لقد كان أغلب الأولياء في الماضي يقومون بفرض مراقبة صارمة على أولادهم المتمدرسين، حيث تجدهم يقسمون وقتهم ما بين العمل وانشغالات البيت ومراقبة دروس أبنائهم، حيث كان أغلب التلاميذ خاصة تلاميذ الابتدائي والمتوسط، يخضعون إلى مراقبة مكثفة لدروسهم من طرف الأولياء، إذ تجد بعض الأولياء يضعون مواعيد من أجل مراجعة الدروس مع أولادهم، وهو ما كان له أثر حسن على مشوار هؤلاء الدراسي، إذ أن أغلب تلاميذ الجيل الماضي قد تفوقوا في دراستهم، فمنهم من نال شهادات عليا كالماجيستر والدكتوراه، ومنهم من تحصل على شهادته الجامعية وأصبح إما معلما أو مهندسا أو طبيبا· غير أننا في الآونة الأخيرة، بتنا نسمع الكثير عن تراجع مسؤولية بعض الأولياء حول دورهم في متابعة دروس أبنائهم، إذ اختلفت الأسباب وانصبت كلها حول موضوع واحد وهو انشغالاتهم الكثيرة بالعمل ومسؤوليات البيت الأخرى، خصوصا وأنه في الآونة الأخيرة أصبح هم الوالدين هو طريقة تأمين لقمة العيش لأبنائهم لا غير، ما اضطر حتى الأم في بعض الأحيان إلى الخروج للعمل، رغبة منها في مساعدة زوجها من أجل تأمين ظروف معيشية أحسن، أما البعض الآخر منهم فيعمل جاهدا على مراقبة دروس أبنائه وما عليه من واجبات، خاصة أولئك الضعاف أمام أطفالهم، والذين قاموا بتربيتهم وتعويدهم منذ الصغر على فعل ما يريدون وما يريحهم، ومن أجل ذلك فقد انتهج هؤلاء الأولياء سياسة جديدة لمراقبة الدروس، إذ ومن أول وهلة لدخول الطفل إلى البيت، تسأله الأم أو الأب عن الواجبات والتمارين التي طلب منه حلها، لا لسبب سوى من أجل القيام بحلها، وهو الأمر الذي زرع نوعا من التكاسل والاتكالية عليهم، وحجتهم في ذلك هي إظهار أبنائهم المدللين بثوب التلميذ النجيب والمتفوق، وكذا خوفا عليهم من توبيخ ومعاقبة الأساتذة لهم· وفي هذا السياق اقتربنا من بعض الأولياء الذين كانت لهم آراء مختلفة حول الموضوع، إذ تقول السيدة (ب· شهرزاد) وهي أم لطفلين، الأول في الثانية متوسط، والآخر في الثالثة ابتدائي، إنها تقوم بمراقبة سير دروس ابنيها، غير أنها تجد نفسها في بعض الأحيان مجبرة على مساعدتهم على حل بعض الوظائف المنزلية التي طلبت منهما، لتعقب أنها لا تظن بأن هذا الأمر يؤثر على مستقبلهما الدراسي، لأنه لا ضرر من مساعدتهما في بعض الأحيان، ولكن ما يجب الحيطة منه هو عدم تعويدهم على الأمر· سيد آخر قال بأن هذا الأمر أصبح حقيقة لابد منها، فأنا واحد من الأولياء لذي يقوم بمساعدة أبنائه، أو بالأحرى أكاد أقوم بجل ما يطلب من ولدي الذي يدرس في السنة الرابعة ابتدائي، ليضيف بأنه كيف لتلميذ لم يتجاوز التاسعة من عمره، يدرس تقريبا من 08 صباحا إلى 15 مساءً، وزد على ذلك تعطى له واجبات منزلية كثيفة، يمكن أن تصل إلى أربع مواد يوميا، ما بين كتابة وحل تمارين للغة الفرنسية، تمارين في الرياضيات، وأخرى في اللغة العربية، والقائمة طويلة، ليعقب أنه يعلم تماما عواقب فعله هذا، غير أنه يضيف قائلا بأن المشكل في كل هذا هو المنظومة التربوية الجديدة، التي هي في الحقيقة المدمرة للفكر، فهي لا تتيح الفرصة للتلميذ أن يتعلم أو ينمي قدراته، بقدر ماهي حشو وبالقوة للمعلومات التي فاقت قدرات التلاميذ· سيدة أخرى تصف نفسها بأنها من أشد الأولياء المتعصبين لمراقبة سير الدروس