أثارت دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بتربية نشء متدين غضب العلمانيين الأتراك الذين اعتبروا تلك الدعوة مقدمة لما أسموه (الدولة الدينية)· وكان أردوغان قد قال في كلمة أمام البرلمان التركي الأسبوع الماضي: (نريد تربية نشء متدين)، وقال للمعارضة: (هل تنتظرون من حزب محافظ وديموقراطي مثل العدالة والتنمية أن ينشئ جيلاً من الملحدين؟ ربما يكون هذا شأنكم ورسالتكم، لكنه ليس شأننا، سننشئ جيلاً ديموقراطيًّا محافظًا يؤمن بقيم ومبادئ أمتنا)· وقد أثار هذا الكلام غضب وقلق العلمانيين الأتراك الذي يتهمون أردوغان وحزب العدالة والتنمية ذا الجذور الإسلامية بالعمل شيئًا فشيئًا على (أسلمة المجتمع التركي) على حدّ تعبيرهم، وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض -الذي أسسه كمال أتاتورك- كمال كيلشدار أوغلو: إن (اجتذاب الأصوات باستخدام الدين خطيئة)، واصفًا أردوغان بأنه (أحد تجار الهيكل)· ومن ناحيته، كتب الصحافي حسان جمال في صحيفة (ميلييت) الليبرالية مقالاً قال فيه: (أطرح السؤال على رئيس الوزراء: ماذا عليَّ أن أفعل إذا كنتُ لا أريد أن ينشأ طفلي على الدين والتربية المحافِظة؟) والعياذ بالله، وتساءل الصحافي محمد علي بيراند في صحيفة (حرييت ديلي نيوز) قائلاً: (ماذا يعني القول بأن الدولة ستنشئ جيلاً متدينًا؟ هل يكون ذلك الخطوة الأولى نحو دولة دينية؟)· وزعم الكاتب سميح إيديز في صحيفة (حرييت) أن ملايين الأتراك (اتبعوا أسلوبَ حياةٍ علمانيًّا) حتى قبل قيام الجمهورية عام 1923، ولا يمكن فرض أي قالب سياسي أو ديني على تركيا، وقد تساءل الصحافي محمد علي بيراند عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه التغييرات، متخوفًا من اعتراض الرقابة على (الممثلين الذين يتبادلون القبلات!) أمام عدسات الكاميرا، وأضاف: (بعد ذلك سيأتي دور المؤسسات الدينية ثم البلديات وستشهد كل أشكال تعليم القرآن المشروعة وغير المشروعة ازدهارًا)؟! على حد تعبير هذا الكاتب المستهتر· جدير بالذكر أن أردوغان قد أثار غضب الإسلاميين في مصر حينما صرح في برنامج مصري، وقال: (بصفتي الشخصية فأنا مسلم ولست علمانيًّا، لكنني رئيس وزراء دولة علمانية، وللناس في النظام العلماني حرية الاختيار بين أن يكونوا متدينين أم لا)، وأضاف: (الدستور التركي يعرِّف العلمانية على أن الدولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان)·