جدد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، عزم الجزائر على مواصلة الجهود من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي وتحويل المنطقة إلى فضاء يسوده الاستقرار والتعاون والرخاء. وقال رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة التونسية: ''إننا نحيي ما تحقق للديمقراطية من نقلات في مغربنا العربي الكبير وإننا على يقين من أنها كفيلة حقا بفتح الباب أمام استئناف بناء الاتحاد المغاربي''. مضيفا ''أننا عاقدون العزم على مواصلة الجهود من أجل تفعيله وتحويل منطقتنا إلى فضاء يسوده الاستقرار والتعاون والرخاء المتقاسم''. وبعد أن أعرب عن سعادته بالمشاركة في إحياء الذكرى الأولى للثورة التونسية، أكد الرئيس بوتفليقة أن هذه الثورة ''كتبت صفحة جديدة من تاريخ تونس الحافل بالأمجاد''. كما حيا باسم الجزائر ''الغيورة على ما يربطها بتونس الأبية من وشائج القربى والتاريخ المشترك، الشعب التونسي الشقيق تحية الإكبار لما أنجزه بنفسه لنفسه في تغيير ما كان عليه وتحقيق أسباب العيش الكريم في كنف الدولة الديمقراطية الصالحة الحكامة''. وترحم رئيس الجمهورية بهذه المناسبة ''ترحم الإجلال والتعظيم على أرواح شهداء ثورة تونس المباركة''. معتبرا أن الشعب التونسي ''أهل لإعجابنا بما أبداه من عزيمة وإقدام على استرجاع زمام مصيره معولا على إجماع وطني لا يتزعزع ولا رجعة فيه''. ''إننا في الجزائر-يضيف الرئيس بوتفليقة- نتفاءل خيرا بنصر الشعب التونسي هذا ونتمنى أن تتحقق طموحاته وآماله في بناء مستقبل ميمون كله رغد ورخاء''. مستطردا ''أننا سعدنا كلما أضفتم لبنة جديدة تتحقق بها إعادة بنائكم صرح دولتكم على الأسس التي سيرتضيها لها شعبكم من خلال الدستور الجديد الذي سيتبناه''. وقال رئيس الجمهورية ''إن تونس تزخر بمؤهلات وقدرات قمينة بتمكينها من دخول مرحلة جديدة من تاريخها وهي تتمتع بالوسائل الكفيلة بتأهيلها للتكيف مع تحولات العصر لأنها تملك من القدرات الموضوعية ما يمكنها من الاستجابة لتطلعات الشعب المشروعة''. واعتبر رئيس الجمهورية أن إعادة البناء التي باشرها الشعب التونسي ''تعد تحديا جسيما ستمكنه لا محالة من مغالبته بفضل ما هو عليه من تجند وبفضل تمسكه بالحوار الدائم والعمل من أجل تحقيق التوافق والإجماع الوطني حول هذا المسعى الذي لا غنى فيه عن الصبر والرصانة والمثابرة''. وبخصوص العلاقات بين الجزائروتونس، أكد الرئيس بوتفليقة أنها ''كانت وما تزال علاقات قوية مكثفة ومثالية'' مضيفا ''أننا كنا وما زلنا أوفياء للأخوة التي تجمع بيننا، الأخوة التي توجب علينا أكثر من أي وقت مضى أن نرص بنيان التضامن والتكافل بين بعضنا البعض''. وجدد رئيس الجمهورية في ختام كلمته تهانيه وتمنياته بالتوفيق لكافة مسؤولي تونس وقادتها متمنيا لهم ''السداد والتمسك بوحدة الكلمة والنجاح في الوصول بوطنهم إلى ما يحبه الشعب التونسي العظيم ويرضاه''. وقد غادر رئيس الجمهورية بعد ظهر أمس العاصمة التونسية عائدا إلى أرض الوطن. وكان رئيس الجمهورية أجرى، أمس، بقصر قرطاجبتونس، محادثات على انفراد مع الرئيس التونسي السيد محمد منصف المرزوقي، حيث جرى اللقاء على هامش الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الشعبية التونسية. كما التقى الرئيسان بوتفليقة والمرزوقي على إثر هذه المحادثات أمير دولة قطر حامد بن خليفة آل-ثاني. كما كان ضيف مأدبة غداء أقامها الرئيس التونسي بقصر قرطاج على شرف رؤساء الدول والملوك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الشعبية