** بعد أن ينتهي إمامُ المسجد من الصلاة وأثناء الأذكار المسنونة بعد كل صلاة· هل يُسنُّ له أن يحوِّل وجهَه إلى المصلين ويستقبلهم أم يُسن له أن ينحرف إلى اليمين أم ينحرف إلى اليسار؟ ما هو المسنون في ذلك؟ وجزاكم الله خيرا· * من السنة أن يقبل الإمام على المأمومين بوجهه إذا سلم من الصلاة، وأن لا يستمر مستقبل القبلة، فقد بوب البخاري لذلك فذكر في (باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم) حديث سمرة بن جندبٍ، قال: كان رسول الله إذا صلى صلاةً أقبل علينا بوجهه· قال الحافظ ابن حجر: فالمعنى إذا صلى صلاة ففرغ منها أقبل علينا لضرورة أنه لا يتحول عن القبلة قبل فراغ الصلاة· انتهى· وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام· قال الحافظ ابن حجر أيضا: المراد بالنفي المذكور نفي استمراره جالسا على هيئته قبل السلام إلا بقدر أن يقول ما ذكر، فقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه· انتهى· وفي حال انتهائه من السلام واستقباله للمأمومين يجوز له أن ينصرف عن يمينه أو ينصرف يساره، كل ذلك ثابت في السنة، وإن كان بعض العلماء استحب الانصراف عن اليمين· قال البخاري: باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال وفي صحيح مسلم: عَنِ السُّدِّيّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا كَيْفَ أَنْصَرِفُ إِذَا صَلَّيْتُ عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ· قال في عون المعبود: قال النووي في حديث ابن مسعود: لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءا لا يرى إلا أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه· أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله· وفي حديث أنس: أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه· وفي رواية كان ينصرف عن يمينه· وجه الجمع بينهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل واحد بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه· فدل على جوازهما ولا كراهية في واحد منهما· وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فالانفتال والانصراف عن اليمين والشمال جائز عند العلماء لا يكرهونه، لما ثبت عن الرسول في هذا الباب، وإن كان انصرافه عليه السلام عن يمينه أكثر، لأنه كان يحب التيامن في أمره كله، وإنما نهى ابن مسعود عن التزام الانصراف من جهة اليمين، خشية أن يجعل ذلك من اللازم الذي لا يجوز غيره· انتهى·