رفضت وزارة الخارجية التونسية في بيان لها الانتقادات الأمريكية لسجلّ حرية التعبير في البلاد على خلفية صدور حكم بالسجن على مراسل قناة »الحوار« الفضائية المعارضة فاهم بوكدوس لإدانته بتهمة »نشر معلومات من شأنها تكدير النظام العام«، في وقت طالب فيه الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي المعارض بإلغاء المتابعات القضائية الصادرة في حق بوكدوس وتحقيق انتقال »سلمي« للسلطة في البلاد. وعبر متحدث باسم وزارة الخارجية التونسية في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء التونسية الرسمية، عن »استغرابه الشديد من التصريحات التي تنمّ عن عدم تحرّ في صحة المعلومات وتسرع غير مبرر في إطلاق الأحكام على البلدان الأخرى«. وجاء هذا التصريح كرد على المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر الذي أعلن الجمعة أن واشنطن »قلقة للغاية حيال تراجع الحريات السياسية، وخصوصا القيود الشديدة على حرية التعبير في تونس« بعد إصدار حكم السجن على فاهم بوكدوس. وقد انتقد بيان الخارجية التونسية التصريحات الأمريكية التي وصفت بوكدوس ب»الصحفي المستقل«، حيث قالت تونس إن المعني بالأمر لم ينتم قطّ -في الماضي أو الحاضر- إلى مهنة الصحافة ولم يحمل قط البطاقة الصحفية، مضيفا أن »الأطراف التي تحاول إضفاء الصفة الصحفية عليه إنما ترمي من وراء ذلك إلى التضليل«. وفي محاولة لنفي أي علاقة للموضوع بحرية الصحافة، قال بيان الخارجية التونسية إن إصدار حكم بالسجن بحق بوكدوس إنما جاء »لتورطه في جريمة الانخراط في عصابة إجرامية ومشاركته في التحضير لارتكاب اعتداءات على الأشخاص والأملاك«. وأضاف البيان أن التحقيقات أثبتت أن »المدان شارك ضمن هذه العصابة في إعداد الوسائل المادية اللازمة من أجل تنفيذ هذه الاعتداءات إضافة إلى التحريض على العصيان المدني والتصادم مع رجال الأمن«. وفي معرض رده على الاتهامات المذكورة، نفى بوكدوس التهم الموجهة إليه، متهما السلطات بمحاولة الانتقام منه لأنه كان الصحافي الوحيد الذي غطى حصريا عام 2008 أحداث الحوض المنجمي وكسر التعتيم الرسمي الذي فرض على هذه الأحداث، حسب قوله. وقد صرح رضا الرداوي محامي بوكدوس بأن المحكمة أصدرت حكمها غيابيا على موكله أثناء إقامته في المستشفى مما يعد »خرقا« للقانون التونسي الذي ينصّ على تأخير النظر في قضية كل متهم تمنعه أسباب قاهرة مثل المرض أو الإقامة بالمستشفى من حضور المحاكمة. وتعود فصول هذه القضية إلى النصف الأول من العام 2008 حيث شهدت منطقة الحوض المنجمي التابعة لمحافظة قفصة الغنية بالفوسفات مظاهرات احتجاجا على تزوير نتائج مسابقة توظيف بشركة »فوسفات قفصة« الحكومية التي تعد جهة العمل الرئيسية في منطقة تعرف مستويات مرتفعة من بطالة الشباب. وقد انتهت هذه الاحتجاجات باشتباكات دامية بين الشرطة ومتظاهرين أسفرت عن مقتل اثنين من المحتجين برصاص قوات الأمن قبل أن تنشر السلطات التونسية قوات الجيش لإعادة الهدوء إلى المنطقة. في أولى ردود الفعل السياسية الداخلية، طالب الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي المعارض أمس السبت بإلغاء المتابعات القضائية الصادرة في حق الصحفي فاهم بوكدوس، كما دعا الحزب إلى ضرورة انتقال »سلمي« للسلطة في البلاد. فقد شددت الأمينة العامة للحزب مية الجريبي -خلال نشاط حزبي بتونس تحت عنوان »مؤتمر وطني حول مستقبل الجمهورية«- على ضرورة إلغاء الأحكام الصادرة في حق بوكدوس المدان _حسب رأيها- لكونه »مارس عمله الصحفي فقط«. من جهته أدان الزعيم التاريخي للحزب أحمد نجيب الشابي الإجراءات التي تسعى إلى »إرهاب الصحفيين التونسيين«، في إشارة إلى عدد من القضايا التي حوكم فيها على الصحفيين بالسجن ومنهم زهير مخلوف وتوفيق بن بريك. وفي معرض تقديمه لرؤيته الإصلاحية للمشهد السياسي، اقترح الحزب تحديد الولايات الرئاسية في اثنتين، وضمان حرية الصحافة والتعبير، إضافة إلى إصدار قانون عفو عن المعتقلين السياسيين.