كثيرا ما يكون تكاسل الأبناء في أداء واجباتهم المدرسية سببا في انزعاج الأولياء، فيجد هؤلاء أنفسهم مجبرين على إنجاز الوظائف المنزلية بدلا من أبنائهم بغية إظهارهم بمظهر المتفوق، وتجنب توبيخ الأساتذة لهم من بين المظاهر التي اعتدنا على رؤيتها بشكل يومي ونحن نمر بجانب المدارس الابتدائية، قيام بعض الأولياء بحمل محافظ أبنائهم خلال ذهاب وإياب الأبناء من المدرسة، ولا عجب في ذلك، كون وزن المحفظة وصل إلى 13 كلغ، حسب إحدى الدراسات. لكن الغريب هو تساؤل الأمهات حول الواجبات المدرسية أو البحوث التي قدمتها المعلمة للتلاميذ في ذلك اليوم، وحتى تقمن بإنجازها بعد العودة إلى المنزل. في هذا الصدد، تقول السيدة كريمة، أم لطفلين متمدرسين: “عندما أعود من العمل أمر على أبنائي في المدرسة وأستفسر من المعلمة عن الواجبات المنزلية التي قدمت لهم، أوالأدوات المدرسية التي طلبتهم المعلمة منهم لإجراء الأشغال اليدوية، التي أقوم بشرائها فورا، وعندما أعود إلى المنزل أقوم بمساعدتهم في إنجازها”، ولم تنكر قيامها بحل بعض المسائل الرياضية لوحدها لابنها الأصغر سنا، تضيف في هذا السياق: “لا أجد مشكلا مع الابن الأكبر فهو يقوم بأداء واجباته المدرسية فورا بعد عودته من المدرسة، ثم يلتفت بعدها للعب على جهاز الكمبيوتر.. والمشكل نفسه يطرح مع “وسيم”، ذي الثماني سنوات، الذي يحب مشاهدة الرسوم المتحركة بجنون ويفضلها على الدراسة في البيت، ولهذا فهو لا يقوم بإنجاز واجباته المدرسية إلا وأنا واقفة عند رأسه، وفي أحيان كثيرة أساعده بحل تمرين أواثنين ليكمل هو الباقي”. وهناك من الآباء من يقوم بهذه المهمة بدل الأمهات. وفي هذا الصدد أخبرتنا السيدة سميرة، أم لثلاث أطفال، أن الوالد هو من يحرص على مراقبة سير دروس الأبناء ومدى حفظهم لها، ويراقب إنجازهم للواجبات المدرسية. وليست عادة التهرب من إنجاز الواجبات المدرسية حكرا على تلاميذ الطور الابتدائي والمتوسط وتعداه إلى طلبة الثانوية، وهو حال “مريم”، سنة ثانية ثانوي، التي تطلب من والدها مساعدتها في إنجاز الواجبات، بل وتطلب منه إنجاز كل ما له علاقة بمادة الفرنسية التي لا تفقه فيها شيئا. نفس الشيء بالنسبة لمراد الذي يطلب من أخته الأكبر منه مساعدته في القيام ببعض تمارين مادة الفيزياء، ولا يجد حرجا في طلب إنجاز بعض البحوث من والده في طريق عودته إلى البيت، خاصة أن بحوث هذه القيام لم تعد تتطلب أكثر من كتابة اسم البحث على الشبكة العنكبوتية وطبع نسخ من صفحات الأنترنت ذات علاقة بالموضوع. في هذا السياق، تقول تيجاني ثريا، أخصائية في علم الاجتماع، إن تهرب الأبناء من إنجاز الواجبات المدرسية يعود في الأساس إلى الأولياء الذين لم يعودوهم على الاعتماد على النفس. تقول المتحدثة إن هذا سينعكس سلبا على تكوين شخصية الأبناء لاحقا، ويخلق جيلا اتكاليا لا يتحمل المسؤولية وأعباء الحياة. وعليه دعت الأخصائية الأولياء إلى تعويد أبنائهم على تحمل المسؤولية من خلال القيام بأبسط الأشياء، والتي من بينها الواجبات المدرسية. كما دعتهم إلى تنظيم أوقات الأبناء وتقسيمها بين الراحة واللعب ومشاهدة التلفاز، وحتى تخصيص أوقات لبعض الأعمال المنزلية، حتى لا يشعروا بالملل عند إنجازها.