عرف صندوق الزكاة للعام الماضي، أي سنة 2010 رغم كلّ الانتقادات التي وُجّهت له من طرف العديد من الأصوات المعارضة له، قفزة نوعية من حيث قيمة الأموال التي جمعت، والتي فاقت 100 مليار دينار عبر كلّ التراب الوطني، فيما حصدت العاصمة لوحدها أكثر من 19 مليار دينار استفاد منها أكثر من 19 ألف مواطن، وبذلك تكون أموال المحسنين من خلال صندوق الزكاة قد فرّجت كربات ما لا يقلّ عن 19 ألف عائلة في العاصمة وحدها· وللتعرّف أكثر على أسباب هذا الارتفاع الملحوظ في قيمة الزكاة للحملة التاسعة لصندوق الزكاة، أي الخاصّة بالعام الماضي وللاطّلاع بالتفصيل على وِجهات أموال الزكاة والمستفيدين منها، وهذا لا لشيء إلاّ لنزع اللّبس لدى المواطنين الذين ما زالوا مرتابين ولم يتكيّفوا بعد مع هذا الصندوق بسبب الدعاية المغرضة التي قادها البعض من الأفراد الحاملين لخلفيات معيّنة أو لهم أسباب خاصّة دعتهم ربما لتوجيه بعض الاعتراضات ربما سعيا منهم إلى فرض الرقابة أكثر من أجل ضمان وصول الأمانات إلى أهلها، كانت وجهتنا إلى الهيئة المعنية· *** مداخيل صندوق الزكاة في تصاعد بعيدا عن كلّ هذه الآراء توجّهنا إلى مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر وأخذنا تجربتها كنموذج للحملة السابقة لصندوق الزكاة، خاصّة مع القيمة المالية المعتبرة التي استطاعت العاصمة الوصول إليها بأكثر من 19 مليار دينار، وعلى خلاف ما توقّعنا وما شاع بين النّاس فإنه على مستوى مكتب الزكاة الخاص بمديرية الشؤون الدينية للعاصمة كلّ شيء منظّم ومحسوب بدقّة، حتى أن وزارة الشؤون الدينية وتجنّبا للوقوع في الحرج من احتمال وقوع بعض الموظّفين الشباب في الأخطاء التي قد تكون نتائجها وخيمة على مسار الزكاة ككلّ تمّ الاستعانة بخبرات سابقة في قطاع الشؤون الدينية لها باع في هذا المجال، فالكفاءة المهنية تؤهّلها لحمل هذه الأمانة الثقيلة التي أوكلت إليها. ففي مكتب الزكاة تعرّفنا على الأستاذ يوسفي وهو متقاعد من سلك الشؤون الدينية والآن يعمل كمتعاون مكلّف بتوجيه وتقديم خبرته للموظّفين الشباب في هذه المصلحة، بالإضافة إلى موظّف آخر متقاعد والذي أعيد توظفيه كمتعاون في منصب مقتصد بالنّظر إلى خبرته الطويلة في هذا المجال· والملاحظ في هذه المصلحة أنها تعرف حركة دؤوبة ولا تهدأ أبدا، فلقد صادفت زيارتنا لمديرية الشؤون الدينية البدء في حملة تحسيسية كبرى بمناسبة انطلاق الحملة العاشرة لصندوق الزكاة، وهذا من أجل تدعيمها ونشر الوعي بين المواطنين فكانت فرصة لنا للتعرّف على كيفية سير الأمور خلال مدّة الحملة، والتي تدوم ثلاثة أشهر وستعرف نتائجها في شهر مارس القادم· وحسب مكتب الزكاة الذي خصّ (أخبار اليوم) بتفاصيل الحملة السابقة لصندوق الزكاة، فإن المبلغ الذي جمع في صندوق الزكاة للعام الماضي والذي قدّر بأكثر من 19 مليار دينار كان شيئا ملفتا للانتباه، خاصّة بالمقارنة مع حصيلة السنوات الماضية. ففي سنة 2010 قدّرت القيمة بأكثر من 3 ملايير ونفس القيمة تقريبا في السنوات السابقة، وفي 2009 قدّرت بأكثر من 4 ملايير، ومن خلال الأرقام التي قدّمت لنا من طرف مكتب الزكاة ونيابة عن مدير الشؤون الدينية فإن حصيلة هذه السنة كانت جدّ مرتفعة إلاّ أنها لا تقارن مع ما تجمعه