد من حيث إنها تنصب على مؤشرات النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الرئيسة. وفيما يتعلق بالجزائر أكد رئيس الجمهورية أنه تمت ترقية صحة الأم والطفل إلى مرقى الأولوية الوطنية ضمن منظومتنا الصحية، مذكرا بالبرنامج الوطني الذي وضعته لفترة ما بعد الوضع 2006-2009 والذي تم تمديده إلى غاية 2012 لضمان تكفل أفضل بالأم والطفل. كما أوضح الرئيس بوتفليقة أن المؤشرات الخاصة بالتكفل بصحة الأطفال قبل بلوغهم الخمس سنوات تؤكد تحقيق تقدم ملحوظ كما يشهد عليه انخفاض نسبة الوفيات من 43 في الألف سنة 2000 إلى 29,8 في الألف سنة 2008. وقال الرئيس أنه بالنظر إلى كل هذا يفترض تكثيف وتحديث شبكات الهياكل القاعدية عبر القارة، كما ينبغي من ثمة للبلدان المتطورة الوفاء بتعهداتها كاملة، كما يجب أن تستفيد إفريقيا بقدر يذكر من الإجراءات التي تم الإعلان عنها خلال قمة مجموعة العشرين (20) المنعقدة ببيتسبورغ خاصة فيما يتعلق بتعزيز موارد المؤسسات المالية الدولية والجهوية. ونبه الرئيس إلى ضعف مخصصات المساعدة العمومية على التنمية للقطاع الفلاحي في إفريقيا يشكل مفارقة أخرى ينبغي معالجتها إذا كان المراد هو الانتصار على الفقر وضمان الأمن الغذائي للقارة. وإن دعم البرنامج المدمج للتنمية الفلاحية في إفريقيا الذي تمت صياغته تحت إشراف الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) ومبادرة لاكويلا حول الأمن الغذائي ينبغي أن يحظى بأعلى قدر من الأولوية في هذا السياق.