وقيام الأولاد بواجباتهم المدرسية لوحدهم، غير أنها تجد نفسها تساعد طفلتها الوحيدة على حل البعض منها، خاصة وأن المشكل الوحيد الذي تعاني منه طفلتها يتعلق بمادة التعبير الكتابي، الذي تبقى دائما عاجزة على تحرير ولو أسطر قليلة منه، لتضطر هي إلى تحريره بالكامل، غير أنها أصبحت تتخوف كثيرا من الوضع، خاصة وأن طفلتها مقبلة على اجتياز شهادة التعليم الابتدائي، ومثل هذا الأمر لا يصب في صالحها، ومن الممكن أن يؤثر على نتائجها في الامتحان المصيري، لتعود وتقول إن كثافة الدروس واكتظاظ الأقسام أثر كثيرا على التلاميذ، وأغلبهم يعودون إلى البيت منهاري القوى تماما، ولهذا السبب فإن أغلب الأولياء يقومون بحل واجبات أبنائهم المنزلية، لتضيف أن هناك من يقوم بحل وكتابة الواجبات، خاصة أولئك الذين يعرفون كيفية تقليد خط أبنائهم، وفي الأخير تقول بأنه يجب على الأولياء الاكتفاء فقط بمساعدتهم على فهم هذه الواجبات وليس حلها من أجل الحصول على جيل واعد بإمكانه تحمل المسؤولية· ولمعرفة رأي الأساتذة والمعلمين حول هذه الظاهرة الغريبة، قمنا بزيارة لأحد المدارس الابتدائية بعين النعجة، وهي مدرسة (محمد بوراس)، حيث التقينا بإحدى المدرسات هناك، والتي تقول بأنه من الأخطاء الشائعة التي يقوم بها بعض الأولياء وتكون السبب في تعلم الطفل الاتكالية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، هي أنهم يقومون بحل الواجبات المدرسية بدلا عنهم، حيث أن بعض التلاميذ يقدمون الواجبات المدرسية لأوليائهم للقيام بحلها، بسبب تقاعسهم أو لرغبتهم في الحصول على الحل الصحيح دون بذل أي جهد، لتضيف محدثتنا بأنها تدرك إمكانيات كل واحد من تلاميذها، والدليل على ذلك، هو أن بعضهم يحل التمرين صحيحا في كراسته، في حين لا يقدر على حل عملية بسيطة أو مسألة صغيرة على السبورة، مستنكرة بشدة هذه التصرفات التي يقوم بها الأولياء، ومؤكدة في نفس الوقت أنهم بذلك يدمرون أبناءهم ظنا منهم أنهم يساعدونهم· وعن رأيها في تحمل الطفل للمسؤولية، تقول إن الطفل يجب أن يتعلم كيف يتحمل المسؤولية منذ الصغر، والمدرسة الابتدائية أفضل مكان لذلك، حيث تزيد مسؤوليته تجاه أدواته المدرسية التي يجب أن يحافظ عليها من التلف والضياع، وتحمل مسؤولية الإهمال الدراسي والنتائج السلبية، وذلك حتى يتولد لدى الطفل إحساس بالمسؤولية، لذا فإشراف الأولياء على القيام بكل شؤون أطفالهم لا يترك لهم المجال للاعتماد على أنفسهم، وبالتالي يؤدي ذلك إلى نشوء فرد غير قادر على تحمل المسؤولية مهما كانت بسيطة· * في مدرسة (محمد بوراس)، التقينا بإحدى المدرسات فقالت بأنه من الأخطاء الشائعة التي يقوم بها بعض الأولياء وتكون السبب في تعلم الطفل الاتكالية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، هي أنهم يقومون بحل الواجبات المدرسية بدلا عنهم، حيث أن بعض التلاميذ يقدمون الواجبات المدرسية لأوليائهم للقيام بحلها بسبب تقاعسهم أو لرغبتهم في الحصول على الحل الصحيح دون بذل أي جهد، لتضيف محدثتنا بأنها تدرك إمكانيات كل واحد من تلاميذها، والدليل على ذلك، هو أن بعضهم يحل التمرين صحيحا في كراسته، في حين لا يقدر على حل عملية بسيطة أو مسألة صغيرة على السبورة، مستنكرة بشدة هذه التصرفات التي يقوم بها الأولياء·