تعرف الشواطئ هذه الأيام إقبالا كبيرا من طرف العائلات التي أبت إلاّ أن تستمتع بالحرارة والصيف وكل شيء جميل تعرفه بلادنا، وبينما تختار الأسر عادة الشواطئ المحروسة والمحمية، والصالحة على الأقل للسباحة، فإن المراهقين يرفعون في كل صيف شعار المجازفة والمخاطرة. لا يختار المراهقون الشواطئ المحروسة، بل بالعكس من ذلك، فإن البعض منهم يعتقد أنها تقيدهم وتجعلهم لا يتمتعون بالسباحة الجنونية، والممارسات التي يأتونها في الغوص والسباحة والحركات البهلوانية وكل ما هو خطير، بل كلما زادت الحركة خطورة كلما أصبحت عندهم أجمل وتستحق المجازفة، لهذا فإنهم يظنون أن الحماية المدنية التي تحرس الشواطئ، لا تفعل إلاّ أن تمنعهم من تلك الحركات، والتي لا تكتمل في نظرهم متعة البحر والسباحة دونها. ورغم الحوادث المتكررة التي تقع كلّ صيف، إلاّ أن لا أحد يكترث بها، أو ربما صارت حياتهم لا تساوي تلك المجازفة وتلك المتعة، حيث وعند اقترابنا من بعض المراهقين بشاطئ الفار ببلدية الرايس حميدو، كان جميعهم يدرك مدى خطورة تلك الممارسات، إلاّ أنهم يجدون أنفسهم ودون أن يفكِّروا في الأمر يتجهون إلى إحدى تلك الشواطئ دون غيرها من تلك المخصصة للسباحة، يقول لنا رمزي، 18 سنة: »في الشواطئ العادية يمنعنا الحراس من كل شيء، من الابتعاد ومن المجازفة، ومن كل ما يخلق المتعة في السباحة، لهذا لجأنا إلى هذا الشاطئ بعيدا عن أعين الجميع«، أما فؤاد، 19 سنة، فقد وافق صديقه وأضاف، كما لو كان يعترف بذنبه: »فعلا فلا سباحة دون مجازفة، ولو أننا نعلم أنها خطيرة، بل إننا شاهدنا الكثير من أصدقائنا وأبناء الحي يتعرضون لحوادث كادت تودي بحياتهم، بل إنّ صديقا لنا توفي السنة الماضية بشاطئ فرانكو«. لكن الشواطئ التي يرتادها هؤلاء المراهقون لا تنعدم فيها الحراسة وفقط، بل قد تكون غير صالحة للسباحة، ومع ذلك فإن البعض لا يعير الأمر أهمية، ويرتادها مثل شاطئ الفيروز، الذي التقينا فيه بجماعة من المراهقين الذين لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة سنة، والذي كانوا يسبحون، رغم وجود لافتة في مدخل الشاطئ تمنع السباحة فيه، إلا أنّ بوعلام، 17 سنة، يقول باستخفاف: »لقد اعتدنا السباحة في هذا الشاطئ، حتى قبل أن تضع البلدية تلك اللافتة، ولهذا فمن غير المعقول أن نغير عادتنا، ونتجه إلى شاطئ آخر بمجرد أن بعض المختصين شكوا في قطرات من مياه البحر في أنها ملوثة، ثم إننا رأينا الكثير من الشواطئ الأخرى والتي لا تمنع فيها السباحة، رأينا أنها أكثر تلوثا من شاطئنا، فالأمور تبقى نسبية، ولا يمكن أن نقيس عليها«، قال بوعلام ذلك بثقة كبيرة، كما لو كان مختصا. وفي النهاية فإن كل المخاطر تترصد هؤلاء الأطفال والمراهقين، ليس فقط تلوث البحر، ولا الحركات الجنونية التي يقومون بها، ولكن حتى المأكولات التي يتناولونها، حيث عادة ما يحملون في حقيبتهم أجبانا وخبزا ومواد غذائية أخرى يحضرونها في البيت، أو يشترونها من المحلات، أو من الطرقات والأرصفة، لا يعبئون بما يمكن أن تشكله من خطر على صحتهم، خاصّة إذا ما تعرضت لحرارة الصيف، وتحولت في ظرف ساعات معدودات إلى سمٍّ قاتل.