التونسية. وللإشارة، فقد كان في استقبال رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لدى وصوله إلى مطار قرطاج الدولي الرئيس التونسي السيد محمد منصف المرزوقي. وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية أن زيارة الرئيس بوتفليقة لتونس تندرج في إطار تعزيز العلاقات ''الأخوية المتميزة'' بين الجزائروتونس. كما ستكون ''فرصة لتبادل الرؤى ووجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك على ضوء المستجدات التي تشهدها منطقتنا المغاربية والعربية''. إلى جانب كونها أيضا ''فرصة لمزيد من التنسيق والتشاور بين الجزائروتونس وتوطيد روابط الأخوة والتضامن القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين''. وتتميز العلاقات الجزائرية-التونسية الاستراتيجية الضاربة في القدم، بالتواصل المستمر والمكثف والمتنوع للتعاون الثنائي في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة للشعبين وفق ما أجمع عليه المسؤولون في البلدين في العديد من المناسبات. كما يستنتج من خلال مختلف اللقاءات والمباحثات السياسية التي جمعت بين المسؤولين في البلدين، الأهمية التي يوليها الطرفان لاستشراف آفاق هذا التعاون وبلورة أنجع الصيغ والآليات لإعطائه الدفع المنشود وإثراء مضامينه وتنويع مجالاته في نطاق شراكة فاعلة ودائمة تستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل. وبعد ثورة ''الياسمين'' التي أطاحت بالنظام السابق في 14 جانفي 2011 لم يفت رئيس الجمهورية السيد عبد العزير بوتفليقة التعبير عن ''ثقته'' في أن يتمكن هذا البلد بفضل ''العبقرية التونسية الأصيلة'' من العبور إلى بر الأمان وتحقيق رفاهية الشعب التونسي. وكانت الجزائر قد جددت ذات الموقف بعد انتخاب الرئيس التونسي السيد منصف المروزقي، حيث أكد السيد عبد العزيز بوتفليقة ''عزمه الراسخ على تعزيز عرى الأخوة الوثيقة وعلاقات التعاون المتميزة القائمة بين البلدين خدمة لمصلحة الشعبين الشقيقين''. وأظهر اجتماع اللجنة المشتركة للتقييم والمتابعة خلال شهر جوان المنصرم ''حرص'' البلدين على ''تجاوز'' الظروف الاستثنائية، التي مرت بها تونس بعد ثورة 14جانفي 2011 وسعيهما المشترك لتفعيل آليات التعاون الثنائي خلال المرحلة القادمة. كما تمثلت أهمية هذا الاجتماع في الشروع في تنفيذ مجمل برامج التعاون ورسم الملامح الأولى للمزيد من المشاريع المستقبلية الكبرى بين الجانبين. وتطرق الوفدان بمناسبة انعقاد آخر اجتماع للجنة المتابعة والتقييم إلى السبل الكفيلة بدعم التعاون في القطاعات الهامة التي تستقطب الاهتمام المشترك لاسيما مجالات الطاقة والمناجم والاستثمار والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والسياحة، فيما أكد الجانبان الأهمية القصوى التي يكتسيها الاتفاق التجاري التفاضلي الموقع بين البلدين عام .2008 وكانت الجزائروتونس قد وقعتا خلال شهر ديسمبر من سنة 2010 على 12 وثيقة تخص التعاون في القطاعات الاقتصادية والثقافية والخدماتية من أبزرها اتفاق التعاون بين الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار والوكالة التونسية للاستثمار الخارجي الذي من شأنه دعم وترقية الاستثمارات بين الدولتين، علما بأن حجم المبادلات التجارية بين تونسوالجزائر قد بلغ عام 2010 زهاء 600 مليون دولار أي بزيادة تقدر ب5,6 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2009 فيما تشير تقديرات سنة 2011 إلى بلوغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو 700 مليون دولار.