البلدان العربية الأخرى في حملات زكاتها، والتي استطاعت تحقيق الكثير من الإنجازات حتى الاقتصادية بفضل صندوق الزكاة. وحسب مكتب الزكاة فإن القيمة التي جمعت وزّعت بكلّ شفافية على مستحقّيها حسب ما تنصّ عليه الشريعة الإسلامية والقانون المعمول به في الجزائر والخاص بصندوق الزكاة، والذي يقرّ بمنح 50 بالمائة لزكاة المال، أي يستفيد منها الفقراء والمساكين حسب الآية الكريمة المبيّنة للفئات المستحقّة للزكاة، و37.5 موجّهة للقارض الحسن، أي الاستثمار والباقي لفائدة العاملين عليها كما تنصّ نفس الآية التي استنبط منها العلماء هذه الفئات. وعملا بهذه المبادئ فقد استفاد من أموال صندوق الزكاة الخاصّة بالعاصمة أكثر من 19 ألف مواطن يعيش الفقر والحاجة، أمّا الذين استفادوا من زكاة الاستثمار فقد قدّروا بحوالي240 شابّ وشابّة من مختلف الفئات والتخصّصات والذين اختيروا بعد إجراء قرعة لأكثر من 500 مرشّح للاستفادة من أموال القرض الحسن، والذين كانوا قد وضعوا ملفّاتهم على مستوى اللّجان المسجدية المتواجدة عبر كلّ مناطق العاصمة، ثمّ أرسلت الملفات إلى الدائرة لدراستها من طرف اللّجنة القاعدية ومن ثمّة اللّجنة الولائية التي تقوم بآخر مراحل الدراسة والتحليل والتدقيق في الملفات، وفي الأخير ترسل الملفات إلى اللّجنة الولائية من أجل المصادقة النّهائية عليها، وهذا الإجراء خاص بكلّ من زكاة الأموال الخاصّة بالمحتاجين والذين بلغت قيمة استفادتهم لهذا العام 5 آلاف دينار، وهو نفس الإجراء كذلك بالنّسبة لزكاة الاستثمار إلاّ أن القرعة تكون في آخر المطاف بالنّسبة للمرشّحين لنيل هذا القرض من أجل اختيار عدد منهم وهذا على حسب الأموال التي جمعت للزكاة. فقد استفاد 240 شخص من هذا القرص في الموسم الماضي بعد إجراء القرعة في آخر شهر مارس في المسجد الكبير، حيث سلّم لكلّ واحد منهم عقد الاستفادة الذي يحدّد القيمة المالية، والتي قدّرت ب 30 مليون لكلّ مستفيد، وما على هؤلاء المستفيدين إلاّ التوجّه إلى بنك البركة المتعامل الرئيسي مع مديرية الشؤون الدينية فيما يخصّ القرض الحسن، حيث ترسل إلى البنك قائمة النّاجحين في القرعة، ويقوم البنك من جهته بالتأكّد من ملف المرشّح ولا يمنحه صكّ المال إلاّ إذا كان ملفه كاملا· *** محامون وأطبّاء يستفيدون من زكاة الاستثمار على الرغم من أن أغلب المستفيدين من زكاة الاستثمار لهذا العام اختاروا مجال النّقل وبعض الحرف التقليدية، حيث مثّلوا نسبة كبيرة من مجمل المستفيدين، إلاّ أننا وجدنا أنه حتى الأطبّاء والمحامون شكّلوا نسبة معتبرة من المستفيدين، فهناك منهم من يمتلك مكتبا ويفتقر إلى المال من أجل تجهيزه كأطبّاء الأسنان مثلا ومنهم من يريد إقامة مكتب خاصّ به. كما لاحظنا من خلال قائمة المستفيدين التي عرضت علينا من طرف مكتب الزكاة أن هناك إقبالا خاصّا من طرف مختلف التخصّصات والمجالات، فليس كما هو شائع أن هذه الزكاة مخصّصة لبعض الفئات فقط، فالقرض الحسن لهذا العام أتبث أنه قادر على جلب انتباه العديد من الفئات، كربّات البيوت اللواتي يرغبن في تحسين أوضاعهن، فمثلا هناك من قامت بوضع ملف لطلب الاستفادة من القرض الحسن من أجل شراء أبسط شيء وهو فرن تقليدي وبعض الأواني من أجل صنع الخبز التقليدي وبيعه