روى الإمامان أحمد ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)· يقول الدكتور محمد رأفت عثمان في شرح الحديث: معنى (بطر الحق) أي دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا، ومعنى (غمط الناس) وفي رواية (غمص الناس) والكلمتان بمعنى واحد-أي احتقار الناس· والحديث يتضمن أمورا عديدة منها: - أن الكبر مانع من دخول الجنة وإن بلغ في القلة إلى الغاية، ولهذا ورد التحديد بمثقال ذرة· - العلماء مختلفون في المعنى، فالخطابي يذكر فيه وجهين، أحدهما، أن المراد التكبر على الإيمان، فصاحبه لا يدخل الجنة أصلا إذا مات عليه، والوجه الثاني، أنه لا يكون في قلبه كبرٌ حال دخول الجنة، كما قال تعالى (ونزعنا ما في صدورهم من غل)· - لم يقتنع النووي بهذين الوجهين، وقال فيهما بعد، وذلك لأن الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع عن الناس واحتقارهم ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحتمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب، بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها بدون مجازاة إن جازه، وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة، (نيل الأوطار للشوكاني ج 2 ص 109).