لازال الجزائريون يطلقون أسماء قديمة تنتمي إلى العهد الاستعماري على بعض الأحياء والمناطق في الجزائر، وفي الغالب تكون هذه الأسماء لبعض الجنرالات الذين طالما شربوا من دماء الجزائريين الأحرار وتقديرا لمجازرهم في حق هذا الشعب الأعزل، قام الاستعمار بإطلاق أسمائهم على بعض الشوارع الرئيسية في الجزائر، كما فعلوا نفس الأمر مع الشوارع الرئيسية في فرنسا، إلا الأمر مختلف تماما في الجزائر، فكيف لمن ذبحت عائلته أو قبيلته يمر يوما بشارع ما من هذه الشوارع فيرى أن آثار المجزرة لا زال ماثلا للعيان؟ والغريب في الأمر هو رغم أن هذه الشوارع غيرت أسماؤها بعد الاستقلال إلا أنها ظلت بأسمائها لدى العامة، ففي وقت مضى إذا قلت لشخص مثلا بشارع العربي بن مهيدي لن يتعرف على الشارع بهذا الاسم إلا إذا دللته على الاسم القديم وهو ديزلي والأمر نفسه مع الشارع الملاصق له وهو شارع ديدوش مراد والذي كان يعرف بميشلي، العسكري الفرنسي الذي قدّم الكثير من الضحايا الجزائريين لأمه فرنسا·· وغير بعيد عن هذه المنطقة وفي أعالي العاصمة مثلا هناك شارع شوفالي هذه المنطقة المعروفة بهذا الاسم رغم تغيير اسمها رسميا، وإذا ابتعدت قليلا إلى الحراش فهناك حي الروفيغو حيث تسمى هذا الشارع باسم هذا الرجل الذي قام بمجرة فظيعة في هذا المكان في حق الأهالي الأبرياء دون تفريق ثم أصبح يعرف المكان باسمه ولا زالت الألسن تلهج بذكره، كما أن بعض سكان العلمة لا زالوا يسمون مدينتهم باسمها القديم (سانت آرنو)، فهل هذا معقول؟ وهذا ما أكد عليه الأستاذ سعيد معول إطار بوزارة الشؤون الدينية والذي يبين دائما هذه الحقيقة عبر محاضراته ليستفيق الشعب من سباته ويسمي شوارعه بأسمائها الحالية والتي في معظمها لشهداء الوطن، حيث بعد اتصالنا به أراد أن يقدم نصيحة لكل الجزائريين وهي ضرورة محو هذه الأسماء من ذاكرتهم الجماعية كما محتها الدولة من شوارعها من خلال تغيير اسمها واستبدالها بألقاب أبطال الجزائر· في بداية إعادة تسمية هذه الشوارع كان جيل الاستقلال يفتخر أن ينادي شارعا ما من هذه الشوارع باسم هذا الشهيد أو ذاك البطل ويشعر بالدم يسيل من فمه إذا أخطأ أحدهم واستعمل اسم الجنرال الفرنسي على شارع ما فأين نحن من هذا؟ إذ أن هذا الجيل حتى إن ذكر الشارع باسمه الحالي فإنه لا يعرف أي شيء عن صاحبه وما قدم في سبيل هذا الوطن، وفي نفس الوقت لا يعرف الاسم الفرنسي الذي ينطق به وما هي الجرائم التي ارتكبها في حق هذا الشعب، فهل سيستفيق هذا الجيل ويمحي هذه الأسماء من ذاكرته؟