للمحلاّت ولم تتجاوز تكلفة ما طلبت 5 ملايين دينار فكان لها ذلك وساعدها القرض الحسن في الخروج من دائرة الفقر والاستغناء عن مدّ اليد للنّاس. وكان من بين المستفيدين أيضا أفراد أصحاب شهادات وحرف مختلفة، فلم تنحصر فئة المستفيدين في مجال واحد، فلا حصر لكلّ الاختصاصات والحرف والصناعات التي اختارها هؤلاء المستفيدون من أجل البدء في مشاريعهم المصغّرة ومن ثمّة الانطلاق في عالم الشغل والنّجاح. إذ يوجد من بين المستفيدين من صندوق الزكاة عبر حملاته التي بدأت منذ 2004 حوالي 748 مستفيد، حيث يوجد منهم من تحوّل من مستفيد من الزكاة إلى مزكّي بعد أن خرج من دائرة الحاجة من خلال نجاح مشاريعه، وهي ليست نماذج حصرية وإنما عديدة لمسها العاملون في مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر على أرض الواقع بعد أن تلقّوا العديد من طلبات المساعدة من طرف أشخاص كانوا في البدء مجرّد مستفيدين من صندوق الزكاة، فعلى الرغم من قلّة المبلغ الممنوح لهم إلاّ أنهم استطاعوا الاعتماد عليه والانطلاق لتحسين أوضاعهم· *** إشراك المؤسسات الاقتصادية الكبرى في الحملة العاشرة للزكاة سيتوجّه بداية من هذا الأسبوع الأئمة النّاشطون على مستوى اللّجان المسجدية والقاعدية التابعة لمديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر إلى مختلف المؤسسات الاقتصادية والتجارية، بالإضافة إلى معظم التجّار النّاشطين في العاصمة على اختلاف نشاطاتهم التجارية، وهذا بناء على تعليمة صادرة من وزارة الشؤون الدينية بضرورة حثّ الطبقة الميسورة من المجتمع الجزائري على وضع زكاة أموالها في صندوق الزكاة من أجل استعماله في شتى المجالات الموجّهة إليه، كتقديم الإعانات المالية التي تقدّر ب 50 بالمائة للعائلات الفقيرة عن طريق إحصائها في المقاطعات الإدارية تحت إشراف كلّ من اللّجنة المسجدية والقاعدية واللّجنة الولائية المتواجدة على مستوى مديرية الشؤون الدينية. كما يخصّص 37 من هذه الأموال للقرض الحسن، أي الاستثمار الخاص بالشباب العاطلين عن العمل والباحثين عن فرصة لإثبات كفاءاتهم والحرف التي يتقنونها والخروج من دائرة الفقر والعوز، وهذا لإنجاح هذه الحملة العاشرة من صندوق الزكاة على مستوى ولاية الجزائر وللحصول على نتيجة مشابهة للعام الماضي أو أحسن من ذلك. ففي العام الماضي جمعت صناديق الزكاة في ولاية الجزائر مبلغا قيّما قدّر ب 19 مليار، لهذا فإن الحملة التحسيسية لهذا العام ستكون مميّزة وتحمل الجديد من خلال توجّه الأئمة إلى المؤسسات التجارية والاقتصادية النّاجحة المتواجدة على مستوى مقاطعتهم وستكون مؤسسات الاتّصال على رأس هذه القائمة بالنّظر إلى الأرباح الكبيرة التي تجنيها على طول العام، وسيمنحون رسالة موقّعة من اللّجنة الولائية تحصّلت (أخبار اليوم) على نسخة منها وهي تضمّ على العموم بعض التوجيهات الخاصّة بضرورة المسارعة إلى صبّ زكاة أموال هؤلاء المستثمرين في صندوق الزكاة لينتفع منه العديد من الفئات. وسيصاحب هذه العملية حملة تحسيسية شاملة من خلال المساجد، كما سيتمّ إلصاق لافتات ضخمة في المراكز العامّة والمؤسسات العمومية من أجل تنبيه الغافلين عن فرض الزكاة من جهة وعن فضائل ومنافع صندوق الزكاة لمختلف العائلات الجزائرية·